في مثل هذا اليوم، رحل عن دنيانا الفانية الكاتب الفذ حبيب ولد محفوظ، وفي كل ذكرى تعودتُ أن أدونَ عن لحظاتٍ عشتُها معه...ربما لأول مرة يسمع بعضُهم عن "تحطيم القلم".
لا أتذكرُ التوقيت، بالتحديد، ولكنه أقربُ إلى الزوال...وكان يومَ أربعاء، يوم صدور الطبعة العربية من جريدة القلم...لم تكن نفسياتُ طاقم التحرير على ما يُرام، فحبيب بدأ يزور الطبيب زياراتٍ متقاربة، مع أننا كنا نعتقدُ أنها وعكة طارئة وتزول...
مكتبُ "القلم" ساعتها كان في الطابق العلوي لعمارة "بالاس" عند مفترق طرق "الملك فيصل والجنرال ديجول" ...لم يكن المكتبُ عامراً على غير عادته ، كنتُ أنا ومحمد فال ولد سيدي ميلة في مكتب محمد فال ولد عمير، وأتذكر أنه كان بجانبنا الفراش "عليون صو" والموزع "لاطف ولد أميسَ" ولم يكن بقاعة الطباعة غير الزميلة أفاتو منت المختار ولد الميداح، تطبعُ ما يصلها من مواد الجريدة..
وفي غفلة منا جميعا صعدت مجموعة من الملثمين وكسَرت كلً شيء، في لحظة، ولاذَ أفرادها بالفرار، فيما كنا نُسابقُ الريح لاعتراضهم أو الإمساك بأحدهم دون جدوى، إذ تنتظرهم سيارة رباعية الدفع غير مرقًمة، عند باب السلالم.
بدأت الحشود تتهاطلُ علي المكتب، وعاد أغلبُ الزملاء، وعلمنا أنها مجموعة قبلية، أزعجها عنوان بالخط العريض على صفحة ذاك اليوم : نائبُ مقاطعة (...) كاد يقتله الزواج" والخبرُ صحيحٌ لكن زميلي الحسين ولد محنض، رئيس التحرير ساعتها، صاغ العنوان على هذا النحو المثير والطريف..أما ما تحت العنوان فليس سوى أن زوجة النائب الأولى دخلت عليه بمسدس عند زوجته الثانية..لايهم، فنحن كثيرا ما كنا نتلقى تهديداتٍ من هذا القبيل لكنها لم تدخل حيَز التنفيذ قبل هذه المرة، وفي فترة كُنا منهكين من المصادرات المتكررة...كانت الرواتب زهيدة وتُسددُ بشق الأنفس...
أعود لأتذكر حبيب وهو ينصتُ إلى النقاشات، وإلى الشروح التي كنا نُقدمها لكلٍ زائر جديد...أهتمً حبيب كثيرا بمصدر الخبر، وكان ينتظر الحسين الذي أكد أنه وصله من مصدرٍ موثوقٍ، بدأ حبيب يُلطف الجو بنكاته ومرحه المعهود، وأعتقد أنه لمًح قائلا" يغير هوَ ذا العنوان كاع أثرو ماهو بالحسانية:كاد يقتله الزواج ألاً هيَ بعدنو كتلو تعدال لخيام"....عادت البسمة وعاد الأمل، وبدأنا نتناسى الجرحَ تأسياً بصلابة حبيب الذي كان يعلمُ أن مرضه مُستعصٍ على الشفاء..وكان يبتسم ويضحك...ويعملُ بجد وإخلاص لمهنة المتاعب..
رحم الله حبيب..
عبد الله ولد اتفاغ المختار