يترخص بعض المتبوعين المنسوبين للفكر من المسلمين هنا وهناك، في أشياء، ثم يتتبع "الأصحاب" رخصهم إعجابا بصياغات لفظية، أو بشيء يسمع لأول مرة، أو لموافقة هوى في النفس، أو حَمِيَّة فكرية أو حركية..
تنبني تلك التَّرَخُّصَات التَّخَرُّصَات على أساس:
ـ إسقاط أكثر من نصف مصادر التشريع الاسلامي، بحجة أنها من عند غير الله..
ـ إسقاط معظم السنة اعتمادا على مباحث الدلالة والورود، ودلالة الخطاب..
ـ نفي النسخ في القرآن، وتتبع المتشابه، والقول فيه بالرأي الشخصي...
ـ إخراج معظم التراث الفقهي من الاستدلال بحجة أنه نتاج أزمنة وأمكنة لم تعد موجودة، مع الإحتفاظ بأقوال منه متخيرة لم تشتهر في الزمان ولا المكان (شاذة) لأنها توافق المنزع، وتشهيرها، والاستدلال بها مع وجود النص الوحيي..
ـ تضخيم مبحث المقاصد، والتوسع فيه وجعل قواعده أصولا يبنى عليها "الاجتهاد الفكري" المعاصر، الذي جُعل أصلا من أصول التشريع، بخلاف اجتهاد المتقدمين الذي أسقط..
ـ تقسيم الشريعة إلى: ما لِـ لله (عقائد وعبادات)، تخص الفرد وليس عليها رقيب إلا ضميره، وتحكم عليها الحرية الشخصية، وما للعباد ( العدل والحرية)، ويجب فيه (الجهاد لله) حتى يفرض وينتزع، ثم تقسيم المقسم إلى ثابت يسير، ومُتَحَوِّل جُلٍّ..
ـ عزل الحدود الشرعية، على اعتبار أنها جزء يسير من الشريعة، يمثل ثابتها، وسواها متغير، يُتَعَامل معه حسب الزمان، والمكان، والمصلحة، ثم اسقاط بعض الحدود، والاحتجاج لوقف تنفيذ بقيتها..
ـ اعتبار العقد الاجتماعي الذي ينظمه الدستور أساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ثم ترك تضمين هذا العقد ما ينص على مرجعية الشريعة وحاكميتها، وما يعطي للسلطة السياسية حق سياسة دين الشعب..
أخاف أن يؤدي تتبع "الرخص" الفكرية بأصحابه إلى الخروج من وسط المرجعية الإسلامية، إلى العُدوة القصوى من العَلمانية، عملاء لقيم الحرية والعدل والحقوق المدنية التي عمل لها اللَّادينيون بظاهر من الحياة الدنيا من قبلهم بزمان، وفي سباقهم معهم لنيل ثقة الجمهور العريض من الناس (الغالبية) وتخففا للسباق يفرغون خزانهم من الشحنة الروحية، ويطرحون من رؤوسهم حمولتها المبدئية التي شكلت يوما قيمة مضافة لهم على حساب العاملين للدنيا ومصالح الشعوب الحياتية، وكانت يدهم البيضاء ـ الآية ـ التي يخرجونها للناس ليومنوا بهم، لأنهم جاؤوا ليُعبد الله، لأن ذلك هو: "الحل" لمشاكل الشعوب، فيرموا لما أشتد ساعدهم الفكري والتنظيمي والمالي المبادئ التي علموها السالكين صغارا..
القاضي أحمد ولد المصطفى