التاريخ يتحرك بسرعة والزمن يسير للأمام والناس تتحرر من كل التبعيات وتخرج للشمس وللحرية الحمراء ..زمن الطرابيش الحمر وحفلات الختان وأعياد العروش والتمسح بالعتبات الشريفة لاينتمي لهذا العصر ولا لهذا القرن ولا لثقافة هذا الزمن . إنها فجوة من عصر غابر يحاول ملك مريض فرضها في القرن الحادي والعشرين عصر التغريدة والثورة الإجتماعية .
طقوس العرش المغربي وأعياد ختان صغار الأمراء وصلب الناس على الإنحناء وتقبيل اليد شيء من الماضي لم يعد مقبولا أو مستساغا ، وليس من الممكن ان تموت كل شعوب الدنيا من أجل فرض من يحكمها ومن يسيرها بإرادتها وإختيارها ويبقى المغاربة جاثمون خانعون راضون بقضاء الله وقدره وبــ"صلب" أمير المؤمنين وسلالته ومن ينجب ليفرضه على المغاربة ملكا .
الزمن ليس بكل الطيبة والهدوء التي يتصور العرش، وعصر الطرابيش الحمر والعبيد الحمر أنتهى لغير رجعة، والذين ولدوا والشمس تشرق من الشرق وتغرب للغرب ومحمد السادس وآبائه ملوكا قاهرين لعباد الله، قرروا أن تكون لهم كلمة وأن يكون لهم في صراخ العالم صوت وضجيج .
لم يعد مقبولا أن يموت المغاربة مجانا في عرض البحر او في عرض الصحراء لأن نظاما فاسدا يعبث بهم ويدخلهم في اتون صراع لايعنيهم ويحتل بهم ارضا ليست لهم ولآبائهم، ويرتدي جلبابه الأبيض ويجلس بسبحته ليخبرهم انه ظل الله في الأرض وأنه امير المؤمنين وخادم المسلمين . نعم هو أمير المؤمنين، من نوع فؤاد الهمة والماجيدي وفيصل لعرايشي وعبد اللطيف الحموشي ومحمد المعتصم وسلمى بنونة .. هو أمير كل المؤمنين المقيمين في حي الرياض والمفترشين الزارابي من تحت قهر المغاربة وقمعهم والتنكيل بهم في الريف وفي الصحراء وفي اعالي الجبال ..
هو امير المؤمنين المتسكعين في الحانات وملاك الخمارات .. هو أمير كل الظلمة ونهاب المغرب وبائعي مقالع الرمل ورخص الصيد في المياه الصحراوية المحتلة . لكنه ليس امير المؤمنين الفقراء في الحسيمة والناضول وكل مدن الريف الموصوفين من والده بـ"الأوباش" ليس أمير المؤمنين المسجونين ظلما في عكاشة والزاكي وقلعة اسراغنة وكل سجون الغياب المغربية . ليس أمير المؤمنين الفقراء في عكراش وسيدي قاسم وسيدي مومن وكل أحياء الفقر والبؤس على طول المغرب وعرضه ..ليس امير هؤلاء وليس ملكهم وزمن الخنوع أنقضى. ولم يعد مقبولا أن يساق شعب بالملايين كجزء من تركة عائلية يورثها والد لولده .
أحمد ولد غلام