في كل عيد، يعيش الناس الفرحة والبهجة، ويتسابقون على التهاني والعطايا، بالملابس الجديدة وأصناف الطعام. هكذا الحال الذي اعتاد الكثيرون عليه في كل عيد، لكن الوضع مُختلف مع أكثر من 33 مليون نسمة، من فقراء العرب.
وبحسب تقرير لمنظمة الفاو، نُشر في يونيو (حزيران) 2015، فإن معدلات الفقر ارتفعت في 15 من أصل 19 دولة عربية، هم عدد الأعضاء العرب في المنظمة، بالإضافة إلى نسبٍ وصفتها المنظمة بـ«غير المقبولة»، لعدد المصابين بسوء التغذية، بحسب موقع سبوتنيك الذي أورد معلومات حول التقرير.
يرافق هذا الرقم ظروف اقتصادية صعبة، صنعتها الحرب في بعض البلدان، وصنعتها الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، مما يجعل أيام العيد أيامًا غير ذات معنى، أو على الأقل، حملًا آخر يضاف إلى أحمالهم، يحاولون التغلب عليه بطرق، ربما منها ما هو معروف لكنه جديد على محيطهم، أو بإعادة ترتيب أولوياتهم ليكون الغذاء والأضاحي أولاً.
العراق.. أسواق البالة تنقذ أحلام الفقراء بالملابس
تزدهر في العراق أسواق البالات، مع تدهور الحالة الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر إلى 22.5% بعد أن كانت 15% العام الماضي، بحسب وزارة التخطيط العراقية.
تحدثت صحيفة المدى العراقية مع أبو حسنين، بائع الملابس المستعملة في سوق البالة في العراق عن ازدهار كبير للأسواق التي تعتمد على براميل الملابس المستعملة التي تصدّر للدول الفقيرة، يقول أبو حسنين: «كثير من الفقراء يجدون في البالة ضالتهم، إذ يتمكن رب العائلة من تجهيز كل أفراد عائلته بسعر قطعة واحدة من المحال أو المولات».
ساهرة قاسم، أرملة عرفت عائلتها أسواق البالة من عشر سنوات، قالت للـ«الخليج أون لاين»، إن «البالة صديقتنا التي ترفدنا بملابس بأسعار زهيدة».
وتقول ساهرة إنه، رغم خروج ابنها (12 عامًا) إلى العمل، إلا أن المردود المالي، الذي يعود على أسرتها، من عملهما معًا لا يكفي متطلبات المعيشة.
واعتاد العراقيون أن يكون أول أيام العيد لموتاهم، فيوفرونه لزيارة المقابر والبكاء على من فارقوهم، لكن أيامهم في العيد مهما كانت اضطراباتها، لا تستقيم من دون «الدولمة» أو ورق العنب، والذي تطبخه النساء العراقيات حتى في أوقات نزوحهن.
موريتانيا.. الغذاء أولى من الملابس
ينقل أحمد ولد سيدي، صورة سوق نواكشوط، الخالي من المواطنين. السوق الذي اعتاد استقبال الموريتانيين ليشتروا حاجات ومستلزمات العيد، حجزهم عن السوق استشراء الفقر، وضعف القدرات الشرائية للمواطن الموريتاني، لتعاني الأسواق الموريتانية، خاصة في الملابس، كسادًا ربما لم تعرفه من فترة طويلة.
اعتاد الموريتانيون في كل عيد من أعياد المسلمين، شراء الشاه لذبحها، لكن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الموريتانيون، جعلت أغلبهم يفضّلون الغذاء على الملابس، فامتنعت الأسر عن شراء الملابس لصالح شراء شاه تستطيع ذبحها والانتفاع بلحومها ليأكل أفراد الأسرة.
يحكي سعد ولد لبات، أحد باعة الملابس في السوق الموريتانية، لأحمد ولد سيدي، الصحافي، أن ضعف قدرة المواطنين الموريتانيين على الشراء هو سبب فراغ السوق من المشترين.
تنعكس هذه الحالة على صغار البائعين الذين يعانون أكثر من غيرهم بسبب قلة زبائن السوق، الأمر الذي حدا ببعضهم للخروج من السوق وافتراش الشوارع العامة، لعلهم يجدون من يشتري، يقول أحمد بن علي، أنه يبحث في قراره عن تقريب بضاعته للزبون، ليضمن فرصًا أكبر بشراء أحدهم منه، مؤكدًا ان العام الماضي كانت الحركة أفضل في السوق.
المغرب.. عيد الأضحى «موسم المهن» لمحدودي الدخل
رغم الفقر، فأغلب الأسر المغربية تصر على الاحتفال بالعيد والحفاظ على شعائره المعروفة لدى عموم المسلمين، فبحسب المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، فإن أقل الأسر احتفالاً بالعيد هي الأسر الغنية والمتعلمة، على عكس الأسر الفقيرة، كما نقلت جريدة الداخلة.
يوفر محدودو الدخل ثمن أضاحيهم بالادخار وأحيانًا بالتقسيط، أو «القرعة»، وهي عملية يقوم بها عدد من الأشخاص يدفعون كل شهر مبلغًا معينًا متفقًا عليه بينهم، ويعطونه للمحتاج من بينهم في هذا الشهر، وهكذا، بل إن بعضهم قد يبيع قطعًا من أثاث منزله لتوفير ثمن الأضحية.
لكن العيد لايخلو من محاولات استغلاله من قبل الفقراء للكسب، ففي طنجة، يشكل عيد الأضحى موسمًا مدرًا للدخل للشباب العاطل أو التجّار الموسميين ممن لايعملون بوظيفة ثابتة.
يستغل هؤلاء الباعة حب المغاربة للحم المشوي ليتعمدوا تسويق وتجارة الفحم، بالإضافة إلى المتاجرة في السكاكين والأدوات المستخدمة في ذبح الأضحية والتعامل مع اللحوم.
بعض المطاحن أيضًا، بحسب موقع «ضحكة» المغربي، تقدم خدماتها في سن السكاكين والإكسسوارات الخاصة بالذيح، مهنة تدر دخلاً على بعض المطاحن التي قل العمل بها.
يتاجر الشباب الصغار من الأحياء الفقيرة أيضًا في الأعلاف على الأرصفة ومداخل أحياء المدينة، حيث يقوم التاجر بتقسيم رزمة العلف الكبير إلى رزم صغيرة لبيعها للمواطنين الذين يقتنون الخرفان لذبحها.
بالإضافة إلى مهنة يسميها المغربيون «التشواط»، وهي مهنة يقوم صاحبها بالاعتناء بمشاكل التخلص من رؤوس وأطراف المذبوحات وجلودها، بمقابل يتراوح بين 50-60 درهم مغربي.
اليمن يستقبل العيد بـ«القمامة» وتأخر الرواتب
تنتشر القمامة في جنبات المدينة العتيقة صنعاء، عاصمة اليمن. هذا التكدس لا يأتي من فراغ، إذ يُعد سببًا رئيسيًا في انتشار القمامة إلى الحد الذي قطعت فيه بعض الطرق الرئيسية في صنعاء، بسبب توقف عمّال النظافة التابعين للبلدية عن العمل بسبب تأخر مستحقاتهم.
هذه ليست مشكلة عمال النظافة وحدهم، بل مشكلة العديد من الموظفين اليمنيين الذي يعانون بسبب تأخر رواتبهم، بالتزامن مع متطلبات العيد وتدهور الوضع الاقتصادي اليمني.
يضاف إلى الصعوبات الاقتصادية، هناك الصعوبات الناجمة عن تدهور الخدمات الأساسية، فانقطاع التيار في مدينة عدن، والتي مر أكثر من سنة على خروج الحوثيين منها واستلام السلطة اليمنية الحالية لها، إلى 18 ساعة يوميًا، وانقطاعات المياه التي تمتد لعدد كبير من الأحياء السكنية.
يقول أحد المواطنين من المتقاعدين لصحيفة الوحدة، إنه يعاني منذ منتصف شهر أغسطس باحثًا عن معاش تقاعده، الذي يقف لأجله كل يوم أمام مكتب البريد المسؤول عن تسليمه مرتبه من بعد شروق الشمس وحتى الثانية عشر ظهرًا ليعلن موظفو البريد للمتكدسين عدم وجود سيولة مالية.
ويُضيف الرجل، أن هناك سماسرة يستطيعون إخراج المرتب من مكتب البريد مقابل الحصول على 20% من قيمته. كل هذه ظروف تتكالب على محدودي الدخل من اليمنيين، الذين صاروا يضعون حاجيات كالملابس ومستلزمات العيد في ذيل قائمة أولوياتهم، كواحدة من آثار الحرب الحاصلة في اليمن.
للقراءة من المصدر اضغط هنا