كثيرة هي القصص من حولنا عن نساء مطلقات تعلن أسرا وأطفالا صغارا رماهم الآباء في لحظات سقوط أخلاقي دون اعتبار لوازع ديني وفي غياب تام للمسؤولية . ساعدت عاداتنا وتقاليدنا التي تحتفي بالطلاق وتستقبل المطلقة وأبنائها بالأحضان في جعل الرجال غير آبهين بإعالة أبنائهم بعد الطلاق ولا تجبرهم القوانين على ذلك أما الشريعة العادلة في إنصاف المطلقات والانفاق عليهن فإنها معطلة في حالات كثيرة بقصد أو بغيره، ولاتطبق إلا نادرا. تنتهي صلة الكثير من الآباء للأسف بأبنائهم مباشرة بعد تطليق أمهاتهم ، يتزوج الأب من أخرى تجعل من أولاده من طليقته جزءا من الماضي الذي يجب أن ينساه، هذا على الأقل مايحدث في حالات كثيرة. وفي حالات أخرى يكون للمرأة الواحدة ذرية وأبناء من عدة رجال تَرَكُوا جميعا رعاية أبنائهم والانفاق عليهم لسيدة لاحول لها ولاقوة ويستمتعون بدور المتفرج عليها وعي تقاسي الأمرين دون مساعدة. حضور الأب ودوره في تربية أبنائه بعد الطلاق يعد هامشيا، الكريم من تكفل بتسديد بعض نفقاتهم المادية أما التربية والتكوين والنهوض بأعباء الأولاد ودراستهم فهي أشياء درجت العادة أن تكون من اختصاص المطلقات دون مراعات لحقهن في تقاسم هذه الأعباء مع الآباء وحق الأبناء في رعاية الآباء حتى بعد الطلاق. في ظل اتساع دائرة الطلاق و الأرقام المخيفة المسجلة في السنوات الأخيرة زادت نسب التفكك الأُسَري وتشرد الأبناء بنحو ضعفين خلال خمس سنوات، ومع المشاكل الاقتصادية ولدت ظواهر جديدة على المجتمع الموريتاني كأطفال الشوارع اللذين يعدون نتاجا مباشرا لهذا التفكك وانفراط عقد الأسرة، مع ثقل المسؤولية تلقي الأسر بالأبناء بعد الطلاق إلى الشارع حيث تنشأ أجيال على الجريمة والمخدرات و تصبح قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة، في النهاية يحقد هؤولاء المشردون على المجتمع ويحملونه مسؤولية ما حل بهم. ويصبحون أكثر عدوانية تجاهه. وإذا كانت القوانين المنظمة للأسرة في بلادنا والمستمدة من الشريعة الإسلامية تنص على وجوب نفقة المطلقة وعيالها وسكنهم وحفظ حقوقهم فإن هذه القوانين تظل في الكثير من الأحيان حبرا على ورق ليس فقط لرفض الآباء الامتثال إليها إنما أيضا لأن الكثيرات من المطلقات ترفضن جر أزواجهم السابقين إلى القضاء من أجل الحصول على النفقة وتفضلن التعفف عنها مكابرة وهو بلاشك تعفف في عير محله وتنازل عن حقوق أصيلة. ومهما يكن من أمر فإن اتساع وتفشي ظاهرة الطلاق في المجتمع تستلزم تعزيز آليات الرقابة على نفقة الأبناء وحفظ حقهم وهو ما سياستهم في الحد من النسب العالية للطلاق والتفكك الأُسَري ويلقي من على كواهل نساء كثيرات أعباء إعالة الأسر
حنان محمد سيدي