رزئت الأمة الإسلامية والوطن والجالية فى المدينة المنورة ،ورزئ من تظله جبال لعصابة بكرة وأصيلا...(آفطوط والركيبه ..) ورزئت المحابر والمنابر والمحاظر بوفاة مصلح الثٌأي بين الناس ،الشيخ الفاضل محمد الامين ولد الحسين اليوم بالمدينة المنورة . فقد أفنى عمره، إمُا ساجدا فى الحرم النبوى أو قارئا أو مقرئا أوقار للضيوف (درسه مكتظ وداره عامرة ... ) يسابق الى الخيرات فى كل موقف من هذه المواقف ،وما بقى من وقته وقف على إصلاح الثأي بين الناس ، لا يفرق فى ذلك بين أفراد عشيرته الأقربين –حيث كان نقيبهم – وغيرهم من أبناء وطنه فى المدينة المنورة ، فعشيرته الأقربون رغم تنافسهم فى العلياء ، ومن فرط ذلك ، لا يكاد أحدهم يضع يديه كلتيهما وراء ظهره ليسلّم بعز أخيه ، وكأن لسان حالهم يقول إنهم لم يمتثلوا للقول المأثور ( إذا عزّ اخوك فهن )، رغم ذلك فقد كان إجماعهم منعقد على سمو مكانة الشيخ محمد الامين ولد الحسين رحمه الله ،وعلو شأوه :
فلم نزل نحو الشّأو نمضى قدما ليس يثنينا لغوب أو نصب
على رأي العالم الجليل محمد سالم ولد عدود رحمه الله ، فقدّموه اعتبارا لذلك واحتكموا إلى رأيه الراجح الذى يفرق بين الماء واللبن ، على رأى المتنبى وقد صدق رأى القائل :
ولا غرو أن اعنو له بعد عزّة
فقدرى فى عزّ الحبيب يهون
فى كل مرة نسمع أنه زار موريتانيا ، وحدث ذلك مرات عديدة ، معناه أن خطبا فادحا ،وشرخا عظيما ،كاد يفتك بالوئام ،ويذهب بالسكينة والانسجام، بين وسطه الاجتماعى بمعناه العام ،فيأتى هو ليصلح بين الكافة ، ويتنادى الجميع فى يوم مشهود ويرضى حكومة الحكم ...ويعود مسرعا الى المدينة المنورة ليسابق الى الخيرات كما كان ديدنه ودأبه دائما ... والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر، يعرفها من له دراية بالشأن العام بلعصابه . فمن منا لا يذكر أول انتخابات ببلدية كرو ؟ فقد أجمع العموم على مرشح واحد وهو الاستثناء الوحيد الذى حدث بالمقاطعة بفضل مصالحة قادها –رحمه الله – بنجاح منقطع النظير ،وقبل بها الجميع وربح مغانم كثيرة ، من حقن للخلاف ،وإحلال للوئام محل الخصام والتنافس الايجابى محل التدافع السلبى .
فكسر الأوانى بالدفاع مروءة
يباين فضلا كسرها بالتجاذب .
هذه ملامح أولية من سيرته عسى أن نفصل فيها فى مناسبة أرحب فى المستقبل ...
رحم الله الشيخ محمد الامين ولد الحسين ، وجزاه عنا خيرا باحسن الجزاء وبارك فى خلفه وألهم ذويه الصبر الجميل وعظم أجرهم وإنا لله وإنا إليه راجعون .