الشيعة .. في عيون الشناقطة !
يعقوب المختار لولي
كان شيخنا العلامة محمد سالم بن عدود ـ رحمه الله ـ يقول عند تدريسه لقول ابن مالك في لامية الأفعال :
ثم الصلاة على خير الورى :: وعلى ساداتنا آله وصحبه الفضلا
وعند قول محمد بن أبُ الشنقيطي ( عبيد ربه ) في نظم الآجرومية :
مصليا على الرسول المنتقى :: وآله وصحبه ذوي التقى
" إن هذا المؤلف حرص على أن يصلي على الآل حتى لا يكون من النواصب وعلى الأصحاب حتى لا يكون من الروافض؛ وهاتان البدعتان سلم الله منهما قطرنا فلا يوجد فيه بحمد الله رافضي ولا ناصبي ".
إذن لا قصة للشيعة الروافض في موريتانيا حتى نحكيها فقد كان المذهب الشيعي " مما استبد ببلاد نائية " عن شنقيط فلم تعرفه مضارب العلم ومنابره فيها وما أظلته محاضر باديتها لتقله غبراءها بل كان مهينا في الخواطر غير مقيس عندهم ولا مسموع في جهتهم ونحوهم، ومحاولة البعض إيجاد مظاهر اجتماعية في التراث الجمعوي الموريتاني محاولة لا ينهض بها دليل من الواقع ولا سند من التاريخ.
بيد أن أعلام شنقيط في مدوناتهم العقدية التي ارتضوا فيها تقريرات أئمة السنة نصوا على أن موالاة الصحابة ومحبتهم عقيدة لا إسلام لمن لم يعقد عليها قلبه.
و في مؤلفاتهم الكثيرة في السيرة النبوية أفاضوا في ذكر مناقب الأصحاب وأمهات المؤمنين ودونوا مآثرهم الخالدة في مدائحهم الفصيحة والشعبية.
ونص في " محارم اللسان " العلامة محمد مولود ( آد ) رحمه الله تعالى على حرمة تناول الصحابة إلا بخير فقال :
وذكر ما بين الصحابة شجر :: إلا مبينا أنهم على بصر
وكان العلامة محمد محمد العاقب بن مايابى كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق بصيرا بخطط الشيعة في إغراء آل البيت فقال محذرا منهم :
وأعظم الأعداء لأهل البيت من :: يغريهم بالميل عن أصل السنن
مثل الروافـــــض وأهل البــدع :: حتــــــى انتهوا بهم إلى التشيع
وحين احتك الشناقطة في السينغال ببعض التجار الشيعة كانت لهم معهم مواقف مذكورة منها موقف العلامة المؤرخ المختار بن حامدن لما دعاه بعض اللبنانيين في السينغال إلى التشيع، فأجابه المختار لا نعدل بمذهبنا الذي يجمع الوصفين شيئا، يعني وصف السنية والتشيع السليم، يجمع بين محبة سادات المؤمنين من آل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته رضوان الله عليهم.
وحين ذر قرن التشيع الفارسي في المشرق بدعم من إيران زعم بعض دعاته تَقِية أنهم يريدون التقارب مع أهل السنة، وزاروا علماء العواصم السنية مبشرين بهذا التقارب المزعوم وداعين إلى الحوار، زار بعضهم العلامة مفتي البلاد بداه بن البوصيري رحمه الله تعالى في مسجده بالعاصمة انواكشوط، يريدون منه الحوار ويعرضون عليه التقارب ، فأجابهم العلامة بداه " إن اعترفتم بالشيخين أبا بكر وعمر يمكن أن أتحاور معكم وإلا فلا "
وكان موقف الشيخ بداه قريب من موقف الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي ( آب ولد اخطور ) الذي ذكره تلميذه المصري الشيخ عطية سالم في ترجمته فيقول ( لما كان الشيخ عضوا في رابطة العالم الإسلامي قدم مندوب إيران إلى الرابطة وقدم طلباً من أجل اعتراف الرابطة بالمذهب الجعفري ومعه وثيقة من بعض الجهات العلمية الإسلامية ذات الوزن الكبير تؤيده على دعواه وتجيبه إلى طلبه، فاحتارت الأمانة العامة للرابطة فإن قبلوا طلبه دخلوا مأزقاً، وإن رفضوه واجهوا حرجاً، فاقترحوا أن يتولى الأمر فضيلته رحمه الله في جلسة خاصة. فأجاب في المجلس قائلاً: لقد اجتمعنا للعمل على جمع شمل المسلمين والتأليف بينهم وترابطهم أمام خطر عدوهم ونحن الآن مجتمعون مع الشيعة في أصول هي: الإسلام دين الجميع والرسول صلى الله عليه وسلم رسول الجميع. والقرآن كتاب الله والكعبة قبلة الجميع والصلوات الخمس وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام ومجتمعون على تحريم المحرمات من قتل وشرب وزنا وسرقة ونحو ذلك. وهذا القدر كاف للاجتماع والترابط. وهناك أمور نعلم جميعاً أننا نختلف فيها وليس هذا مثار بحثها فإن رغب العضو الإيراني بحثها واتباع الحق فيها فليختر من علمائهم جماعة ونختار لهم جماعة ويبحثون ما اختلفنا فيه ويعلن الحق ويُلتزم به. أو يسحب طلبه الآن. فأقر الجميع قوله وسحب العضو طلبه)
أما الشيخ محمد المختار الشنقيطي ـ حفظه الله ـ المدرس بالحرم النبوي فله مع الرافضة موقف مشهور ذكره بعض طلابه وهو أن الشيخ دخل المسجد النبوي ذات يوم فوجد طائفة من الشيعة الروافض قد اجتمعوا في باحته وأحاطوا برجل منهم قد أخذته العزة بالإثم حتى أشعل سيجارة في باحة المسجد النبوي ليغيظ المصلين من أهل السنة فتوجه إليه الشيخ محمد مختار وصفعه بيده صفعة أسقطته ففزع منها صحبه وانفضوا صاغرين.
وكان الشيخ العلامة محمد سالم ولد عدود ـ رحمه الله ـ بصيرا بالشيعة الروافض وكثير التحذير منهم رغم بعد خطرهم عن شنقيط في حياته
ومن النكت العلمية الطريفة أنه إن ابن مالك في الألفية تعمد فقء قلوب الروافض بقوله
كلن ترى في الناس من رفيق :: أولى به الفضل من الصديق
وحدثني أخونا الشيخ الفاضل عبد الرحمن ولد حمدي أن شيخنا ابن عدود كان يقول " إن انتصارات الروافض وحربهم مع اليهود وتكلمهم باسم الجهاد؛ فتنة أشد من فتنة اليهود أنفسهم واحتلالهم لأرض المسلمين ومقدساتهم ".
وهذا الموقف يدل على مدى وعي الشيخ ـ رحمه الله ـ ومعرفته بالواقع والمساق السياسي للأحداث وأنه ليس كمن أنسته الصواريخ الخمينية منطلقه العقدي فانساق وراء العواطف يحسب الشحم فيمن شحمه ورم.
وللشيخ فتوى في إحدى محاضراته بين فيها حقيقة الشيعة، وقال : إن من يسب الصحابة ويكفرهم ويطعن في عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها؛ كافر لأنه مكذب للقرآن.
ومن المواقف التاريخية لأعلام شنقيط؛ موقف الشيخ العلامة اباه ولد عبد الله، نهاية العام الماضي لما زاره السفير الإيراني يريد تعاونا وتقاربا، فأسمعه الشيخ كما يروي أحد طلابه " كلاما قويا ولم يجامله، وقال له لا نقبل أن يسب الصحابة ثم تسكت دولتكم، عن ذلك أو يأتي رد بارد، بل لا بد أن يأتي من قبل أئمتكم المشهورين رد صريح وقوي على من يسب الصحابة، وتصدر دولتكم قانونا بتجريم سب الصحابة وتتلزم بتطبيقه ولا يكفي مجرد إصدار القانون .. ثم تحدث الشيخ للحاضرين في المجلس عن فضل الصحابة وقال: هل تعرفون عموما أقوى من لفظ كل؟ وتلا قول الله تعالى { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير} ولما طلب السفير من الشيخ أخذ صورة معه اعتذر له عن ذلك .
ولا عجب إن كانت هذه موا قف أعلام شنقيط من هذا المذهب الضال الذي يسب أصحابه خير الخلق بعد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويكذبون القرآن ويستحلون دماء وأعراض أهل السنة.
فقولوا لمن يريد نشره اليوم في بلدنا هيهات تضرب في حديد بارد.