الشنقيطي أيقونة التميز/ يحيى محمد الخضر مايابى

جمعة, 2016-08-12 17:53
فى الصورة: الشيخ محمد الأمين بن مايابى مع الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود رحمهم الله.

كانت الصورة النمطية المشرقة فى المشرق العربي عن الإنسان الشنقيطي لدى العامة والخاصة ، محصورة فى المعارف الشرعية من قرآن، وحديث ...، قلّ أن يتعدّى حضورُ الشنقيطي اللامعِ فى المشهد العام للحياة الاجتماعية أن يكون علامة متبحرا فى العلوم ، تــتزاحم الورّاد عند منهله ، حتى دخل العلامة الوزير، قاضى القضاة ، الشيخ محمد الأمين بن العلامة المحدث الشيخ محمد الخضر مايأبى الجكنى الشنقيطى الميدانَ مزاوجا بتمكن، بين العمل العلمى والسياسى ،والدبلوماسي ، ببراعة فائقة ، فكان بذلك أول من أضاف للصورة العلمية النمطية الشنقيطية ، بُعدا سياسيا ودبلوماسيا ، لم تعرفْ به من قبل عبر تاريخها المشرق فى المشرق العربي،
"فرائحـــــــــة التاريخ مسك وعنبر" .
هاجر صغيرا مع والديه، وأعمامه وخلال رحلة الهجرة توفيت أمه باب بنت الأمير عثمان بن بكار بن اسويد أحمد رحمها الله ، فنشأ وتربى كما يتريى :
وينشأ ناشئ الفتيان فينا @ على ماكان عوده أبوه
و يقال إن والده لمح فيه من ملامح النبوغ والتميز ما جعله ، يحرص بحزم على تربيته وتنئشته أحسن تنشئة لم تخل من إزعاج -كما يقول الشيخ محمد الأمين نفسه - لمن هو فى مثل سنه مقيد الحرية ، لا يسمح له بما اعتاده لداته من اللعب ... لكنها آتت أكلها فيما بعد، حين بزّالأقران علما وعملا، وبلغ ما بلغ من مجد وسؤدد
عند الصباح يحمد القوم السرى @ وتنجلى عنهم غيابات الكرى
كان فى حياته المهنية الحافلة بوابة شنقيط الوحيدة إلى الأقصى، فارتبط اسم شنقيط من خلاله لأول مرة من تاريخها حتى هذه اللحظة بالمسجد الأقصى، إدارة ومواقف مشهورة، بدءا برئاسته لأوقاف القدس، ورئاسته للجنة إعادة إعمار قبة الصخرة المشرفة بالمسجد الأقصى، ورئاسة المجلس الإسلامي الأعلى، وإشرافه على المعهد الديني ببيت المقدس الذى بني بتوجيهاته ، ومواكبته وشهادته على أحداث هامة هناك، فكان بحق سفير شنقيط الوحيد بالقدس وما أدراك ما القدس، ثانى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم يكن الشيخ الأمين بدعا فى علاقته بالأقصى فقد ورث علاقته وتعلقه به من والده، المحدِّث الحافظ الشيخ محمد الخضر الذى كان يترددعليها كثيرا، زيارة ونشرا للعلم، فكان ختام بعض مؤلفاته هناك بالقدس مشرفا على قية الصخرة المشرفة بعد أن كتب بعضها فى الحرم المدنى والمكي ، فجمعت فى صدفة نادرة بين الحرم الثلاثة ، مما اعتبر طالع سعد ويمن وبركة ، وهكذا كان عمه العلامة الشيخ محمد حبيب الله بن مايأبى الشنقيطي يتردد عليها من حين لآخر كما ورد فى كثير من مؤلفاته ومراسلاته مع كثير من أعلام شنقيط مثل العلامة الأديب محمدُّو بن محمد المختار بن الأفضل الحسني
وقد أشار العلامة الأديب الحسن بن أبا الجكنى الموساني فى مراسلاته لبعض صلات القوم مع تلك الأرض المباركة فقال
يا جيرة من سراة اليوسفيينا @ بمصر طورا وطورا فى فلسطينا
من بعدما سكنوا بيت الإله وفى @ أكناف طيبة طاب المكث ثاوينا ....
عطفا علينا بمبرور الدعاء فما @ أنتـــــــم لأرواحنا إلا رياحينا
يزداد حبكم فى القلب كل إنى @ حتى تسامى على حب المحبينا
وقال كذلك العلامة الأديب محمد بن محمد المختار بن الأفضل الحسني
فلسطين فيها اليوم حبر مجدَّد@ يؤســـــس أركان الهــــــــدى ويشيد
هو الحبر حبر الارض والسيد الذى@ تسامى فلا فضلا يساميه سبد
وليس به عيب سوى أن علمه @ دواما على كل النـــــــــواحى مــــــــبدد
لقد أسعد الشام الذى الخضر السرى @ أتى أرضه والأرض تشقى وتسعد
سيرأب ما فى الشام كلا من الثأى @ وما فيه من علم عفا سيـــــــــــــــجدد
بعد التردد رفقة والده على الأرض المباركة تطورت علاقىة الشيخ محمد الأمين بالقدس الشريف والأقصى حتى تولى رئاسة أوقافها، فكانت أياديه البيضاءعليها إصلاجا وإدارة ملحوظة بتقدير وإجلال و كان من أثرها المبارك أن بنيت بأمره معاهد لتكوين الأئمة والوعاظ ، وغير ذلك ثم كان رئيس لجنة إعادة إعمار قبة الصخرة المشرفة ،
شهد له المراقبون من أهل عصره بتحقيق ما يعجز عشرات الأشداء من الرجال عن تحقيقه بعزيمة ماضية وعمل دؤوب ونفس لا تعرف الملل والكلل
يعدُّ بألف من رجال زمانه @ ولكــــنه فى الألمعية واحد
كانت جهوده الإصلاحية جلية مضيئة فى كل محطة من محطات حياته المهنية
كالشمس فى كبد السماء وضوؤها @ يغشــــــــى البلاد مشارقا ومغاربا
أخذ عن والده وأعمامه وعلماء الحرمين الشريفين و كان غالبا ما يقرأ لوالده فى درس الحديث فى المسجد النبوي وغيره وقد نال إعجاب واستحسان من حضروا ذلك الدرس الذى كانت له نكهته وطلاوته الخاصة، الأمر الذى جعل المؤرخ الأديب محمد حسين زيدان يتحدث عنه فيقول، إن زمالته بالشيخ محمد الأمين شكّلها ثلاثي المدرسة والمسجد والشيخ، " فقد كان شيخه أعنى الأمين أباه محمدالخضرالشنقيطى ذلك الشيخ الذى إذا ما رأيته ماشيا، وإذا ما سمعته متحدثا، لا تراه إلا كبير قدر، عظيم قيمة هامة ، وقامة، وقِيم ، فلقد كان الشيخ الخضر المحدث جهير صوت، حلقته يكثر فيها السامعون والقارئ هو ابنه محمد الأمين يعجبنى حين يتحدث (حدثنا حدثنا ) .... جريدة المدينة 2—7-1410 هــ
تضلع الشيخ محمد الأمين من معارف عصره فكان قامة علمية سامقة فى العلوم الشرعية من فقه وحديث وأدب ،وغير ذلك وانتظم فى مدرسة الفلاح بمكة المكرمة ، وفى الأزهر الشريف، وحصل على إجازات فى علوم الشرع ،و سافر مع والده وهوشاب للأردن رفقة الملك عبد الله بن الحسين كما فى مذكرات الملك عبد الله نفسه الذى كان صديقا لوالده وهناك كان لهما المقام الأكرم فى كل مناحى الحياة الأردنية حسبما تحدثت عنه كثير من المواقع، والصحف الأردنية، مثل جريدة الرأي الأردنية، ففى حديثها عن البيوت والعوائل العريقة فى جبل الجوفة بعمان كان أول من سلط عليه الضوء من الشخصيات الشهيرة الشيخ محمد الأمين ووالده فتقول
شخصيات شهيرة
وعن الشخصيات الأردنية الشهيرة والتي كان لها تأثير في مسيرة الحياة السياسية والاجتماعية ، والاقتصادية في هذا الوطن وسكنت جبل الجوفة قديما نذكر : الشيخ محمد الخضر الشنقيطي أول قاضي للقضاة في الأردن ،ثم ابنه محمد أمين الشنقيطي والذي كان وزيرا للأوقاف قديما ) وهكذا سار الشيخ محمد الأمين على نهج والده حذوك النعل بالنعل
وتعرف فيه من أبيه شمائلا .@ ومن خاله ومن يزيد ومن حجر
فتولى الوزارة وقاضى القضاة مثلما كان والده،
"ولا عجب أن يشبه الأسد الشبل"
تجول مع والده فى رحلاته الشهيرة للعراق ومكث فى بغداد فترة من الزمن مع والده فى عهد الملك فيصل الذى كانت تربطه بهم علاقة وطيدة وزار معه دول الخليج والهند وتركيا وسوريا وفلسطين ومصر فكان يقرأ لوالده فى درسه البخاري بالإمارات العربية المتحدة وغيرها دخل العمل الوظيفى فى المملكة الأردنية الهاشمية أولا كاتبا فى المحكمة ثم ترقى متقلبا فى المناصب السامية الحساسة فكان قاضيا ومفتيا لإمارة شرق الأردن ثم قاضيا للقضاة مثل ما كان والده وزيرا للتعليم ونائبا لرئيس الوزراء ومفتيا عاما للملكة الأردنية الهاشمية و رئييس هيئة العلماء وعضوا فى مجلس النواب وعضوا فى مجلس الأعيان (جريدة الرأي 14-1-1990 -م) ثم استقال وعين سفيرا للمملكة الأردنية الهاشمية فى السعودية والسودان وكان مقره فى جده فصار عميد السلك الدبلوماسي عرف بالحيوية والنشاط فى العمل والصراحة والجرأة فى الحق فكان لايداهن ولا يحابى وقد تناول كثير من رجال الإعلام والكتبة صراحته وجرءته الخطيرة ،
فقال عنه الدكتور سعد أبوديه
كان من رجال الرعيل الاول الذي ترك بصماته القويه كان وزير تربية و اذا جلس تحت صورة جلالة الملك لايهاب احدا ...وكان يصر على مقابلة الطلاب الاوائل ليتعرف على انتماءاتهم السياسيه اذ كان يرفض ارسال الطلاب غير المنتمين سياسيا لتوجهات بلدهم وهذا الرجل عمل في السعوديه سفيرا وظل أربعة عشر عاما وهي أطول مدة يخدمها سفير أردني وكان ناجحا جدا -
وتحت عنوان " الشنقيطى كان يتمنى أن يرى أحجار القدس لا أحجارا من القمر" كتب الدكتور سميح الخضراء فى جريدة الشرق الأوسط عدد4091 أنه" جاءه فى تلك الفترة وهو عميد السلك الدبلوماسي فى جدة سفير إحدى الدول مصطحبا معه أحجارا من القمر يستعرض إنجازات بلده وتقدمها هانحن وصلنا القمر وهذه أحجاره فقال الشيخ رحمه الله بلهحة صادقة الحزن والأسى كنت أحب أن أرى حجارة القدس قبل أن أرى حجارة القمر"كنت أفضل أن تحمل إلي حجارة من أحجار الأفصى كرمز لتأييدكم لحقنا الأزلي فيه" أرجوك أن تبلغ حكومتك بذلك " فوقع السفير الأجنبي فى حرج كبير ولم يعلق" والرأي الأردنية العدد 7119
. أحاديث لو صيغت لألهت بحسنها = عن الوشي أو شمت لأغنت عن المسك
خلال ل فترة توليه السفارة فى السعودية كان للشيخ محمد الأمين حضور كبير فى صدر مجالس العلم ، والفكر ، فكانت بينه والعلامة الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطى صلات ومراسلات علمية ساهمت فى إثراء بعض المواضيع العلمية الدقيقة كما فى رحلة الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار إلى إفريقيا ، إضافة للعلامة الأديب الشيخ على الطنطاوي .
يعد الشيخ محد الأمين محمد الخضر الشنقيطى المؤسس الحقيقى لدائرة القضاء الشرعي فى الأردن كما كان له أكبر الأثر فى إصلاح التعليم بالأردن وقد وصفته صحيفة الدستور الأردنية 14-1-1990م بأنه من الرواد الأوائل الذين أسسوا النهضة التعليمية المعاصرة فى الأردن وأنه أول من نادى بمبدإ التكامل بين المناهج فى جميع المواد والاندماح بين الدراسة الأكاديمية والحياة العملية وكانت مواقفه الجريئة الخالدة فى الإصلاح محل تقدير وإشادة من أهل الشأن
فقد كتب فضيلة الشيخ أحمد الماضى فى مجلة الشريعة الأردنية فى عددها الثانى الصادربعمان عن بعض ذلك فقال : بمناسبة قرار سماحة قاضى القضاة ووزير التربية والتعليم بتطويل ألبسة المعلمات والطالبات وستر رؤسهن وان يتجنبن المساحيق والتبرج وليعدن إلى الحشمة والوقار وستر ما حرم الله إبداءه فإنى أكرر جزيل الشكر لسماحته ولا غرو فبسلفه القدوة الحسنة وبعد الاطلاع على كتاب زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم وحاشيته فتح المنعم لعمه المرحوم الفاضل سيدى محمد حبيب الله اليوسفى الشنقيطى فإنى أنقل إلى القراء مقتطفات من ذلك الكتاب ... ونقل أمورا تتعلق بنفس الموضوع ... ثم قال ..وقد قيض الله لهذه الأمة من يحافظ على الدين وينصره فجاء نجل أخيه قاضى القضاة ووزير التربية والتعليم الشيخ محمد الأمين بن المرحوم الشيخ محمد الخضر الشنقيطى لينفذ نصوص الشريعة الإسلامية فى الأمة المسلمة والبلاد العربية المؤمنة فى ظل لواء سبط رسول الرحمة وسليل الدوحة الهاشمية محرر الأردن ومليكه الحسين المعظم ولا غرو فإن سماحته بمنزلة عليا وبيده توجيه الأمة لمعالم دينها والتمسك بعقيدتها وحشمتها بما أسند إليه من رتب فعالة فهو راع ومسؤل .
وجاء تحت عنوان الاتجاه الدينى فى وزارة التربية والتعليم من مجلة الشريعة الصادرة بعمان فى عددها الثانى من السنة الثانية ربيع الثانى سنة 1380 هــ تشرين الأول 1960 م
تلقينا من أحد خريجى كلية الشريعة كلمة يعرب فيها عن تقديره "للخطوة الجريئة التى أقدم عليها سماحة السيد محمد الأمين الشنقيطى بوصفه وزيرا للتربية والتعليم فى حمل معلمات المدارس وطالباتها على الظهور بمظهر الحشمة والوقار والتزيى بالزي الذى يرتضيه الدين وينسجم مع الآداب العامة مما كان الأثر الطيب فى النفوس الخيرة التى تمقت لباس التبذل والخلاعة ومظاهر التهتك والتبرج والإسفاف الخلقى . (ويتقاضانا الواجب بهذه المناسبة أن نسجل لسماحة الوزير الحالى بمداد الفخر والاعتزاز مواقفه الأخرى فى إصلاح شؤن وزا رة التربية والتعليم ...، واعتبار مادة الدين أساسية فى مناهج الدراسة ، وإجبار المعلمين والمعلمات ، والطلاب والطالبات ، على احترام الشعائر الدينية ، وأداء الصلوات المفروضة فى أوقاتها , وتضيف المجلة
ويجب ألا يفوتنا فى هذا المقام التنويه بأياديه البيضاء على المعهد الإسلامي فى بيت المقدس الذى أعد لتخريج رجال الدين وأئمة المساجد وخطبائها ووعاظها ....
كان الشيخ محمد الأمين محل تقدير وإجلال وثقة وأمان من الأسرة الهاشمية الملكية فى الأردن مثل ما كان والده الشيخ محمد الخضر فكان الملك عبد الله بن الحسين يجله ويقدمه فى الصلاة ويستشيره فى المهمات وينتدبه لتمثيله فى كثير من المناسبات فاستشهد وهو بجواره فى المسجد الأقصى يوم 20 يوليو 1951 م فاعتبر الشاهد الرئيسي فى المحاكم وما شارع الشنقيطيين فى مدينة عمان إلاتقديرا لمكانته ومكانة والده الشيخ محمد الخضروتخليدا لذكراهما
تقلد العلامة الشيخ محمد الأمين أوسمة كثيرة من رؤساء وملوك بارزين فى عصره منها الوسام العلوى من الدرجة الأولى من المملكة المغربية ، عندما كان يجمع بين قاضى القضاة ووزبر التعليم
ووسام الرافدين النوع المدنى من الملك فيصل الثانى ملك المملكة العراقية ، سنة 1946 م حينما كان بوظيفة مفتى المملكة الأردنية الهاشمية
كما تلقى أوسمة عديدة من ملوك المملكة الأردنية الهاشمية من الملك عبد الله الأول والملك حسين منهاوسام النهضة المرصع عالى الشأن سنة 1967 م من الملك حسين بن طلال ، وسام التربية الممتاز 1971م من الملك حسين .
وسام الملك عبد العزيز الدرجة الأولى سنة 1975 م الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود المملكة العربية السعودية التى كان له فيها دور بارز مشهود وعلاقات مع كبار القوم فيها ما زال بعض الشناقطة العاديين وحتى بعض وزراء الدولة الموريتانية الحديثة يلمس أثرها الطيب هناك كما هو معروف فى مواقف وحكايات ليس هذا مقامها
لم تكن نجاحات الشيخ محمد الأمين الباهرة، والحظوة الفريدة التى حظي بها فى الأردن غائية عن نبهاء وشعراء قومه، فقدكان الأديب الكبير الشاعر الوطني المعروف محمدى بن أحمد فال رحمه الله على الموعد حينما كان بمصر فهنأه على ذلك فقال:
ما للزمان تبسمت شفتاه @ وسبت عوارضه العقول فتاهوا
ما للفتى يعلو على صفحاته @ لاغرو أن رفع الزمان فــــــتاه
يا سيدا حاز المعالي كلها @ رغم الحسود اهنأ رعـــــاك الله
سعدت خطاك إلى المعارف والقضا @ ولك النهى فاحكم بما تهواه
ولك القرابة من مليك مرتضى @ ولك العلا من فضله والجاه
منحٌ يجود بها نبيلٌ ماجدٌ @ بدرٌ يلوح على النجوم ســــناه
عرسٌ يدوم مدى الزمان مخلدٌ @ نسبٌ تسامى لا يرام سماه
أرْدنُّكَ الميمون ذى عرصاته@ نزهْ فؤادك بينـــــها وربـــــاه
واشكر إلهك قبل كل معظم @ واشكر مليكك "ذاكرا أبـــــواه
حرس الإله حياته ومماته @ وجزاه عنا رفعة وحــــــــــــــماه
ورغم بعد الشقة والمشاغل الجمة فإن الشيخ محمد الأمين لم ينقطع عن مجتمعه فقد زار موريتانيا مرات منها لصلة الرحم رفقة ابن عمه وصديقه العلامة الأديب قاضى القضاة الشيخ محمد فال بن البيضاوى ومنها مرات موفدا رسميا من قبل الأردن وكان وثيق الصلة بأعيان وعلماء قومه كالعلامة اللغوي الكبير ممُّ بن عبد الحميد الذى أرسل إليه ذات مرة من محظرة العلامة الجليل الشيخ يحظيه بن عبد الودود فقال
محمد الأمين بن محمد الخضر من ليس بنأنإ يوم الحفاظ ولا حصر ، .... ولما اشتقت و تململت ، أنشدت ارتجالا وقلت ،
سقى الجيرة الثاوين بالحرم المزن @وصاحبهم فيه السلامة والأمن
همُ سَكْنُ دارِ فى البقاع شريفة @ فياحبذا الدار الشريفة والسَّكْن
فؤادي رهن عندهم لم أفكَّه @ وليس يفك الرهن إن غلي الرهن
ألا ليت شعرى والحوادث جمة @ أزائركمْ فى حر داركمُ نحن
بأرض بها قبر النبي محمد @ وأخرى بها الركن اليماني والركن
...
إضافة لمدائح عديدة من شعراء وعلماء أدباء كثيرين كانت ترد عليه من حين لآخرمثل العلامة الأديب الشيخ محمدّ بن مَود رحمه الله حيث قال من قصيدة طويلة 
بل أنت طبقت فى الأردنّ شرعة من @ بالسيف أخضع أهل الأرض أحزابا
وحيث كنت سفيرا فالمثال ترى @ للدبلُماسي ّ تطبيقا وإعجـــــــــــــابا
لم يقرع الدهر معتر لبابكـــــم ُ@ إلا فتـــــــــــــــــحت له من بابكم بابا
ولست فى مدحكم ْبدعا فقال به @ سيديّ شاد به ملأ الفما بـــــــــــــابا؟
إن الزمان إذا يأبى وجود فتى @ مثل ابن مايأبى لم يعدد كمن يابا
وقد حظي الشيخ محمد الأمين برئاسة وعضوية هيئات ولجان ومجالس علمية وسياسية حساسة فكان رئيسا لهيئة العلماء فى المملكة لأردنية الهاشمية ، وريئسا للمجموعة البرلمانية التى درست حالة الملك طلال الصحية وأوصت بنقل الملك إلى نجله الملك حسين ، ثم عضوا فى لجنة الوصاية على العرش إبان سفر الملك حسين إلى الخارح ، ورئيسا للجنة إعمار قبة الصخرة المشرفة إضافة لعضويته فى مجلس النواب ومجلس الأعيان ، ومجلس الوزراء على فترات ، بعد تقاعده فى العمل البلوماسي فى السعودية انتقل الشيخ محمد الأمين مجاورا بالمدينة المنورة فكانت داره قرب الحرم النبوي وظل هناك سنين طويلة بين مكتبته الكبيرة التى ورثها عن والده وأضاف لها ما يمكن من نفائس الكتب وبين الحرم النبوي مواظبا على الصلاة فيه حاضرا فى كل المناسبات مع الناس من رؤساء ومرؤسين مع الجميع فى أفراحهم وأتراحهم.
فلا هو فى الدنيا مضيع نصيبه = ولا عرض الدنيا عن الدين شاغلهْ
إلى أن توفاه الله يوم 13- 1- 1990م فى المدينة المنورة حيث يحب ويتمنى كل مؤمن ودفن بالبقيع الطاهر حيث دفن والده الشيخ محمد الخضروأخوه المحامى محمد عبد الله رحمهم الله بعد أن أوصى بثلث ماله للفقراء وبمكتبة والده للحرم النبوي الشريف مع مكتبة الملك عبد العزيز 
وتولى أبو الحسين حميدا @ فعلى قبره سلام السلام
وقد كانت لوفاته ردود فعل واسعة فى الصحافة الأردنية، والسعودية ،على حد سواء، فطالب كتاب بارزون حينها بإطلاق اسمه على مدارس وشوارع تخليدا وتقديرا لدوره الريادى، فكان من آثر ذلك أن أصبح فى عمّان شارع الشيخ محمد الأمين الشنقيطى تخليدا لذكراه كما سمّي شارع باسم والده هناك شارع الشيخ محمد الخضر آل مايأبى فى عمان ، كما فى كتاب من أعلام الشتاقطة فى الحجازوالمشرق للأستاذ ابحيد ين يربانّ، وقد رثاه كثير من أهل العلم والأدب من أهل موريتانيا والأردن والسعودية كالعلامة الكبير المؤرخ المختاربن حامد الذى توفي بعده بقليل فقال :
غاب الأمين المفدَّى سبط مايابى @ لهفا على سبط ما يابى الذى غابا
سبط ابن مايابى كان ذوتقى ونقىى@ لاعــــار نعرفه فيه ولا عابا
...
ولأقتصر إن ما فى الشيخ من كرم@ لا أستطيع له حصرا وإيعابا
شنشنة تلك فى جاكان نعرفها @ عمت ذوى حضر منهم وأعرابا
فالله فى جنة الفردوس يسكنه @ يســــــــــــقى ويطعم أكوابا وأعنابا
كما رثاه كثيرون غيره فرحمه الله وأسكنه فسيح جنته وبارك فى ذريته.
------ 
يرجع للمراجع التالية:
- حياة موريتانيا للعلامة المؤرخ المختار حامد
-أعلام الشناقطة فى الحجاز والمشرق للأستاذ بحيد بن الشيخ يربان الإدريسي
- حجاح ومهاجرون للدكتور المؤرخ حماه الله بن السالم
- مذكرات الشيخ على الطنطاوى
- شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون ليوسف مقلد
- ثموات الجنان فى شعراء بنى جاكان للشيخ عبد العزيز بن الشيخ