الحوار سنة كونية تذيب الخلاف، وتفضي إلى نتائج محمودة لإشكالات كبيره تحتاج إلي توافق في الغالب، لأنها نتاج أفكار رأيين متضادين, فالحوار هو نهج حضاري لا غني عنه من أجل ترسيخ الديمقراطية, ورفع التحديات والعبور بالبلد إلي بر الامان.
قمة الهرم المتمثلة في رئيس الجمهورية دعا الجميع للحوار منذ سنتين ونصف في مناسبات عديدة شنقيط, النعمة, وأرسل رسائل ايجابيه من أجل طرح جميع القضايا الوطنية على طاولة النقاش من أجل إيجاد الحلول الناجعة لها، لكن البعض يتقاعس عن الحوار معللا ذالك بعدم وجود أرضية مناسبة وعدم استجابة الدولة لممهدات الحوار.
نعم للحوار الجاد الذي ينقلنا إلى دولة المواطنة، حيث يجلس الجميع لعقد وطني جامع يكفل الحرية والعدالة والمساواة علي تراب الوطن على قاعدة الوطن يسعنا جميعا، فعقد المواطنة هو وعي ثقافي حقوقي يؤسس لمجتمع معاصر تذوب فيه الطبقية والفئوية والعرقية الضيقة ويضمن الاستقرار والتنمية فالدولة إما أن تكون أو لا تكون .
إن الدولة المعاصرة تتطلب ثلاثة ركائز من أجل الاستمرار والبقاء أولها الوجود والاعتراف الدولي الثاني الاستقرار ويتطلب عقدا اجتماعيا جامعا لمكونات المجتمع يضمن العيش الكريم للمواطن الثالث التنمية وهي بحاجة إلى خطة واضحة لاستثمار موارد الدولة، وتحجيم تيار الفساد وتوفير التمويلات لحاجيات التنمية، وهذه الركائز الثلاثة لا يمكن تثبيتها إلا بحوار مجتمعي يشارك فيه الجميع من ساسة وحقوقيين ومجتمع مدني لإعادة تأسيس الدولة على ثوابت وطنية يقرها الجميع.
إن رغبة البعض الجامحة لحوار المقاسات، يجني فيه كل طرف سياسي نصيبه من الكعكة، هو حوار مرفوض جملة وتفصيلا لما فيه من تغليب المصالح الشخصية الضيقة على المصالح العامة..
نعم لحوار وطني شامل يعيد بناء الدولة وتأسيسها من جديد على أسس صلبة قوامها العدل الحرية الديمقراطية والمساواة، ويضمن العيش الكريم لكل أبنائه ويعترف بالتنوع ويلغي الفئوية والعنصرية .
يجب أن يعرف الجميع أن موريتانيا ليست ملكا لأحد وأن مصالحها فوق كل اعتبار، وأن الحوار ضرورة من أجل الاستمرار ولا يجب الغياب عنه وذلك من أجل عبور موريتانيا إلى بر الأمان، إن الحوار هو السبيل الوحيد والضامن الفعلي لبقاء هذا الوطن الذي يتربص به الجيران للانقضاض عليه في لحظة الوهن والضياع ، يجب أن نكون أقوياء ولدينا فكر واستراتيجية ورؤية لمستقبل البلد حتى نتمكن من التصدي لجميع المؤامرات التي تحاك لهذا الوطن داخليا وخارجيا تارة ما يسمون أنفسهم بالحقوقيين أو السياسيين من أجل تشتيت هذا المجتمع أو تقسيمه، إن الوطن اليوم يتعرض لمخاطر جمة تستدعي شحذ الهمم ورص الصفوف من أجل رسم استراتيجية وطنية للتصدي لهذه المخاطر..
إن التحولات التي تشهدها المنطقة والهزات المتتالية التي تشهدها بعض دول الجوار، تجعل إطلاق حوار جامع وشامل دون خطوط حمراء ولا محظورات هو صمام الأمان الوحيد لبلدنا في وجه هذه المخاطر التي توشك أن تدق أبوابنا.
لذا فإنني أدعو كافة الطيف السياسي من معارضة ومنتدى ومعاهدة وموالاة ومجتمع مدني ونقابات المشاركة الفعلية في الحوار المرتقب لإضفاء ديناميكية جديدة للحياة السياسية والدفع بعجلة التنمية نحو مزيد من التطور والإنماء.
إن تجربة الحوار السابقة كانت له نتائج ملموسة و دفعت بالمشهد السياسي الوطني خطوات إلى الأمام، وبالتأكيد فإن أي حوار جديد ستكون له ثمار تؤسس لتحسين ديمقراطيتنا وتجذيرها.
محمد الأمين