سيدي الرئيس.. اقطعوا رؤوس المفسدين (مقال)

خميس, 2016-08-11 01:24
أحمد محمود العتيق / كاتب صحفي

حادثة الفساد التي شهدتها شركة سونمكس، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، مادامت العقوبات التي ينتظر سارقوا المال العام لا تتعدى أن يسدد اللص المال الذي سرقه،أو أن يسجن بضع شهور.

 إننا في حاجة ماسة إلى  تفعيل القانون المعد لمكافحة الفساد.  وليس هذا التفعيل الذي نطالب به، هو سجن هؤلاء ، أو إعفاؤهم من مناصبهم. إن اليد التي يصيبها  المرض العضال، والذي لا يرجى شفاؤه، تقطع. والمريض الذي يئس منه ذووه، يترجون خالقهم أن يحسن فيه قضاءه. ليستريح ويريح.

 إن هذا الوطن الغني بكل  الثروات، لا يزال ومنذ الإستقلال، يعيش نفس الحالة من الفقر المدقع، والتخلف المزري، والغبن الفاحش. ومرد ذلك كله ، هو أن المثل الشائع عندنا:" ألَ اتول شيء ذاقه". لا يزال قائما  وصارخا في  وجه كل محاولة للإصلاح كهذه التي  تحاولون  ، وتبذلون جهدا كبيرا في إنجاحها.

  السيد  الرئيس:

 لا أحد يماري في أنكم استطعتم  في ظرف وجيز  صناعة مستوى من التنمية لم يستطع  مَن ْ تولى أمورنا قبلكم  الوصول إليه. ولو أنكم   وجدتم من يقا سمكم هم هذا الوطن ، لكان الأمر في نظري أحسن وأبهى. ولعل ذلك مربط الفرس.

 ولكن الأمر أشد وأمر. إن الفساد ينخر في هذا الوطن  كالسوس، ومازلت أصرخ قائلا في كل مناسبة، إن مشكلتنا الكبرى تكمن في صناعة المواطنة، وبناء إنسان موريتاني  يؤمن بوطن يشاركه فيه غيره من الموريتانيين، معارضة كانوا أو مولاة. وأن التعيين في منصب ما ليس تأشيره مفتوحة للتلصص وسرقة أقوات المواطنين. وأن الولاء السياسي لا يمنح صاحبه حقا فوق حقوق المواطنين.

 ولا أدل على هذا القول من أن معظم مؤسساتنا تدار من طرف لوبيات  مقيتة ،  دخلت إلى هذه المؤسسات  عبر سياسة الإستيعاب." أي أن كل مدير أو وزير يعين على قطاع ما، يجلب معه  ما شاء الله من أهله وجيرانه" دون وضع أي اعتبار للمؤهلات المعرفية أو المهنية.

 وبناء على ذلك  ما زلنا نرى في كل مرة إدارة تنهب، وخزينة تسرق..... ولعمري ليَبْقيَنَّ هذا الأمر على ما كان عليه، ما لم يرتفع العقاب  بحيث يصل في قُوَّتِه إلى قوة الجرم  الذي يمارسه المفسدون في حقنا.

  إن الوطن لنا جميعا، وليست هناك " ماركة" من المواطنين ، تمتلك وحدها  حق إدارة شؤون الوطن. بل إن " الماركة " الوحيدة والتي يستحق صاحبها الإحترام ، هي المؤهلات المعرفية والنزاهة في تسيير شؤون المرفق العمومي. إن من يسوس الناس هكذا، هو وحده الجدير بأن يوصف بأنه مواطن, وإلا  فإن المرض الذي نشكو منه سيصل يوما إلى مرحلة يمتنع فيها علاجه. ولا أظن أن ما حصل في بلدان حولنا تمزقت وانفرط  عقدها ،إلا عائد إلى تراكم الغبن والظلم فيها. وإن سيلا جارفا من الغوغاء قد يتحرك يوما با حثا عن حقوقه- ولا قدر الله- لن يفرق بين ظالم ومظلوم. وساعتها:" لات الساعة مندم"

 يقول المثل العربي :" ضرب لواحدة ضرب لبقيتهن" أي أن حالة واحدة من الفساد المستشري لو تم التعامل معها بعقوبة تناسب الجرم الذي  سببته في حق الوطن والمواطنين. ستكون درءا من المفاسد، وكما نقول في المثل :" الذليل ما اتلمُّ الغابه". ولهذا  سيكف اللصوص عن السرقة، وسيحسب كل مفسد قبل أن يتجرأ على الفساد ، ألف  حساب للعقاب الذي ينتظره.

أما أن يظل العقاب مجرد السجن لشهور أو تسديد المال المسروق، فلا أظن أن  شيئا سيتغير.

 وسوف يكون مكر الماكرين أقوى دائما من محاولتكم إصلاح البلد، لأن هؤلاء يشكلون مافيات متوزعة في كل القطاعات، وسيظلون دائما :" الشجرة التي تستر الغابة خلفها".

 إن هذا الوطن يعاني من مظالم عديدة، منها سوء التسيير والزبونية والعلاقات الخاصة  .

 ولكي يتم التغلب على كل ذلك، فإننا نطالبكم سيدي الرئيس بقطع رؤوس المفسدين.

 أحمد محمود العتيق / كاتب صحفي