تعقيب على مقال فضيلة الشيخ ابراهيم ولد يوسف
اطلعت على مقال لفضيلة الشيخ ابراهيم ولد يوسف بخصوص الضجة المثارة حول النشيد الوطني ،و اتفق معه في غالبية النقاط الواردة في مقاله .وأود فقط أن أعقب على النقطة الثانية من نقاطه العشر والتي تخص رواية سبق أن نشرتها في كتابي (موريتانيا المعاصرة) حول مناسبة (القصيدة-النشيد) ،وسأرد على هذه الفقرة من خلال النقاط التالية:
1-تمثل رواية الشيخ ابراهيم حول مناسبة القصيدة ثالث رواية من داخل أوساط الأسرة الكريمة حول هذه المسألة ،فهناك رواية تفول أنها موجهة لمحمد فال ولد باب العلوي ،ورواية ثانية تقول بأنها موجهة لمحمد ولد باب ،ثم جاءت رواية الشيخ ابراهيم لتفول بأن القصيدة ليس له مناسبة خاصة وأغلظت الإنكار على الرواية القائلة بأنها موجهة للشيخ محمد ولد باب .وهذا في حد ذاته يعكس نسبية المعلومات التاريخية،حيث لاتوجد رواية متفق عليها حول مسألة واحدة داخل وسط عائلي ضيق ،كما يؤكد أنه لا توجد معلومات ثابتة ومستقرة حول المسألة كما يريد البعض أن يفهمنا .وهذا باعتقادي يمنح رواية صاحبنا في موريتانيا المعاصرة مزيدا من الاعتبار.
2-تؤكد إفادة الشيخ ابراهيم أن القصيدة ليست موجهة للشيخ سيد المختار (أباه) في محاولة لصده عن التأثر بالتيجانية.يقول الشيخ ابراهيم (فالشيخ سَيِّدى المختار لما أراد فى شبابه أخذ الطريقة القادرية، والتصدرَ فيها، والانخراطَ فى سلك المتصوفة، على يد الشيخ أحمد ولد المختار ولد ازوين أحدِ أبرز تلامذة جده الشيخ سِيدِيَ الكبير نصحه أخوه الشيخ سِيدِيَ بابه بألا يفعل، فانتهى.) تفيد القراءة المباشرة لهذه المعلومة بأن الشيخ سيد المختار (أباه) كانت تستهويه الطرقية وأن الشيخ باب كان يصده عن ذلك،فإذا كان هذا قد حصل مع القادرية حسب المعلومات المتوفرة لدى فضيلة الشيخ ابراهيم ،فما المانع من افتراض حصول نفس السيناريو مع الطريقة التيجانية ،ولكن الرواية الخاصة بهذا الأمر لم تصل إلى علم الشيخ ابراهيم. أما القطع بنفي مالم يصل إلى علم الشخص فهو منهج غير علمي ،خصوصا أن حضرة أهل الشيخ سيدي العامرة كان فيها طلاب وتلاميذ وأصحاب من مختلف المجموعات المجاورة ولا يجوز بحال مصادرة رواياتهم ومعلوماتهم ، بقول من قبيل: (وجميع ما رُوى في هذا الباب هو ما أسلفناه عن ابن داداه، ولم يكن موضوعَ شعرٍ ولا نثر قط.)
3-يقول الشيخ ابراهيم (فمجرد تفكيره فى طريقة صوفية أخرى ليست طريقةَ أبيه وجده وحضرته أمر مستحيل قطعا.) وهذا أيضا حكم اطلاقي يحتاج مراجعة ،فهناك شخصيات علمية كثيرة تخلت عن طرق وأوراد أبائها وأجدادها وأخذت طرقا ومناهج أخرى ، وهو أمر يحصل كثيرا ،فالشيخ باب باعتراف ابراهيم نهى سيد المختار عن التصدر في القادرية التي كانت طريقه أبيه وجده،كما أن ابن عمه الشيخ عبد الله ولد داداه أخذ الطريقة الفاضلية رغم وسطه القادري المختاري.
4-مع التحفظات السابقة ،أدرك قيمة إفادة الشيخ ابراهيم ولد يوسف حول هذا الموضوع وهي موضع احترام وتقدير نظرا لمكانة الشيخ ابراهيم العلمية وبعده عن الأغراض المختلفة ،وهي رواية وإن لم تقنعني ببطلان رواية صاحبي إلا أنها جديرة بالاعتبار وسوف أضعها إلى جانب الرواية الأولى في طبعة قريبة للكتاب بحول الله .