نحو بناء لغة مشتركة
اعتدت بحكم المهنة أن تظل أفكاري وخواطري ذات الصِّلة بالشأن السياسي حبيسة الدائرة الضيقة ،لأسباب عديدة لا أرى مسوغا لبسطها وتبيانها في هذه الخاطرة المختصرة المولودة في أروقة قصر المؤتمرات المثقلة هذه الأيام بصخب الأخذ والرد وقصاصات الأفكار والرؤى المبعثرة الطامحة إلى اعتمادها مخرجات وانتقالها بلغة الفلاسفة من حيّز "الوجود بالقوة " إلى نطاق " الوجود بالفعل".
ومن أنا لأستخدم مفردات التوجيه والإرشاد في حقل سقيت بذوره برذاذ التعارض والتباين والتناقض!
في السياسة لاحضور للمسلمات ولامعنى للتطابق .
في السياسة تاهت الثوابت وترنحت المبادئ بعد أن خفتت أضواء الأيديولوجيا الملهمة الممتلكة للحق والعدل والخلاص .
بات لزاما على الأشقياء المشتغلين بعذابات الشأن السياسي تهجي أبجدية موحدة واستخدام مفردات تم انتقاؤها بعناية من قاموس يقصي الفردانية والتمركز حول الذات .
صحيح أن نخبنا السياسية ذات تجربة طويلة وقدرة خارقة على استحضار كي لا أقول اجترار أساليب النضال التقليدية المعتمدة على العنجهية وإقصاء الرأي الآخر.
وصحيح كذلك أن دائرة النقاش يجب أن تحد وترصف ،كي لا تتعثر الخطوات ويتيه المتحاورن .
لامانع - في ملتي واعتقادي - من الخوض والبحث في مراجعة الرموز الوطنية وتبادل الأفكار بشأن العلم والنشيد وسبل حماية النظام الجمهوري وعدد المأموريات وإعادة النظر في دسترة المؤسسات .
هذه متغيرات قابلة لتبادل الأفكار بشأنها ،ومحاولة إلباسها ثوب القدسية لا تخلو من مآرب وشبهات.
إنما الثابت الممنوع المحاط بكل الخطوط الحمراء هو الدين واللغة الأرض .
أما اللغة المشتركة التي أنشد استخدامها في الحوار الجاري فهي الإبتعاد عن التنابز والتخوين والنأي عّن الحديث باسم القبيلة و الجهة والعرق .
وللخواطر بقية.