نزلت الأمم المتحدة بكل ثقلها في منطقة الكركرات الفاصلة بين المغرب وموريتانيا لتفادي مواجهة بين القوات المغربية وقوات البوليساريو. وبينما تلتزم الدولة المغربية الصمت، فتواجد البوليساريو العسكري لا يمكنه الحصول بدون تنسيق موريتاني بينما انعكاساته ستكون على المغرب في الاتحاد الإفريقي.
وقامت المملكة المغربية منتصف الشهر الجاري بالدخول الى منطقة الكركرات لمحاربة التجارة غير المشروعة وتنظيف المنطقة من السيارات وفق بيان رسمي، وهذه العملية قام بها خلال السنوات الماضية. إلا أن الجديد هذه المرة هو قرار الرباط تعبيد الطريق من مركز الجمارك المغربي حتى مركز موريتانيا.
وخلف القرار تحفظا قويا من موريتانيا التي توجست من احتمال تسرب مغربي الى منطقة الكويرة التي تعتبرها بطريقة غير مباشرة جزءا من أراضيها، وجاء قرار نقل قوات عسكرية ومنها مضادات للطائرات الى شمال موريتانيا، وفق الصحافة المحلية. في الوقت ذاته، تتحفظ موريتانيا على أن تكون لها حدود برية ملتصقة مع المغرب، ولهذا تتحفظ على الطريق التي يعبدها المغرب.
ويذكر أنه لا توجد حدود برية ملتصقة بين البلدين، فهناك الجدار العازل حيث يوجد جزء من وراء الجدار تحت سيطرة البوليساريو، بينما في منطقة الكركرات هناك منطقة عازلة تمتد بضعة كلم، وترغب موريتانيا في حكم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز الإبقاء على هذا الوضع.
وبعدما قدمت احتجاجين الى الأمم المتحدة لوم تجد استجابة أممية، حاولت جبهة البوليساريو فرض واقع جديد من خلال دخول قواتها العسكرية الى الكركرات يوم الأحد 28 غشت، وتوجد الآن في منتصف المنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا. وبين القوات المغربية وقوات البوليساريو، توجد قوات المينورسو التي تسعى الى تفادي أي مواجهة بين الطرفين قد تكون مدخلال لاستئناف الحرب التي توقفت سنة 1991. ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون دعوة الى المغرب والبوليساريو بالتزام الهدوء وتفادي كل ما من شأنه خلق توتر في المنطقة. ويبدو أن المغرب حتى الآن يحتفظ بقواته العسكرية وراء النقطة الجمركية بينما قوات الدرك هي الموجودة في المنطقة العازلة.
وعمليا، كانت بعض دوريات البوليساريو تتواجد في منطقة الكركرات، ولكن بشكل محتشم في الماضي، لكن هذه المرة حضرت بقوات عسكرية ملفتة وسط الكركرات بل وتحاول الاقتراب من الشاطئ الأطلسي.
وسياسيا وأمنيا، لا يمكن لهذا الحضور العسكري للبوليساريو أن يتم بدون موافقة موريتانية مسبقة إن لم يكن تنسيقا لأن نواكشوط لا ترغب في حدود مباشرة مع المغرب.
ومنذ أكثر من سنة، يجري الحديث عن ارتفاع دوريات البوليساريو، بل وصلت الأخيرة الى مطالبة موريتانيا بتفويت السيادة على الكويرة.
ومن شأن الوضع الجديد في الكركرات أن يترتب عنه الكثير من التطورات والتي في مجملها ستكون سلبية للغاية:
في المقام الأول، يساهم الوضع الحالي في مزيد من التوتر بين المغرب وموريتانيا التي لا تتردد في اتخاذ قرارات تعتبرها ضمن سيادتها ولكن في العمق غير ودية تجاه المغرب.
في المقام الثاني، عودة ملف الصحراء بقوة الى مجلس الأمن خاصة إذا وقع تبادل للنار بين المغرب والبوليساريو، هذه الأخيرة التي تعتبر نفسها في موقف مرتاح بعدما طالبت الأمم المتحدة من الطرفين عدم تغيير الوضع القائم منذ سنة 1991، أي ضرورة انسحاب المغرب والبوليساريو من المنطقة العازلة.
في المقام الثالث، هذه التطورات ستؤثر سلبا على مساعي المغرب العودة الى الاتحاد الإفريقي، لأن هذا التوتر سيجعل الأمانمة العامة للاتحاد الإفريقي تميل الى البوليساريو، وهي التي مسبقا تريد فرض شروط على المغرب منها اعترافه بالجمهورية التي أعلنتها جبهة البوليساريو.
ملاحظة: الصمت المغربي الرسمي لا يفهم نهائيا في ظل تواجد البوليساريو في الكركرات وبيانات الأمم المتحدة
للقراءة من المصدر اضغط هنا