حسين مجدوبي
مدريد – «القدس العربي»: تراهن موريتانيا كثيراً على اسبانيا كحليف سياسي واستراتيجي رئيسي ضمن تسطيرها لعلاقات دبلوماسية جديدة محاولة تجاوز العلاقات الكلاسيكية بينها وبين فرنسا، وظهر هذا التعاون في الدعم اللوجيستي الذي قدمته مدريد لنواكشوط خلال القمة العربية الشهر الماضي.
وحصلت «القدس العربي» على معطيات تؤكد اعتماد موريتانيا على دعم اسباني هام خلال القمة العربية التي احتضنتها نواكشوط الشهر الماضي، تجلى في المساعدة في توفير الأمن خاصة في الأجواء والبحر وفي التنظيم علاوة على مساعدات أخرى.
وكانت قطع بحرية عسكرية اسبانية تساهم إلى جانب الموريتانية في مراقبة المياه القريبة من موريتانيا علاوة على دعم لوجيستي في التنظيم وتوفير بعض الآليات وإن كانت محدودة. وكانت وزارة الخارجية الإسبانية، من الدبلوماسيات القليلة في الغرب، التي أصدرت بيانا تهنئ فيه موريتانيا على استضافتها القمة ونجاحها في هذا الرهان رغم الصعوبات.
وتراهن موريتانيا على اسبانيا منذ أكثر من سنتين ضمن استراتيجيتها الجديدة التقليل من الشركاء التقليديين لسياستها الخارجية وإيجاد آخرين سواء في مجال العلاقات الاقتصادية والتنسيق في المنتديات الدولية أو في محاربة المخدرات والإرهاب.
وكانت نواكشوط تعتمد أساساً على ثلاثة شركاء رئيسيين وهم المغرب والجزائر وفرنسا. وكانت علاقاتها الخارجية تتسم بالتوتر بين الحين والآخر بسبب عدم النجاح في التوفيق بين هؤلاء الشركاء، الأمر الذي جعل الرئاسة الحالية الممثلة في محمد ولد عبد العزيز تعمل على التقليل من العلاقات مع المغرب والجزائر والتوجه إلى تحالف لدول الساحل، حيث تزعمت اتحاج دول الساحل منذ قرابة سنتين والابتعاد عن المغرب العربي.
وفي علاقاتها بالعالم الغربي، لا تعمل موريتانيا على التقليل من العلاقات مع فرنسا كما فعلت مع الجزائر والمغرب بل تنهج طريقة مختلفة وهي العمل على تعزيز علاقاتها مع كل من واشنطن ومدريد وخاصة هذه الأخيرة حتى لا تبقى رهينة دولة غربية واحدة وهي فرنسا. وكانت علاقات نواكشوط قد سجلت توتراً في الماضي مع فرنسا، ولم تجد وقتها من يتحدث بمصالحها وسط الاتحاد الأوروبي. ومن نتائج هذا التوتر في الماضي، بدء رهان دبلوماسية نواكشوط على اسبانيا كثيراً عبر تعزيز العلاقات الثنائية وجعلها الناطق باسمها وسط الاتحاد الأوروبي.
ومما يساعد موريتانيا في هذه المهمة القرب الجغرافي بينها وبين جزر الكناري الإسبانية الواقعة في المحيط قبالة الصحراء الغربية، حيث تحولت هذه الجزر إلى مزود رئيسي لحاجيات موريتانيا التي تنوع من أسواق الاستيراد للتعويض التدريجي للمغرب، الزبون الرئيسي حتى الأمس القريب.
ويوجد تعاون مكثف بين مدريد ونواكشوط في مجالات مثل محاربة الإرهاب والهجرة السرية ومحاربة الإجرام المنظم. وتعتبر الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسبانية أن موريتانيا ذات أهمية قصوى في محاربة الإرهاب نظراً للحدود التي تجمعها بمنطقة حساسة أمنياً وهي مالي، فضاء تواجد الجماعات المسلحة المتطرفة مثل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
في الوقت ذاته لا توجد ملفات شائكة بين مدريد ونواكشوط، والملف السياسي الوحيد هو نزاع الصحراء الغربية، حيث كانت موريتانيا من الموقعين على اتفاقية مدريد لاقتسام الصحراء سنة 1975 رفقة المغرب، وتتبنى موريتانيا موقف مدريد نفسه أي الحياد الإيجابي المتمثل في مساعدة الأمم المتحدة لإيجاد حل.