نواكشوط – «القدس العربي»: توقع مراقبو العلاقات الموريتانية المغربية أمس أن تساهم إقالة مفتشية الشغل الموريتانية يوم الخميس لموظفين مغاربة يتولون مواقع حساسة في الشركة الموريتانية للاتصالات «موريتل»، في زيادة التوتر الذي تشهده هذه العلاقات منذ فترة طويلة.
وتعتبر شركة موريتل أكبر شركات الاتصال الجوال والثابت في موريتانيا، وتملك الدولة الموريتانية 46 في المئة من أسهمها، فيما تملك اتصالات المغرب 41 في المئة من الأسهم، ويملك خصوصيون موريتانيون 10 في المئة، فيما يملك عمال الشركة 3 في المئة من أسهمها.
وسحبت مفتشية الشغل الموريتانية (حكومية) ظهر الخميس رخص عمل المغاربة العاملين في شركة «موريتل» للاتصالات في موريتانيا، ومنعتهم من الدخول إلى مكاتب الشركة، واستثنت منهم مديرها العام ومديرها الإداري والمالي وهما مغربيان.
وأكدت مصادر داخل الشركة «أن مفتشية الشغل الموريتانية سبق لها أن أنذرت الإدارة العامة لشركة موريتل بضرورة استبدال مغاربة يتولون مواقع حساسة في الشركة بمواطنين موريتانيين وتلكأت إدارة الشركة في تنفيذ الإنذار ما جعل المفتشية تنفذة بطريقة قسرية».
ونفى محمد الأمين الشيخ الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية الخميس «وجود أي عمل يسيء للعلاقات المغربية الموريتانية»، مؤكداً «أنها علاقات ممتازة، وليس هناك استهداف لها، وما حصل هو إجراء اتخذته مفتشية الشغل، ويتعلق بوجود موريتانيين تم استبدالهم بآخرين حيث أن للموريتانيين الأسبقية في الاستثمارات وعقود العمل داخل هذه الشركة».
وأضاف الوزير الموريتاني «أن شركات الاتصال توجد بها مراكز حساسة لها تداعيات أمنية، وينبغي التأكد من العاملين في هذه المراكز».
وأكدت مصادر موقع «مراسلون» الإخباري «أن سبب طرد المغاربة من مواقعهم هو قيام المدير السابق لشركة «موريتل» بإجراءات يمكن وصفها بالخطيرة، لم تلاحظها السلطات الموريتانية حينها، تمثلت في فتح المدير مجال المغادرة الطوعية أمام كبار الكوادر الوطنية الموريتانية العاملة في الشركة، مع التلويح بالإقالة لمن لا ينصاع لهذه المغادرة الاختيارية، وبعد اكتمال لائحة المغاردة الطوعية قلص المدير الهيكلة الإدارية للشركة، وأعاد تنظيمها بشكل يمكن من منح المناصب المهمة كافة للمغاربة».
وقد نبه عدد من الأطر المغادرين، حسب «مراسلون»، السلطات الموريتانية لهذه الإجراءات، فتأخرت الاستجابة وأصبح المغاربة يتحكمون في مجالات الاتصالات بالشركة ومن أهمها قطاع «التنصت»، كما يتحكمون في «المجال المالي»، وأصبح لزاماً على السلطات حسم الموضوع واتخاذ الإجراءات التي أعلن عنها الخميس.
هذا وأعادت التأزم الجديد في العلاقات الموريتانية المغربية المنضاف لحالات تأزم متراكمة، طرح التعامل الديبلوماسي والسياسي الموريتاني مع الجزائر والمغرب داخل دهاليز التدوين والتغريد.
وفي تدوينة له أمس حول الموضوع، أكد إكس ولد إكس إكرك وهو أبرز مدون موريتاني «أن النهر لا يملك تغييراً لمجراه وقدر موريتانيا أن تظل رهينة عناد الجغرافيا وعليها أن تحسن علاقاتها مع جيرانها بدون استقطاب فمصلحتها تكمن في علاقات جيدة وطبيعية مع المغرب والجزائر ومالي والسنغال وأن لا تكون علاقاتها مع مالي على حساب السنغال ولا أن تكون علاقتها مع الجزائر على حساب المغرب».
وأوضح «أن نواكشوط تستمر في سياستها بعدم تطبيع العلاقات مع الرباط ومن ذلك عدم تعيين سفير لها في الرباط منذ خمس سنوات، كما ضيقت على الحضور الاقتصادي المغربي سواء البنوك أوشركة الطيران «لارام» أو استيراد البضائع ومنها منع استيراد الأدوية المغربية، حتى أنها أرسلت الطلبة الى دول أخرى للدراسة».
وأضاف «موريتانيا استاءت من حضور مدير المخابرات العسكرية المغربية ياسين المنصوري ووزير الخارجية صلاح الدين مزوار زفاف ابنة المعارض الموريتاني المقيم في المغرب المصطفى ولد الإمام الشافعي الذي تلاحقه موريتانيا قضائياً».
واستعرض المدون الخبير حالات المد والجزر التي شهدتها العلاقات الموريتانية المغربية منذ خطاب الملك محمد الخامس في محاميد الغزلان عام 1958 مروراً باعتراف المغرب بموريتانيا سنة 1969 إلى لقاء نواذيبو في 14 أيلول/سبتمبر 1970 إلى حرب الصحراء إلى انقلاب 10 تموز/يوليو 1978 وانقلاب نيسان/ابريل 1979 والتنازل عن الصحراء وانقلاب 16 آذار/مارس 1981 إلى الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية سنة 1984 إلى انقلاب 1984 وانقلاب 2005 وانقلاب 2008.
وأكد إكس ولد إكس إكرك «أن بعض مستشاري الرئيس عزيز يبيعون له الوهم ويلقون في روعه أن ابتعد عن سياسة المحاور والمغرب العربي، ابتعد عن المغرب والجزائر وأسس سياسة خاصة بك لتقليل تأثير البلدين في سياستك الداخلية والخارجية، اشرب الوهم في قلب عزيز وطمح لزعامة إفريقيا وهو إن لم يبلغ مقام ملك ملوك إفريقيا فقد تزعم الاتحاد الإفريقي، وأنشأ في نواكشوط تجمعاً إقليمياً ضم خمس دول هي موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، وهو تجمع إقليمي أعلن عن تأسيسه في نواكشوط للتنسيق ومتابعة التعاون، لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية».