محمد سالم بن دودو
وطني الحبيب..
كلما انقضى عام وأطلت ذكرى استقلالك المجيد، حنت نفسي إلى الإسهام في مراسيم الأفراح ومواكب التهنئة.. لولا أن يعوقني الحياء من التكشف للنفس والناس في ثوبي زور..
فلم أجد خيرا من الخلود خاشعا إلى محراب الضراعة للكريم المنان، أن يعيدها علينا أعواما عديدة وأزمنا مديدة، ونحن نرفل معك في حلل الرقي ولباس التقوى..
أما اليوم؛ في ذكرانا السادسة والخمسين، فها أنا قابع في زنازين الخجل والأسى.. لما شهدت من عقوق أبنائك حين تفرست في الأسواق لاقتناء أبدع التحف المزينة باسمك وعلمك وشعارك.. لأرفعها عنوانا لافتخاري بك، وتقديري لرموزك..
لقد آثرت أن تكون تحفتي -هذه المرة- جماعة مفاتيح، لأتمكن من إبرازها ماشيا وجالسا.. والتلويح بها حال التحدث، والتلهي بها وقت الإصغاء، والتنبيه إليها بدغدغة المفاتيح..
ولكني وجدت عبقرية بنيك الوقادة، قد تفتقت عن صنف من الإذلال والازدراء والاحتقار لم يشهد له التاريخ مثيلا، فصاغوا علمك المبجل في جَمَّاعَةِ مفاتيح على شكل حذاء ذي وجهين، ليدوسوها بأقدامهم كما دنسوها بألسنتهم وأقلامهم.. وليبيعوها على أرضك المعطاء، بعملتك الوطنية، على مرأى ومسمع من سلطاتك الحاكمة، وجماهيرك التائهة..
فعذرا وطني.. وعذرا علمي..
فلئن احترمت دعوة بعض الشركاء الموقرين، لتغيير علمك وشعارك ونشيدك.. رغم تشبثي الشديد بها كما هي.. فلن أرضى منهم تدنيسها حتى بعد استبدالها برموز جديدة، لأنها ستظل جزءا من تاريخك المشرف وذكرياتك الجميلة.