يمكننا أن نفوز أمام أصحاب القمصان المشدودة ... الثقة في النفس هي مفتاح الفوز وهذا يعني أولا وقبل كل شيء تجاوز عقدة اللعب أمام الكبار والعمل وفقا لقاعدة : ليس لدينا ما نخسره بل على العكس توجد أمامنا فرصة حقيقية لصناعة التاريخ علاوة على الفرصة التي توجد أمام لاعبينا للترويج لأنفسهم في سوق الاحتراف الدولية في حالة الفوز على منتخب كبير مثل الكاميرون خصوصا بعد الأداء البطولي في مباراة الذهاب .
أما منتخب الكامرون فهو على العكس من ذلك يلعب تحت الضغط لأن فوزه على منتخبنا يمثل بالنسبة له بالإضافة إلى أهمية نقاط المباراة للاستمرار في مشوار التصفيات فرصة مهمة للحفاظ على سمعته وعلى تاريخه الأسطوري .إن فريقا يكافح من أجل تثبيت قدمه بين الكبار ليس مثل فريق يكافح من أجل البقاء في القمة والحفاظ على الصورة الناصعة في أذهان الجميع في المونديالات وفي الكؤوس الإفريقية وضمان الاستمرارية مع جيل الكبار
وبالتالي لا تمثل مباراة انواكشوط للمنتخب الكاميروني ما تمثله بالنسبة إلينا إنها بالنسبة إليه فرصة لتفادى الإحراج واهتزاز صورته أمام أنصاره في الكاميرون وعشاقه في إفريقيا والعالم فلا يعقل أن المنتخب الذي عرف أشهر حراس المرمى في القارة وفي العالم مثل : توماس أنكونو ، جوزيف آنتوان بيل ، جاك سونغو... وأشهر المهاجمين مثل: روجيه ميلا ، ماكاناكي، صامويل إيتو... وأصلب المدافعين وأكثرهم خبرة ومتعة في اللعب مثل : ريغوبير صونغ وغيره ، يخرج من التصفيات ضمن مجموعة تضمنت منتخبات مغمورة.
ومع ذلك ارتبط تاريخ الكاميرون الكروي على الدوام بالسقوط المدوي وبخيبات الأمل المتكررة في مرات عديدة : من بين كل الكبار يتميز المنتخب الكاميروني بكثرة العثرات غير المتوقعة التي تعزى إلى أسباب متعددة تنظيمية ومالية وفنية ... نذكر من ذلك على سبيل المثال:
* الخروج من ربع النهائي في كأس العالم بإيطاليا سنة 1990 أمام إنجلترا بحضور جيل العمالقة .
* ثلاث هزائم متتالية وخروج مذل من أول كأس عالمية على أرض إفريقيا يتعلق الأمر بكأس العالم في جنوب إفريقيا سنة 2010 أمام ثلاث منتخبات يتفق الجميع أنها كانت في متناوله هي اليابان وهولندا الدانمارك
* خروجه في نفس السنة من بطولة كأس إفريقيا للأمم من الدور ربع النهائي أمام المنتخب المصري نتيجة ثقيلة.
ومع ذلك نجح منتخب الكاميرون في استعادة زمام الأمور بعد ذلك والتأهل بسهولة لنهائيات الأمم الإفريقية للسنوات الموالية أي في دورتي 2012 و2013 بعد تجاوز عقبة تونس في ياوندي.
لا بد من الإيمان بحظوظنا في التأهل عند اللاعبين وعند الجهاز الفني والإداري وهذا يعني أن نلعب من أجل الفوز وإرضاء الجمهور المتعطش . ومع أنني لست خبيرا رياضيا إلا أن المعلومات القليلة المتوفرة لدي عن المنتخب الكاميروني تؤكد أن أفضل وسيلة لمواجهة هذا المنتخب الكبير تكمن في :
* سلاح الهجمات المرتدة السريعة والاعتماد على سرعة اللاعبين في تنفيذ الهجمات خصوصا في ظل ضعف التماسك بين عناصر المنتخب المنافس لأسباب موضوعية معروفة.
* واللعب الجماعي إضافة إلى أنه من أقوى الأسلحة التي يمكن لمنتخبنا أن يستخدمها في مواجهة الخصم – هو نقطة الضعف الأساسية وربما الوحيدة لدى الفريق المنافس نظرا لتواجد لاعبين محترفين هم عماد المنتخب لا يتدربون معا ولا يلعبون معا إلا في حالات نادرة جدا وهي من سلبيات الاحتراف
ولا بد كذلك من استثمار نقاط الضعف القليلة لدى الخصم وعلى رأسها :
* الثقة الزائدة : الثقة الزائدة كانت دائما هي الآفة التي فتكت بالكبار وخاصة بالكامرون حدث ذلك عندما واجهت أنجلترا في كأس العالم بإيطاليا .. وواجهت مصر في نهائي كأس إفريقيا للأمم.
* ضعف الروح الجماعية وضعف الانسجام بين عناصر المنتخب وفي بعض الأحيان ضعف المعنويات بين اللاعبين لأسباب مادية نتذكرها جميعا.
وبناء على ذلك يتعين على اللاعبين أن يلعبوا هذه المباراة كما لو كانت أهم مباراة في مسيرتهم الكروية وفي تاريخ البلد وكما لو كانت مباراة نهائية وهي بالفعل كذلك فهي مفتاح التأهل لمنتخبنا لأن مباراة جنوب إفريقيا ستكون هي الأصعب للمنتخب في التصفيات لسببين :
* أنها مباراة ثأرية سيستغلها منتخب جنوب إفريقيا لإعادة الاعتبار بعد الهزيمة المذلة في انواكشوط
* أنها تجري على أرض الخصم وأمام أمواج بشرية لم يتعود مقاتلو الصحراء على رؤيتها في المدرجات
ومع ذلك فإن المباراة أمام الكاميرون في نواكشوط ليست هي الأسهل ولكن حظوظنا في الفوز فيها قد تعادل احتمالات الخسارة فيها.
إلا أن مسؤولية الفوز بنقاط المباراة لا تعتمد فقد على قدرات اللاعبين واستعدادهم للتضحية ولا في ذكاء المدرب بل تعود كذلك إلى المسؤولين عن القطاع وإلى الجمهور.
أما مسؤولية القطاع فقد قام بجزء كبير منها وقد يكون تخصيص جوائز للاعبين في حالة الفوز من طرف الحكومة أو من طرف رجال الأعمال الوطنيين له مفعول سحري على نحو ما رأيناه في نهائي دوري الأبطال الأسبوع الماضي .
وأما مسؤولية المشجعين والجمهور فهي المؤازرة القوية المتواصلة لعناصر منتخبنا الوطني والحضور المكثف في مدرجات الملعب الأولومبي والامتناع عن أي نوع من السلوك غير الرياضي في حال ما إذا دارت الأمور في غير صالحنا لا قدر الله.
لقد آن الأوان لنا أن نكون أمة تفتخر بأبطالها وتفرح بهم كما تفرح الأمم الأخرى وكثيرا ما وحدت الرياضة بين الشعوب فلم لا توحد بين أبناء الشعب الواحد الباحث عن مكانته بين الأمم.
الدكتور البكاي ولد عبد المالك