كتبت وثيقة التكتل بأكثر من نية وأكثر من قلم ، فجاء ضلالها عميقا وأحمقا في توثيقه وسرده للمعلومات والأرقام .. لقد حشروا أوهامهم في أوراق مضغوطة وزعوها عبر شبكة الانترنت كآخر فعل لتفجير الثورة التي تسكنهم بكل شيطنة ونزق ..
كانت الوثيقة "التكتلية" مكسوة بالمغالطات وتزييف الحقائق ، ومع الأسف فإنها كشفت حجم الإخفاقات التي يعانيها الحزب المحشور في شخص قائده الملهم .. وتبدو الكارثة أكثر اتساعا مما كنا نتصوره فمن يستطيع الخروج بتحليل منطقي لتلك الحالة المأساوية التي يعيشها الحزب.. فمن "الممهدات إلى الوثيقة" ، وكأن هم الوطن كفيل بحله بعض من حبر تقذفه أقلامهم غير المروضة ..!
لقد حقنوا وثيقتهم بأطنان من الكذب.. فخرجت كسيحة كأنها تشعر بحجم الذنب الذي ارتكب في حقها .. فمن أودعهم كل هذا الفحش السياسي ..!
إن الفعل السياسي إذا لم يتقيد بالحكمة والتريث يكون تهورا وانتحارا يلقي صاحبه خارج دائرة التأثير الشعبي ، وأجزم أن هذا الأمر بات يكتسح معظم أحزابنا السياسية التي كنا نعول عليها كفاعل ديمقراطي يواكب تطلعات الشعوب ويعلي مصلحة الوطن على حساب المصالح والأطماع الشخصية ، ولم يعد هناك شك في ضرورة تحرك سريع داخل نخب تلك الأحزاب لتشكيل نواة حية قادرة على تلافي ما يمكن تلافيه وتحريك وتيرة العمل السياسي لصالح الوطن .
إن الظرفية الدولية والإقليمية لا تقبل استقالة النخب الحية خاصة من الشباب ،وهي مدعوة أكثر من أي وقت مضى لمنازلة القوى الرجعية وتشتيت شملها والتصدي لأصحاب الدعوات العنصرية ، وانتزاع أعواد الثقاب من أيديهم قبل أن يشعلوا النار في جسد مجتمعنا الواحد السالم المسالم .. وعلى شبابنا الوطني مغادرة تلك الأحزاب الراديكالية والحركات العنصرية ذات الجيوب السرية المفتوحة على الأطماع والنزعات الشخصية ..إذ لا يمكن لشبابنا بأي حال من الأحوال أن يظل جسرا لمرور تلك الأطماع وعليه التخلص منها والوقوف بكل حزم لقطع الطريق أمام تناسلها .
وعطفا على الوثيقة التي لا يمكن إخراجها من هذا السياق المحموم لتشويه صورة الوطن وفق أجندات مختلفة تعتمد بالأساس على نشر المعلومات والمعطيات المغلوطة بهدف التأثير على الرأي العام بعد أن عجزت عن تحريك الشارع ، وردا على تلك المغالطات الواردة في الوثيقة ، فإن السياسة الاقتصادية التي تنفذها الحكومة بتوجيهات سامية من صاحب الفخامة رئيس الجمهورية سعت إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، والعناية بالفئات الفقيرة والهشة، وتشييد البنية التحتية، ومحاربة الفساد وترشيد الموارد العمومية، مما مكن من رفع الميزانية العامة للدولة إلى أكثر من 500 مليار أوقية وارتفعت الميزانية الموجهة للاستثمار بصفة خاصة، حيث وصلت إلى أكثر من 260 مليار سنة 2016 مقارنة ب 52 مليار سنة 2008، وتعكس المؤشرات القوية للاقتصاد الوطني الوضعية الاقتصادية المريحة للبلاد ، حيث وصل معدل النمو خارج القطاع الاستخراجي 4.2 % وتم تحقيق معدل نمو حقيقي وصل 3.1% وحافظ البنك المركزي على احتياطه من العملة الصعبة في حدود المليار دولار ، ويتوقع أن يصل معدل النمو لسنة 2016 حدود 5 % مع الإبقاء على معدل التضخم في حدود 2 % ، وتم تنويع الاقتصاد الوطني وزادت الاستثمارات في مختلف قطاعاته وتمشيا مع تلك السياسة الرشيدة تمت مراجعة اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوربي مما مكن من رفع نسبة العمالة الوطنية من 35 % إلى 65% وألزمت السفن الأجنبية بتفريق 4 % من حمولتها لصاح الفقراء الموريتانيين ، وفي القطاع الزراعي وصلت المساحات الزراعية المستصلحة إلى أكثر من 280 هكتار منها 60 ألف هكتار للزراعة المروية و220 ألف هكتار للزراعة المطرية بالإضافة إلى شق قناة ري بطول 55 كلم ستمكن من استصلاح 16 ألف هكتار وتم تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي من مادة الأرز وصل 85 % بالإضافة إلى إطلاق سياسة تنويع زراعي شملت الخضروات وإدخال زراعة القمح لأول مرة في السياسة الزراعية ، وفي مجال الثروة الحيوانية تمت هيكلة القطاع من جديد وأطلق مشروع التحسين الوراثي الذي سيمكن من تفعيل الإنتاج الحيواني في مجال اللحوم والألبان بالإضافة إلى بناء مصنع للألبان في مدينة النعمة بولاية الحوض الشرقي بتكلفة مالية وصلت 18 مليون دولار ومصنع آخر قيد الإنشاء في مدينة بوكي بولاية لبراكنه ، وتسعى الحكومة من وراء هذه السياسة إلى خلق أقطاب تنموية فاعلة وقادرة على خلق تنمية محلية تمكن من تثبيت المواطنين في مناطقهم الأصلية ، وفي ذات التوجه التنموي تم إنشاء منطقة نواذيبو الحرة التي شكلت في ظرف قياسي قطبا تنمويا واعدا .
وفي المجال المعدني تم وضع سياسية معدنية رائدة مكنت من الاستغلال الأمثل للعائدات المنجمية خلال سنوات الوفرة خاصة قطاع الحديد الذي واجه خلال السنوات الأخيرة تدهورا كبيرا، ومكنت هذه السياسة من وضع برنامج نهوض شامل للشركة الوطنية للصناعة والمناجم " اسنيم " تمثل في بناء وتوسيع الميناء المعدني ومشروع تطوير السكة الحديدية ومشروع توسعة TO 14 ومشروع الكلب 2 وغيرها من المشاريع الحيوية ، ورغم الصدمة الحادة التي تعرضت لها أسعار الحديد منذ 2014 فإن مستوى إنتاج الشركة من الحديد لم يتأثر وواصلت تقديم الخدمات الاجتماعية عن طريق خيرية اسنيم .
وفي المقابل بلورت الحكومة سياسة اقتصادية ناجعة للاستفادة المثلى من عائدات القطاعات المنجمية الأخرى خاصة الذهب والنحاس ، وتم وضع برنامج صارم لمرتنة العمالة بالشركات العاملة في القطاع .
ومثل ما بدأت اعترافات قوى المعارضة تتوالي حول تقديرهم الخاطئ أيام الربيع العربي ومحاولتهم الفاشلة لفرض سياق لا يتوفر على مقومات للحياة فإنه لا نستبعد أن يصدر التكتل ـ وهو المعهود بمزاجية مواقفه وقراراته ـ في قابل الأيام وثيقة تسفه وتنسف ما جاء في وثيقته الأخيرة.
عبد الله الراعي