يعاني نحو 2,5 مليون ألماني من البدانة المفرطة، وهؤلاء لم تعد تنفع معهم السبل الطبيعية للتخلص من الوزن الزائد الذي يرافقهم لفترات طويلة ، فيلجأون الى العمليات الجراحية كملاذ نهائي للتخلص من مشكلتهم الصحية المزعجة. ويقفون حائرين من ارتفاع كلفة العمليات وقلق شركات التأمين من الفاتورة التي ستضاف على حساباتهم السنوية المكلفة. يشير تقرير مركز رصد البدانة الألماني في هامبورغ إلى أن ملايين الألمان فقدوا السيطرة على أوزانهم نهائيا، ولم يبقَ أمامهم غير الخضوع لمبضع الجراح كي يخلصهم من هذه المشكلة الثقيلة. وتجد شركات التأمين الصحي نفسها مضطرة لتحمل كلفة هذه العمليات الباهظة ، لأن كلفة رعاية البدناء الصحية على الشركة، وعلى حياة المرضى أنفسهم، وخيمة، إذ يعيش البدين 3 سنوات أقل من مثيله الرشيق كأدنى تقدير. و يلجأ مفرطو البدانة، الذين يشكلون 25% من المجتمع الألماني تقريبًا، بحسب تقرير إتحاد شركات التأمين الصحي، إلى عمليات تصغير حجم المعدة أو شد الحزام على المعدة بهدف تقليصها، أو نفخ بالونات في معداتهم بغية تقليل شهيتهم للطعام. ولجأ عام 2012 نحو 669 ألمانياً إلى العمليات الجراحية بهدف تقليل أوزانهم، ويتوقع أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 50% عام 2014. وتنظر شركات التأمين الصحي بعين القلق إلى هذه الظاهرة، لأن الميل نحو علاج السمنة بالجراحة ارتفع بنسبة 64% بين العامين 2008 و2013، ومن المنتظر أن يرتفع أكثر في الفترات المقبلة. وارتفعت كلفة هذه العمليات في نفس الفترة من مليونين إلى 4,6 ملايين يورو. ويبدو أن شهية الأطباء لرفع كلفة هذه العمليات زادت مع زيادة أوزان المبتلين بالبدانة، ومع زيادة الاقبال على العمليات كأقصر الطرق نحو الرشاقة قياسًا بالرياضة والحمية. ورفع الأطباء معدل كلفة العملية من 5000 يورو في 2008 إلى 7500 في 2013، أي بنسبة 50%. برلين عاصمة البدانة ما عادت برلين عاصمة ألمانيا الاتحادية فحسب، وإنما عاصمة البدناء أيضًا، بحسب مركز رصد البدانة، تليها مدينة هامبورغ. ونسبة إلى كل 100 ألف من سكانها، شهدت برلين 44 عملية جراحية في السنة لمعالجة البدناء من قياسXXXL، جاءت هامبورغ بعدها بمعدل 33 عملية جراحية لبدناء من نفس المقاس لكل 100 ألف مواطن. وكان معدل هذه العمليات في المدن الألمانية الكبيرة الأخرى لا يتعدى 11 عملية في السنة. وكانت معدلات الاصابة بأمراض ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والدورة الدموية أعلى في برلين وهامبورغ من بقية المدن، ويعزو الخبراء الحالة إلى عامل الهجرة الكبيرة من الريف إلى المدينتين، وإلى تغيير عادات التغذية، والميل نحو الوجبات السريعة والجاهزة، ناهيكم عن قلة الحركة. إقبال نسائي ذكر اوليفر مان، رئيس مركز العلاج الجراحي للبدانة في هامبورغ، أن النساء يشكلن 81% من الألمان الذين يخضعون أنفسهم لمبضع الجراح، خلاصًا من الكيلوغرامات الزائدة التي تنغص حياتهم. وهذا لا يعني أن نسبة البدانة بين الذكور أقل، لأن الرجال أثقل من النساء عادة بكثير، لكن النساء أكثر ميلًا بالسليقة للحفاظ على أوزانهن. وعلى أية حال، فإن نسبة شديدي البدانة بين الألمان ترتفع إلى 23,3% بين الرجال وإلى 23,9% بين النساء. وأجرى هذا المركز وحده عام 2013 أكثر من 300 عملية جراحية هدفها إنقاذ الفرد من"الغرق بالدهن"، بحسب تعبير أوليفر مان. وللمقارنة، كان المركز يجري مثل هذه العمليات بمعدل 10 في السنة بين 1997و1998. غرف وصالات هذا المركز، وكذلك أسرّته وأدواته الجراحية، مخصصة لشديدي البدانة، وهو ما يرفع كلفة التجهيزات على عاتق المستشفيات المتخصصة بعلاج البدانة المفرطة، وعلى كاهل شركات التأمين الصحي كذلك. ولا تعتبر البدانة عند الإنسان حالة جراحية إلا عندما يزيد مؤشر الجسد-الكتلة عن 40، وعندما يفشل في تقليل هذا الرقم طوال 5 سنوات متتالية. هذا يعني أن امرأة من طول 1,70 م لا تعتبر بدينة جدًا إلا إذا بلغ وزنها 117 كغم فما فوق. وتعتبر العملية الجراحية ضرورية للإنسان حينما يعاني من مرض في العمود الفقري أو من مضاعفات خطيرة لمرض السكري وأمراض القلب، إذ يعتبر الأطباء هنا مؤشر جسد-كتلة 35 كافيًا لتبرير التدخل الجراحي. ويشمل الأطفال أيضًا لا تتوفر احصائيات دقيقة عن عدد العمليات الجراحية التي تجري لتخليص الأطفال من البدانة المفرطة في ألمانيا، لكن معهد روبرت كوخ الرسمي يتحدث عن ارتفاع واضح في هذه العمليات. ويتحدث المركز عن نسبة 15% من البدناء بين الأطفال، ونسبة 6,3% من الأطفال البدناء بشكل مرضيّ، وقد لا تنفع معهم غير العمليات الجراحية. ولا تجري العمليات للأطفال البدناء إلا بعد انطباق الشروط بنسبة 95% عليهم، خصوصًا تخطي مؤشر جسد-كتلة 40، وفشل الطرق العلاجية الأخرى، كما تعتبر سن 13 الحد الأدنى لها. وتجري هذه العمليات حينما تترافق البدانة لدى الطفل بأمراض أخرى مثل أمراض الاضطرابات الجينية (المونغول كمثل). المشكلة هي أن الطفل يأخذ معه بدانته في العادة إلى مرحلة النضوج، ويصبح الطفل البدين (تحت 13 سنة) انسانًا بالغًا بديناً بنسبة 45%، وترفع هذه النسبة إلى 85% حينما يكون الطفل قاصرًا (أكثر من 14 سنة). وهؤلاء، وخصوصًا البدناء جدًا منهم، مرشحون في المستقبل أكثر من غيرهم لدخول غرفة العمليات للعلاج
المصدر:موقع إيلاف الإلكتروني.