يبدو أن "الدار الموريتانية للدراما والإعلام" وجدت أخيرا أن الوقت حان لنقد وتقويم إنتاجها..
"أرجو أن تضعوا لنا الأصابع على الجروح، وأن تدلونا على مكامن النقص والخطأ"..
ذلك ما دعا إليه أحمد محمود ولد العتيق؛ كاتب سيناريو المسلسل الشهير "وجوه من خشب"، موجها خطابه إلى نخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام، حضروا أمسية نظمتها "الدار الموريتانية للدراما والإعلام" مساء أمس الخميس بقاعة المحاضرات بالمتحف الوطني.
ولد العتيق: الدراما هي الصيغة المعاصرة للوعظ
ولد العتيق قال في مستهل كلمته بالمناسبة إن دافعه وزملاءه هو الحضور في المجتمع من خلال تقديم رسالة، اختاروا أن تكون "إعادة صناعة الحياة"، وهو ما يطلق عليه "الدراما".
واعتبر ولد العتيق أن الصيغة المعاصرة للوعظ؛ هي السينما والمسرح والدراما، فلم يعد الوعظ ولا الخطب مفيدةً في عصرنا.
وقال ولد العتيق إنه رغم تواضع الإمكانيات إلا أننا نجد في أنفسنا جرأة تحفزنا على العمل، لكن المتلقي وحده هو من يستطيع تحديد مواضع النقص والخطأ في هذا العمل، ولهذا حضرنا اليوم.
واستطرد ولد العتيق: أرجو أن تضعوا لنا الأصابع على الجروح، وأن تدلونا على مكامن النقص والخطأ.
أبو بكر ولد أحمد: وجد الناس فيه متعة لكنهم وجدوا فيه واقعهم
الأستاذ أبو بكر ولد أحمد رئيس مجلس جائزة شنقيط قال إن مشروع التنمية الذي نطمح إليه؛ لن يحصل إلا بإنتاج ذاتي في كل ما نحتاجه من المتعة والفسحة إلى صناعة السلاح..
ونوه ولد أحمد بأن مما يحسب لهذا الإنتاج أنه ذاتي، وأن الشروط الفنية فيه تحقق الاكتفاء الذاتي..
ونبه ولد أحمد إلى أن الإستراتيجية الاجتماعية عندنا مهملة، بخلاف غيرها من الاستراتيجيات، ولذلك انعكاساته السلبية على المجتمع، فإذا لم تكن هناك محفزات وحواضن للقيم المجتمعية الإيجابية فسيكون المجتمع مهددا في وجوده، ولا شك أن "الدراما" من تلك الحواضن والمحفزات.
واعتبر ولد أحمد أن هذا العمل نجح في استقطاب المشاهدين، ووجد الناس فيه متعة لكنهم وجدوا فيه واقعهم.
وأشاد رئيس مجلس جائزة شنقيط بالنقد الاجتماعي الهادف الذي اشتمل عليه العمل، وملاءمته لواقع وقيم المجتمع، وحرص أصحابه على عدم إسقاط واقع الآخرين على واقعنا.
وحث أبو بكر ولد أحمد رجال الأعمال على دعم "الدراما" الموريتانية، معللا ذلك بأن استقرار المجتمع وتماسكه ووئامه يهمهم أكثر من غيرهم، ولا يخفى دور هذه الأعمال في تحقيق ذلك.
ولد الكتاب: أهمية المسرح تستدعي وجود مدرسة للفنون الجميلة في بلادنا
الدكتور محمد الأمين ولد الكتاب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للمدن القديمة قال إن تعقيد المسرح وأهميته تستدعي وجود مدرسة للفنون الجميلة في بلادنا.
وذكر ولد الكتاب بأهمية المسرح في المحافظة على القيم والثقافة والخصوصية والارتقاء بالجمال، ولذلك فإن أفلاطون اعتبره أبو الفنون، أما شكسبير فوصفه بأنه مرآة يرى فيها المجتمع ذاته.
ودعا ولد الكتاب في ختام مداخلته إلى الاعتناء بمسرح الأطفال حتى لا يكونوا عرضة للتأثيرات السلبية المتسربة من مسرح الآخرين.
وحث ولد الكتاب في ختام مداخلته على الارتقاء بالمسرح قائلا: حان لبلادنا أن تلتفت إلى المسرح.
بلال ولد حمزة شدد على دور المسرح في التربية
الدكتور بلال ولد حمزة الأمين العام لمجلس جائزة شنقيط قال إن من التعاريف القديمة للمسرح أنه محاولة لتغيير المجتمع.
واعتبر ولد حمزة أن المسرحيين الموريتانيين خرجوا من مرحلة التنظير للمجتمع الأفضل إلى مرحلة التربية.
وحث ولد حمزة المسرحيين الموريتانيين على مراعاة جانب التربية، مشددا على دور "المشاهدة" الكبير في التربية، والذي يسبق ويتفوق على دور الحواس الأخرى.
وذكر في هذا الصدد بالمقولة السائرة: "انتبهوا فإن الآخرين يحاكوننا".
ولد عبادي: حيا الممثلات اللائي تحدين الحواجز الاجتماعية
محمد عالي ولد عبادي رئيس اتحاد المواقع الالكترونية طالب بدعم هذا النوع من المبادرات، معتبرا أن الدولة تفرق المبادرات وتشتتها بدل أن تجمعها وتدعمها.
وقال ولد عبادي إنه كما يجب حماية المستهلك في مجال التغذية، تجب حمايته في جانب "الدراما" من المسلسلات المستوردة.
ونوه ولد عبادي بالممثلات اللائي تحدين العقبات والحواجز الاجتماعية خصوصا.
ولد بهلي: لم يحن وقت النقد بعد
موسى ولد بهلي الأمين العام لرابطة الصحفيين الموريتانيين قال إن المسرح حركة واعية يمحص وينتقد أمراض المجتمع.
مضيفا إن ثورة المعلومات الحلية تنذر بأن الأمم التي لا تستطيع حماية ثقافتها ولا تستطيع إيصال صوتها إلى العالم تضمحل ثقافتها.
وعبر ولد بهلي عن إعجابه الكبير بهذا العمل، قائلا: من يصدق أن عملا كهذا نجح بكاميرتين و4 ملايين أوقية؟ هذه شجاعة ومبادرة ينبغي تثمينها..
وشدد ولد بهلي على أن وقت النقد لم يحن بعد، معتبرا أن الممثلين رغم أنهم لم يدرسوا في مدارس الدراما؛ إلا أن أداءهم لا يقل عن أداء الكبار..
ولد بلعمش: الفنون عندنا لا تبدأ بداياتٍ مسموحا بها
الشاعر الشيخ ولد بلعمش قال إن الفنون عندنا لا تبدأ بداياتٍ مسموحا بها ولا مرضيا عنها دائما، مذكرا بقصة جلد الإمام ناصر الدين للرجل الذي أنشأ بيتين يتغزل فيهما.
واستطرد ولد بلعمش قائلا: هذا العمل يدعو للتفاؤل، ويؤكد أن لنا مكانا في مجال الدراما، وأن بابها لم يوصد في وجهنا بعد..
ولد سيدي هيبه: أرجو أن نرى عملا يقدم صورة أكثر رقة
الكاتب الصحفي الولي ولد سيدي هيبه قال إن ما تم تحقيقه ليس معجزة بل هو نتاج قوة إرادة وإصرار.
مضيفا: وجوه من خشب كان تعبيرا عن واقع هذا البلد، وأرجو أن نرى عملا جديدا يقدم صورة أكثر رقة.
ولد الجيد دعا إلى إنشاء إطار مؤسسي يحتضن هذه المواهب
الدكتور سيدي محمد ولد الجيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة لعيون الإسلامية قال إن النقد في هذا المجال ضروري للارتقاء بالعمل، فالمجتمعات ذات الخلفية البدوية والقبلية وحدها هي من يخشى النقد ويعتبره إهانة.
ويتأكد ذلك - يقول ولد الجيد - في حق هذه التجربة، التي تحيط بها ظروف موضوعية؛ تجعلها قاصرة عن الوصول إلى المستوى الذي نصبو إليه
وشدد ولد الجيد على أهمية التكوين وتطوير التجربة حتى لا يبقى التمثيل مجرد هواية.
وقال ولد الجيد إن على الوزارة أن تبادر إلى إنشاء إطار مؤسسي يحتضن هذه المواهب.
ودعا إلى إشراك اتحاد الكتاب والأدباء من أجل ضمان النص الجيد للدراما الموريتانية.
واقترح إنشاء لجنة استشارية لغربلة المعروض، تتكون من فقهاء وعلماء اجتماع وقانونيين...
وفي نهاية المداخلات أحال المخرج باب ولد ميني الميكرفون إلى الكاتب أحمد محمود ولد العتيق الذي شدد على أنهم واعون بقصر تجربتهم وحداثتها، وأنهم يتمثلون في هذا الصدد مقولة عمر: "رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا".
وشكر ولد العتيق مديرة التلفزة الدكتور خيره منت الشيخاني ومدير الإنتاج تقي الله الأدهم، مثمنا احتضانهما ورعايتهما للعمل.
تجدر الإشارة إلى أن مستشار وزير الثقافة المكلف بالتراث حضر الأمسية إلى جانب مفوض شرطة لكصر.