الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم الهادي بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الصراط المستقيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أزواجه وذريته الطاهرين وعلى أصحابه البر الميامين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد فتعليقا على ما يثار منذ حين عن قضية العلم والنشيد فإني أعلق بكلمات قليلة أرجو من الله النافع أن ينفعني بها ومن أراد له البصيرة في الدين ويغوي من أعرض عن ذكره إلى يوم الدين، فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وهو الوكيل القوي المتين :
أولا : لقد ظهرت في هذه البلاد الطاهرة بلاد شنقيط منذ حين بطانة سوء تطاولت على الدين حتى نالت من ذات الله العلي العظيم ولم يسلم من ذلك النبي الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين الذي زكاه الله وشهد له فقال عز من قائل : ﴿وما ينطق عن الهوى﴾، ثم تتابعت لتنال من العلماء حماة الدين، الذين شهدوا لله بالوحدانية وشهدوا لنبيه بالتبليغ والذين جعلهم المولى عز وجل شهداء على الأمم أجمعين، وزكاهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر أنهم ورثة الأنبياء الكرام وأنهم أفضل من غيرهم من العابدين، وذلك لما وهبهم الله من البصيرة في الدين وما نالوا ذلك إلا لما جعلوا حياتهم كلها لحماية لواء هذا الدين العظيم المهيم على غيره بإرادة المهيمن الحكيم، ومما ذكرت تطاول المسمى الشيخ ولد بلعمش على الشيخ أحمد محمود ولد المصطفى في دفاعه عن العلم والنشيد، حيث قال الشيخ أن شأن العلم والنشيد من شأن الدين فجاء الشيخ ولد بلعمش ليرد على الشيخ فنسف أركان هذا الدين، فكان مما قال ولد بلعمش :
ليس أمرُ النشيد فينَا بدينٍ ***** ما عرَفْنَا أركانَهُ غيرَ خَمْسِ
فكان عليه أن يعلم -إذ أنه نسب نفسه للعلم- قبل أن يرد على الشيخ أن الشيخ أعلى منه كعبا في شؤون الدين وأدرى بما هو من الدين، ثم كان عليه أن يعلم أن الإسلام ليس هو الدين، فخمسة أركان الإسلام وليس هذا كل الدين كما في حديث جبريل حيث جعل الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان، ثم أقول : إن أمورا وردت أنها من الإسلام لم تذكر في الحديث كقوله صلى الله عليه وسلم عن الجهاد أنه : (ذروة سنام الإسلام)، وقوله عن الحياء أنه : (من الإيمان)، فهذا وغيره كثير يدركه من تعلم فينا السنة من الغلمان.
ثانيا : لقد أمرنا ربنا عز وجل باتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل : ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾، وقال : ﴿لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر﴾، وقال : ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾، ولهذا قال العلماء رفع الله درجتهم ورد الزائغ إلى قولهم وحكمتهم : إن كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه بعد البعثة من قول أو فعل أو تقرير فهو من الدين حتى قالوا : إن من وضع العمامة اقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد فعل ما هو من الدين ومن أطال شعره اقتداءا به صلى الله عليه وسلم فقد فعل ما هو من الدين، وعلى هذا يقاس الإنشاد إذا أريد به رفع همة المسلم خصوصا إذا كانت كلماته تزيد من حماس المسلم وتدافع عن الدين وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينشد مع أصحابه حين بناء المسجد ويوم الأحزاب ومما صح عنهم في ذلك :
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة **** اللهم اغفر للأنصار والمهاجرة
وفي الرواية الأخرى :
اللهم لا خير إلا خير الآخرة **** اللهم اغفر للأنصار والمهاجرة
فإذا كان المسلم ينشد ليزداد حماسا ونشاطا وكان ذلك اقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته الكرام فهذا من الدين، وبناءا على هذا فنشيد موريتانيا من الدين لأنه يدعو لنصرة الله وهذه من الدين بل هي كل الدين ويدعو لإنكار المنكر الذي هو من الدين بل هو كل الدين ويدعو لسلوك الطريق المستقيم طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي هو من الدين بل هو كل الدين ويدعو لنبذ البدع وأهلها وهذا من الدين بل هو كل الدين ومن أجل هذه المعالم يثار على النشيد من قبل الحاقدين.
ثالثا : على المسلم أن يتقي الله عز وجل ويراقبه ولا يتعرض لغضب الله ومقته فقد صح عن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما يرويه عن ربه، أنه عز وجل قال : (من عادى لي وليا فقدا آذنته بالحرب)، والعلماء هم أولياء الله عز وجل بشهادته، وعلى المسلم أن يجلس حيث هو ولا يعدو قدرة وينزل كل شيء منزلته ولا يتكلم في ما لا علم له به ولا يدلو بدلوه في شيء حتى يتبحر فيه، فربنا الحكيم العليم يقول : ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾، ويقول : ﴿قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾، ويقول تبارك وتعالى : ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾، ويقول وقوله الحق ووعده حق : ﴿فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمي الأمين وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه طلحة ولد ابيه