المغاربة الطيبون يعرفون كيف يحكم المغرب وكيف تدار البلاد ولاتنطلي عليهم ألاعيب القصر ولاشعاراته ولا حتى ديمقراطيته التي يتشدق بها ودساتيره التي يمنح ومسرحياته الإنتخابية.. إنهم يعبرون بعمق كبير يختزن مرارة وجع علاقتهم بالقصر عن كل المهزلة بقولهم "شغل المخزن".
لا أحد في كل المغرب يصدق أن القصر يصنع ديمقراطية أو يفتح بابا للحرية.. إنه يؤسس في كل يوم لإستمرار سلطته الفاسدة ونفوذه المستمد من البطش والتنكيل بالمغاربة ونهب ثرواتهم وتحويل نخبهم لمجرد حراس يشرفون على إستمرار المهزلة والمشاركة في مسرحية إقناع المغاربة بأن المغرب يسير للأمام وهو في حقيقة الأمر يسير للوراء في كل شيء..التقدم الوحيد الذي يتقدم فيه المغرب هو زراعة الحشيش بالرعاية السامية، والأرصدة الضخمة والقصور المتناثرة للعائلة الحاكمة في كل قارات العالم .
مع بداية الحراك العربي أو ما أصطلح على تسميته "بالربيع العربي" أستبشر المغاربة برياح التغيير التي لفحت أنظمة مجاورة _وإن كانت أفضل من القصر _ لكن المخزن الذي أخلف كل مواعيد المغرب مع التاريخ وعطل دورة الحياة فيه ألف سنة للوراء، قال للمغاربة كما كل مرة "بولوا" على النار ..فعلى هذا الأرض لايولد أمل إلا وكان القصر له بالمرصاد فأجهضه في اللحظة الأولى ولايولد حلم إلا واغتاله القصر كما اغتال بنبركة وغيره من الحالمين بمغرب لايصنع السحاب والرياح في سمائه أمير المؤمنين الشاذين .
عبر تجربته في التنكيل بعباد الله وتحكمه فيهم ونهب خيراتهم أمتلك القصر خبرة كبيرة في التعامل مع كل شيء ومواجهة كل موجة والسباحة معها لتخدمه وليؤسس بها نمطا جديدا في طغيانه وتجبره، وكان لابد له من إستدعاء هذه التجربة وهو يتعامل مع حراك قوي أطاح بأنظمة عتيدة وحمل في طليعته الإسلاميين للسلطة، وهنا تحركت بيادق القصر لتلعب لعبة "اللحية" في المشهد السياسي.
دستور ممنوح وإنتخابات هزلية نتاﺋﺠﻬﺎ ﻣﻌﺮﻭف ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺰﻭﺭﺓ ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﺼﻮﺕ ﺃﺻﻼ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺗﻌﻴﻴﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﺒﺪﺍﻹله ﺑﻦ ﻛﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ ﺍﻟﺴﺮﻱ ﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﺨﺎﺑﺮﺍﺕ (ﺍﻟﺪﻳﺴﺘﻲ ) ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ، ﻟﻘﻴﻂ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺣﺰﺏ ﻟﻘﻴﻂ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻘﺼﺮ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺑﻤؤﺳﺴﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺨﻄﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎن القصر.
وهكذا أجهض القصر مجددا أمل المغاربة في التغيير وأعاد تدوير الطاحونة بوجوه جديدة ليستمر المغرب مزرعة حشيش ووكر بغاء بمساحة شاسعة، يسيره الملك الفاسد وعائلته الفاسدة ﻭﻣﺤﻴﻄﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻔﻦ..يستمر الظلم لأن الملك الطاغوت يتصرف كآلهة ويتحكم في كل شيء ويسد الباب أمام أي محاولة إصلاح مهما كان حجمها بسيطا وهامشيا، ﻷﻥ ﺍﻹﺻﻼﺡ يعني في النهاية وضع حد للقصر وللمخزن ووضع حد للملك ولايعني حكومة عاجزة من الغوغائين .
ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ المخبر بنكيران ﺃﻭ ﺃﻱ وزير ﻣﻦ ﻭﺯﺭﺍﺋﻪ ﺄﻥ يلمح ﻭﻟﻮ تلميحا ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ الحقيقي ﻭﺍﻟﻨﻬﺐ ﻭﺗﺒذﻳﺮ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻟﻪ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺣﺒﻴﺒﻪ ﻓﺆﺍﺩ ﺍﻟﻬﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﻜﻞ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺃﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﻡ ﻗﻲ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﻃﺎﺋﻠﺔ دﻭﻥ ﺣﺴﻴﺐ ﻭﻻ ﺭﻗﻴﺐ .
هل يستطيع الرميد أو غيره من وزراء العدالة والتنمية مناقشة ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻘﺼﺮ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﺟﺮﺓ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮﻕ ﺃﺟﺮﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ستة ﻣﺮﺍﺕ ؟؟!! وهل يستطيع واحد منهم ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﻭﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻬﻮﻟﺪﻳﻨﻎ ( ﺃﻭﻧﺎ ) ﻣﻨﺬ ﻭﻻﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺑﺈﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻔﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻱ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺃﻭﻗﺎﻧﻮﻥ ؟ ﺃﻭﺇﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻲ نهبها رجال الحسن الثاني ﺍﻟﻤﻘﺮﺑون ﻣﻨﻪ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻋﺼﻤﺎﻥ ﻭﻛﺪﻳﺮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻭﻱ ﻭﺍﻟﻮﺯﺍﻧﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ؟ ﻫﻞ يستطيع الظاهرة الصوتية بنكيران أن يختار أو يقترح ﻭﻻﺓ ﻭﻋﻤﺎﻝ الأقاﻟﻴﻢ، ﺃﻡ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺷﺒﺎﺡ ﻭﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ المتميزين في قهر المغاربة وصب النار على الشعب المغلوب على أمره؟
لايستطيع ولايمكن أن يفكر إنه مجرد ديكور يستخدمه المخزن وقناع من أقنعة القصر ،ميزته: مظهره إسلامي ،بلحية مهذبة في فترة حضور الإسلاميين على المشهد السياسي إقليميا، وهي ذات الموجة التي ركبها في تجربة سابقة مع الإشتراكيين حين كان لهم حضور في الجوار الإقليمي والمحيط العربي.. تتساقط الأقنعة ويتغير المشهد وتتغير الوجوه والثابت الوحيد هو قناعة المغاربة أن القصر هو مركز كل فعل.. ومركز كل شر.. وأن الفساد باق ببقائه وأن جدران الخوف في نفوس المغاربة لن تنهار قبل جر كل الطغاة للمشانق وقبل عودة كل الدراهم المسروقة لأفواه المغاربة الجياع وقبل فتح القصور أمام سكان الأعرشة في مدن المغرب الكبرى وفي القرى، وقبل إنتهاء مواسم البيعة والتمسح بالعتبات الشريفة وإنتهاء تحكم القصر في المشهد السياسي ،وتوظيفه للنخب المغربية من أجل إستمرار طغيانه وتجبره على الشعب المغربي الطيب.