قاض موريتاني يكتب عن ذكرياته مع 11 سبتمبر 2001 أيام إقامته في ''ميرلاند ''

أحد, 2016-09-11 14:54

ذكرياتي مع 11 من سبتمبر 2001

لن أنسى ذلك اليوم، والواقع أنه من الصعب على المقيمين في الولايات المتحدة في ذلك التاريخ نسيانه.

أتذكره جيدا كنت نائما في غرفتي في منطقة هاياتزفيل Hayattsville في ولاية ميرلاند كنت متعبا ( بعد رحلة طويلة من مدينة أتلانتيك سيتي في ولاية نيوجيرسي مع صديقي أحمدو ولد الحضرامي وصديق له من جمهورية ليتوانيا وفي طريق عودتنا يوم 09/09/2001 عرجنا على مدينة نيويورك لوداع الصديق الليتواني العائد إلى وطنه. ورجعنا إلى مقر سكننا في هاياتزفيل ظُهر يوم 10/09/2001 كنت متعبا جدا لأنني توليت قيادة السيارة في رحلة سياحية استغرقت عدة أيام ).

كان يوم 11/09/2001 يوم الثلاثاء وعند حوالي العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي، أيقظني رنين مزعج عبارة عن خليط من رنين الهاتف و صوت جرس الباب، نهضت وأتجهت مسرعا إلى الباب فوجدت صديقي وأخي شامخ ولد الدح وقال بأنه لم يستطع الوصول إلى عمله لأن الطريق إلى واشنطن دي سي مسدود وأن الكثير من الناس يحاولون الرجوع إلى ميرلاند ولا يستطيعون لكثرة الزحام وقال بأن أمرا ما حدث في واشنطن ونيويورك وأتجه نحو التلفاز وقام بتشغيله. أثناء ذلك كنت أرد على الهاتف كان المتحدث إبن خالي محمد ولد اللهاه من منطقة أرلنغتون فرجينيا وكان صوته متقطع وبالكاد أسمعه لأنه كان يقود سيارته على الطريق السريع وأخبرني أن الطريق المؤدي إلى واشنطن من جهة فرجينيا (والذي يمر بالبانتاغون في كريستال سيتي) مغلق لأن حريقا هائلا إندلع في بناية البانتاغون ولا يدري سببه وأن علي أن أشغل التلفاز.. في تلك الأثناء كان الأخ شامخ ولد الدح يشدني من قميصي لأترجم له ما يشاهده من نقل مباشر للأخبار..كان عنوان الخبر “أمريكا تتعرض لهجوم”! وكان المذيع يقول بأن طائرة رابعة سقطت للتو في بنسلفانيا بعد أن اعترضتها مجموعة صواريخ حيث كانت تتجه إلى واشنطن!، وأنه تم إخلاء البيت الأبيض ومبنى الكونجرس من جميع الموظفين! وأن الرئيس بوش ونائبه ديك شيني ومساعديهما في مكان آمن..!

كانت الأخبار تتسارع ولم أستطع إلتقاط أنفاسي لأترجمها كلها..وأثناء ذلك رن هاتفي من جديد حيث كانت والدتي على الخط من أنواكشوط تسأل عن ما إذا كنا قريبين من الحريق الذي شب في أمريكا؟ طمأنتها بأن الآحداث بعيدة عنا ولم نشعر بها إلا على شاشة التلفاز.

كان أخي ديحي حدبث عهد بالمنطقة ولم يمر على قدومه من موريتانيا سوى بضعة أشهر ولم يكن يجيد الإنجليزية بعد، فنزلت مسرعا بإتجاه مكان عمله في واشنطن، ركبت السيارة واتجهت إلى الشارع الكبير المؤدي إلى واشنطن ( شارع كوينز شابل روود، أتذكره جيدا) وما إن صعدت على الشارع حتى شاهدت مشهدا لن أنساه ما حييت!.. آلاف من الأشخاص والسيارات أغلقوا الشارع الكبير من شدة الزحام أثناء محاولتهم الهروب من واشنطن وكان الكثير منهم قد ترك سياراته في منتصف الطريق وواصل السير راجلا أو مهرولا بإتجاه ميرلاند!.

قفلت راجعا بإتجاه محطة الميترو القريبة من محل سكني وأثناء محاولتي ركن السيارة شاهدت “ديحي” خارجا من المحطة فأشرت إليه وكان كل منا يطرح على الآخر من الأسئلة أكثر مما يقدم من أجوبة..وأتذكر أنه أخبرني بأنه شاهد ناقلات جند ومدرعات وأسلحة ثقيلة للجيش الأمريكي تتجه إلى البنايات الحكومية في العاصمة واشنطن..ووصف هلع الناس بعبارته “كأن القيامة قد قامت”..

رجعنا إلى منزلنا في غرف Kirkwood Apartments الواقعة على شارع نيكولسون ستريت، لنجلس لساعات طويلة حول التلفاز الذي بقي مصدر الأخبار الوحيد بعد قطع شبكة إتصال الهاتف الجوال..وفي المساء حضر إلينا محمد ولد اللهاه قادما من فرجينيا وأخبرنا أنه خضع للتفتيش مرات عدة عند نقاط تفتيش في الطريق تابعة للجيش الأمريكي.. نمنا في وقت متأخر لنستيقظ صبيحة يوم الأربعاء على أمريكا غير التي كنا نعرفها وعلى عالم تغير إلى الأبد..

كان يوما من التاريخ وكان له ما بعده..

رحم الله شهداء المسلمين الذين سقطوا ويسقطون في كافة أنحاء العالم بسبب تداعيات أحداث ذلك اليوم..وفك أسر المأسورين..” 

من صفحة القاضي عبد الله شماد على الفيس بوك