خاص ـ مراسلون
بدأ الإشكال بسيطا و سوء التفاهم متجاوزا قبل أن يكبر مع تتالي الأيام و الأحداث و لم يعد بمقدور الدبلوماسية الناعمة نكرانه حيث انعكس على خارطة التحالفات في المنطقة و التجاذبات الإقليمية
في البداية أرادت السلطات الموريتانية أن تكافئ المملكة المغربية على دعمها لانقلاب 2008 حيث قرر الرئيس بعد انتخابه أن تكون المغرب أول بلد يزوره زيارة دولة
لكن أجندة الملك الشاب أجلت تلك الزيارة عدة مرات لتوجه سلطات موريتانيا سنة 2011 دعوة للعاهل محمد السادس أجلها ديوانه أكثر من مرة ، مما فهم منه الموريتانيون أن الموضوع يتعلق بالتعامل مع موريتانيا كتابع و ليست كصديق أو شريك أو حتى ند
بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة طمحت موريتانيا إلي عضوية مجلس الأمن حيث كانت الفرصة تتعلق ببلد عربي من شمال إفريقيا يبدأ بحرف الميم " مصر ، المغرب ، موريتانيا " و كانت مصر خارجة لتوها و قد استشارت موريتانيا المغرب في رغبتها بالترشح حيث المغرب سبق أن شغل المنصب عدة مرات و بعد اعلان موريتانيا و طلبها للدعم الدولي أعلن المغرب ترشحه و ألحق هزيمة بموريتانيا حيث صوتت له دول كثيرة من بينها الجارتين السينغال و غامبيا ! ، و اعتبر الموضوع ضربة للدبلوماسية الموريتانية مع أول طموح لها ...
و في 22 دجمبر 2011 طردت سلطات نواكشوط مراسل وكالة الأنباء المغربية السيد البقالي حيث اتهمته بتكوين خلية لا تتعلق بدوره الإعلامي ، لترد المغرب بطرد نظيره في صمت من الجانبين
شيئا فشيئا بدأت سلطات موريتانيا تستعيد استقلاليتها قليلا خاصة بعد احتضان المغرب المعارض الموريتاني محمد ولد بوعماتو و لحاق السياسي المخضرم المصطفى الشافعي به و إكرامهما من العرش المغربي حيث اعتبر الأمر رسالة إلى النظام في نواكشوط
تطورت الأحداث بصمت حتى قال الإعلام المعارض في موريتانيا إن رصاصة اطويله هي من تدبير مغربي .. ؟!!
خلال سنة 2013 و في تلك الأثناء أي قبل الحادث و بعده ـ كان خبراء من الجارة الجزائر ـ العدو اللدود للمغرب ـ يدرسون مخططا للطريق الإستيراتيجي الذي سيربط نواكشوط بالجزائر من خلال طريق أطار تيندوف حيث تم إنهاء الدراسة بعد أشهر من العمل المضنى ..
تتبعت المخابرات الموريتانية الخلايا المغربية في نواكشوط و فصلت بعض العمال الذين تتهمهم بالعمالة للمغرب رغم نكرانهم لذلك ..
قلصت موريتانيا وجودها الدبلوماسي من سفير إلى قائم بالأعمال إلى مستشار أول إلى... وسط تصريح دائم بأن العلاقات طبيعية بين الجارين
رفضت المغرب تبديل سفيرها بنواكشوط عبد الرحمن بنعمر الذي يعتبره النظام الموريتاني صديقا شخصيا للمعارض ولد بوعماتو و بدأالتسريب و التسريب المضاد لنجد أننا أمام ثلاث سنوات من التوتر هذه أبرز مظاهره :
ـ مضايقات قام بها الديوان الملكي للسلطات الموريتانية خلال زيارة متزامنة للملك محمد السادس و الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى الإمارات المتحدة حيث تقول المعلومات إن الجانب المغربي تعمد مضايقة الوفد الموريتاني و التأثير على برنامج زيارة الرئيس و لقاءاته المبرمجة سلفا
ـ مصادرة عديدة للشاحنات الداخلة من المغرب و التي تحمل كميات كبيرة من المخدرات كانت آخرها واحدة تخبئ 365 كلغ من الحشيش حيث اعتبر الموضوع استهدافا للشباب الموريتاني من خلال إفساد عقولهم و زرع المشاكل الأمنية في الدولة
ـ مصادرة موريتانيا لشاحنة تحمل مصنع تزوير العملة الموريتانية فئة 5000 آلاف أوقية حيث اعتبر الموضوع محاولة لضرب الاقتصاد الموريتاني
ـ نشاط مكثف للعلاقات الموريتانية ـ الصحراوية التي كان أبرزها إيفاد موريتانيا لوزير الشؤون الإسلامية للتعزية في وفاة زعيم لبوليساريو حيث أغضب الموضوع المغرب و حركت ثكناتها لتقترب من الحدود الموريتانية كما أوعزت إلى حليفها الجنوبي السنغال لتحريك قوة عسكرية أخرى حيث باتت موريتانيا في إحدى الليالي مطوقة من الشمال و من الجنوب ؟!
ـ تأثرت العلاقات الموريتانية ـ السنغالية من الموضوع حيث يتهم المغرب بالعمل على ذلك و كان من مظاهر الرد على ذلك التوتر توقيف العمل باتفاقية الصيد التي استمرت عاما على حساب موريتانيا دون أن تفيد في شراء الود السنغالي ,, و اعتبر توقيفها ضربة اقتصادية للسنغال
ـ التوتر في ـ لكويرة ـ و هي منطقة تبعد من نواذيبو العاصمة الاقتصادية الموريتانية 7 كلم ينص اتفاق السلم على أن تظل تحت الرعاية الموريتانية حتى يتم إنهاء مشكل الصحراء الغربية
ـ رفض الملك المغربي استقبال وزير الخارجية الموريتاني لتقديم دعوة للقمة و هو أمر ردت عليه موريتانيا بالمثل حيث رفض الرئيس الموريتاني استقبال وزير الخارجية المغربي
ـ الجهود المغربية في إفساد القمة العربية التي أقيمت في نواكشوط حيث أقنعت بعض حلفائها بعدم المشاركة في هذه القمة
ـ دعم موريتانيا للصحراويين في بقائهم بالاتحاد اللإفريقي في مواجهة الجهود المغربية الرامية إلى عودة المغرب و طرد لبوليساريو
ـ الحرب الإعلامية المتبادلة بين الطرفين في المواقع المقربة من سلطات البلدين
ـ أخيرا شاهدنا العلم الصحراوي ـ خلال الأسبوع الماضي ـ أكثر من مرة في التلفزيون الرسمي الموريتاني من خلال وجوده ملصقا على آلية ابيانو تابعة لفرقة صحراوية ـ جناح لبوليساريو ـ تعمدت موريتانيا أن تشارك في مهرجان المدن القديمة الذي افتتحه الرئيس مما يعتبر رسالة واضحة لا تحتمل التأويل مفادها : نتصالح أو نفتح لكم سفارة صحراوية في نواكشوط أو بعبارة أخرى ما أثر الأعلام الصحراوية على نفسياتكم ؟!
و رغم أن العلاقات الموريتانية الصحرواية قديمة فرضتها الحرب و أقرها السلم بعدها حيث أبرم اتفاق سلام سنة 1979 و تم إبرام العلاقات في سنة 1983 لكن مستوى التحسن الذي تشهده الآن لم تعرفه منذ عهد الرئيس هيداله الذي كان حليفا للصحراء و معاديا للمغرب
نظام الرئيس عزيز ـ الصامت ـ الذي كان يأخذ العصا من الوسط و يرسل رسائل تقرأ أكثر من قراءة بدا أكثر وضوحا هذه المرة فهل يعني ذلك أنه قطع الرجاء في عودة العلاقات إلى سابق عهدها أم أنه الوخز بعدما لم ينفع الغمز ؟!!