
أشار إلي بعض الفضلاء يستجلي رأيي بشأن تدوينات وتغريدات الشنقيطي حول كون الفطر في رمضان حرية شخصية وهي مناسبة لتسجيل الملحوظات التالية:
1- أن موقفي من فكر الشنقيطي عموما وخاصة في جوانبه الفقهية معروف فأنا أرى أن ما يذهب إليه من إنكار حد الردة وحد الرجم وكون الجهاد شرع لقيمة أخلاقية هي رفع الظلم فقط لا لإعلاء كلمة الله وإباحة أن يحكم الأمة من لا يدين بدينها كلها آراء باطلة لا تستند إلى أدلة شرعية مقنعة كما سبق ان أبنت في مقالات قد ييسر الله أن تؤلف في جامع، وما دامت لا تستند إلى أدلة شرعية فهي كما يعبر بعض المشايخ ضلال ومن الضلال السكوت عليها ومجاملة قائليها أما وصفهم بأوصاف التزكية في هذا المحل فهو إثم أعظم، خاصة إن صدر من المحسوبين على الدعوة ولا فرق عندي بين متصوف أو فقيه تقليدي يدافع عن شيخيه في كل كبيرة وصغير وشاب يدافع عن القائلين بهذه الأقوال وإن انتسب إلى الصحوة وتقلد في المؤسسات المحسوبة عليها مناصب رفيعة فكلاهما مقلد تقليدا ذميما ومتعصب تعصبا سقيما إلا أن الأخير جمع إلى ذلك التناقض لأنه ينهى عن خلقي ويأتي مثله.
2- لا بد أن ندرك أن في الدين حقائق الامتراء فيها امتراء في أصل الدين وليس الخلاف فيها من الخلاف المقبول في الجزئيات وإن كانت تختلف مرتبة كل مسألة من المذكورات عن الأخرى.
3- يغتفر للسياسيين من الإدهان وتقدير فقه اللحظة والمناورة في العبارات والمقاصد ما لا يغتفر لغيرهم والفرق في ذلك كالفرق بين الفقه النظري والفتوى.
3- الفرق بين من يقول بهذه المصائب وبين العلماني فرق في العبارات لا في الحقائق كما أشار الشنقيطي نفسه إلى ذلك في بعض مقالاته.
4- أن بعض المعاصرين ومنهم الشنقيطي يخلط بين الإسلام والإيمان ونصوص الشرع مفرقة بينهما تفريقا لا لبس فيه، فالمسلمون محكومون بالشريعة شاؤوا أم أبوا، كما أن المواطنين في الدولة الحديثة محكومون بالقانون شاءوا أم أبوا، أما المؤمنون فهم الذين يطبقون الشريعة مخلصين دينهم لله فيفوزون بالأجر الأخروي مع النجاة من العقوبة الدنيوية تماما مثلما يمتثل المواطن الصالح في الدولة الحديثة القانون ليرتاح ضميره علاوة على سلامته من جزاءات مخالفة القانون أما غير المؤمن فيدع العمل أو يأتيه خوفا من قوة الشريعة كما يفعل المواطن المنخرف خوفا من قوة القانون، وهكذا يتضح أن المسألة سؤر من أسآر الهزيمة النفسية التي ألمت بنخبنا المعاصرة وإلا فلكل مجمتمع محظوراته التي يعد خلافها جريمة ولا دخل للحرية الشخصية في ذلك وليس وجود ذلك في التشريع مما يعيبه بالمنظور الوضعي.
5- ان هناك ما يسمى مراعاة الشعور الوطني العام ومخالفته تعتبر إساءة واستفزازا للشعور الوطني فلنفترض أن دولة معاصرة أعلنت الحداد في يوم محدد ألا يعتبر إعلان مجموعة ذلك اليوم يوم تناول علني للمخدرات استفزازا لا ينتمي إلى الحرية الفردية، وهكذا فإن تعمد الإفطار في رمضان يدخل في هذا الباب فضلا عن أنه يعرض صاحبه إلى فتن أقلها سوء الظن به، وليس من الأمانة العلمية ادعاء أن السلف لم يكن ينكر عن المفطرين عمدا دون جلب الدليل، وسأكون مسرورا حين يقدم الشنقيطي أدلة على أن السلف لم ينكروا على المجاهرين بالفطر من غير عذر.
6- من أين للشنقيطي أن "الإمام لا مدخل له في العبادات" وهذا خليل يقول "وأدب المفطر عمدا إلا أن يجيء تائبا" ويقول " ولا يفطر منفرد بشوال ولو أمن الظهور". ويقول "وعزرالإمام لمعصية الله" قال عليش: معصية لا حد فيها ولا حق لآدمي فيها ، بدليل ما بعده كتعمد الفطر برمضان لغير عذر والتفريط في الطهارة وترك شيء مما يتعلق الصلاة.
7- لا شك أن إنكار الإفطار على المعذور شرعا إنكار مبتدع وتنطع ليس من الدين لكن من واجب من كان كذلك ممن لا يظهر عذره جليا أن يستتر عن عيون الناس حتى لا يساء به الظن كما قال خليل (ولا يفطر منفرد بشوال ولو أمن الظهور).
من صفحة الأستاذ محمدن ولد الرباني على الفيس بوك