تكاد تكون ثَامِنَةَ العجائب السبعة نَجْوَي إثنين أو أكثر من الموريتانيين الحادبين علي البلد من غير أن يتبادلوا الحسرة و الحيرة علي “المستقبل الاجتماعي” المُحَيِرِ للوطن في ظل غياب” مُمَهِدَاتِ” و مبشرات يقظة نخبوية خالصة تَلِدُ مشروعا مجتمعيا إصلاحيا مجددا،جريئا وعاصما،…
و تزداد الحسرة و تترسخ الحيرة تناسبا مع ارتفاع درجة استيعاب مخاطر ارتدادات “إرث التفاوت الشرائحي المُفَخًخِ”و “تراكمات” بَغْيِ “الخلطاء العرقيين” بعضهم علي بعض و انعكاسات “تقاليد التباين التنموي المناطقي” وصدمات “الخيبة المخيفة” للمدرسة الجمهورية التي هي الخلية الأولي للمواطنة،…
و يُعتقد علي نطاق واسع أن خصوصية “السؤال الاجتماعي الموريتاني” المتمثلة في إشكالية التعايش العرقي و “عُضْلَةِ التجاذب الشرائحي” داخل كل عرق علي حدة تجعل كل “الأجوبة السياسية” المتوفرة في “السوق” و المشهد الوطني وَاقِعَةً تحت سقف الجواب المناسب أو الأنسب.!!
ذلك الجواب الذي يجب أن يأخذ شكل “حركة إصلاح مجتمعي” تَكْنِسُ مجمل القواعد و المسلكيات و العادات المُحَرِضَةِ “للاحتقان الشرائحي و العرقي” و تُعيد تأسيس العقد الاجتماعي الوطني علي ثلاث ركائز أَوْكَدُهَا و أولها “المساواة الاجتماعية” بِطَعْمِ التمييز الإيجابي للشرائح الأقل حظا ثم الديمقراطية الحَقًةُ والعدل الصادق.
و يصاب كثير من الموريتانيين بشيئ من اليأس و القنوط من قرب ميلاد حركة الإصلاح المجتمعي المطلوبة بفعل عوامل عديدة منها تجذر الكوابح الاجتماعية الرجعية و “المَصَالِحِيًةِ” الضيقة و تناقص عدد النخب الوطنية القادرة علي تصور و تمثل و تسويق مشروع الإصلاح المجتمعي.
ضف إلي ذلك شيئا من “هَوَانِ” جمهور ما هو متوفر من النخب علي نفسها و علي الرأي العام بفعل تراجع قيم التضحية و “المَبَادِئِيًةِ” و الصبر علي نَصَبِ و لُغُوبِ طريق التغيير و التطوير الاجتماعي في مقابل شيوع و فُشُوِ “خَوَارِمِ المروءة النخبوية” من كفران المبادئ و حِرْبَائِيًةِ المواقف و حب العاجلة السياسية و الإدارية،…!!
و قد أدت “الردة” الموصوفة سابقا لجمهور النخبة إلي لجوء “الفرقة الناجية” من النخب إلي البَيَاتِ و الجمود و الاستقالة التامة من الشأن العام كردة فعل علي التمييع و”معاقبة الكفاءة” و تَدْلِيعِ و تَغْنِيجِ كل من الدولة و المجتمع طيلة الخمسينية الماضية”للنخب المغشوشة” ناقصة العقل و التربية و التعليم و الدين!!.
و ما من سبيل إلي قيام حركة إصلاح مجتمعي إلا عبر استعادة النخب الخالصة لأَلَقِهَا و تصالحها مع المجتمع و عودتها سِيرَتَهَا الأولي توثبا و تضحية و إيثارا و صبرا،.. ذلك هو الطريق الأوحد لتلافي “المؤشرات البرتقالية الناضجة”(feu orange bien mûr )لتصدع الدولة و المجتمع و ما عداه من المشاريع السياسية بُنَيًاتُ طريق…!
و يلخص كل هذه المعاني و المرامي حول استعجالية تصالح النخبة مع مستعجلات الوطن ما استقر في قلبي يوما حين سمعت من أحد نبهاء و حكماء البلد جَهْرَهُ بأن المجتمع الموريتاني يعاني “أزمة كِلْيَانِيًةِ النخبة” و انه لا أمل في التغيير و الإصلاح و صد المخاطر المجتمعية التي أَظَلً زمانها إلا بخلق أو إحياء “نخبة تجوع و لا تأكل بمبادئها”.!!