"الزكاة" و"محلات التضامن".. مسلسل إهانة الإنسان
مع اللحظات الأولى لوقوع كارثة "الزكاة" طلبت من الموريتانيين عدم استغلال الكارثة سياسيا ، والترحم على الضحايا بعيدا عن الفيسبوك .. لم يحدث ذلك، وتم الاستغلال على نطاق واسع.. والأمر مفهوم... وسألتمس هنا أحسن المخارج: هي كارثة إنسانية تمس الكل ويصعب ألا يتم الحديث عنها..
والآن.. ومن دون توجيه لوم إلى صاحب الزكاة، اعتبر ما جرى استمرارا لمسلسل من إهانة الانسان وتمريغ كرامته في التراب ..
كان أحرى برجل الأعمال أن يصرف زكاته بطريقة أكثر "احتشاما" وأقل إهانة للفقراء..
وتدخل في المسلسل نفسه "محلات التضامن" التي أقر بأنها مفيدة للمواطن.. ومن يريد التأكد من ذلك عليه المتابعة في القرى الداخلية.. و"عملية رمضان" هي الأخرى تدخل في الإطار نفسه، وكذا التوزيع المجاني للمساعدات الغذائية الزهيدة...
فلو استخدمت الدولة المبالغ المرصودة لعمليتي "التضامن" و"رمضان" في دعم المواد الاستهلاكية لكانت الفائدة أكبر وأكثر احتراما لكرامة الإنسان...
رحم الله ضحايا الإهانة
اباي الطلبة
علاقتنا مع الموت متعددة المصادر.. نحن نموت بحوادث السير.. وبالاخطاء الطبية وبالفشل الكلوي.. وبالسرطان و نموت بالقلب.. الموت لم يعد بتلك الرهبة.. ليست عندنا معه اي مشكلة.. رحمة الله اوسع واشمل وألطف بنا من بطش البشر.. لكن قمة الألم ان نموت ونحن أحياء أن نموت لأن خنجرا استقر في خاصرة كرامتنا وانسانيتنا. . قمة الوجع أن يموت فينا الضمير.. ذلك الصوت الذي يرافقنا كدليل على الحياة.. حين لانسمعه بجانبنا فذلك هو الفناء.. وأي فناء.!!
رحلن عن دنيانا الفانية وهن في ذمة رب رحيم كريم.. رحلن شاحبات جائعات عاتبات على وطن لن يتذكرهن إلا بعد الرحيل ليمنحهن قبرا سيكون ارحم بهن من رحلة التيه اليومية بحثا عن لقمة تسد رمقهن ..يالله من لتلك العيون البريئة الجالسة الآن على رصيف الحياة تنتظر أما.. ورغيفا... و لمسة حنان.. كيف سيكون هذا المساء.. أي سحابة حزن ستلف ذلك المكان..!!
لكنهن رغم صمتهن وضعفهن وعجزهن عن التعبير.. رغم صعوبة الوداع ودموع الاطفال.. تركن رسالة عميقة.. ومؤثرة. ..
لحظات المحن والمصائب يجعل منها العقلاء فرصة للمراجعه والتصحيح.. هي لحظات تنبيه بالوخز.. والصعق.. والألم.
-تجب مراجعة نظام المعاشات والتقاعد
- الدولة يجب ان تتكفل بالأرامل و معيلات الأسر ممن لا معيل لهن.. تتكفل بشكل مباشر وشامل بعيدا عن الاستراتسجيات الفوقية و التنظير السياسي
-الدولة يجب ان تتكفل باليتامى الذين لا معيل لهم.
- الدولة يجب ان تبدأ في خطة للتنمية الاجتماعية تستهدف تخفيف الفقر في المدن والقرى والارياف وان تعتمد هذه الخطة على الدعم المباشر والمشاريع الصغيرة و تقريب الخدمات والمرافق العمومية من المواطنين .
- تجب مراجعة خطط تسيير الأمن الغذائي وان تكون الحصص شهرية للأسر الفقيرة والمعدمه
- يجب تطوير المجتمع المدني و الجمعيات الخيرية وتطوير العقليات من خلال التوعيه بضرورة التكافل الاجتماعي والانخراط في الحملات الوطنية الخيرية والجدية التي تستهدف الفقراء والمعوزين...
- يجب على الحزب السياسي أن يكون فاعلا اجتماعيا منحازا الي الفقراء فعلا لا قولا وان يكون لكل حزب أداء اجتماعي يلامس الفقراءوالمحتاجين.
- يجب ان نراجع طريقة صرف الزكاة و ان يكون للدولة دور في تنظيمها...
- اللهم ارحمهن واغفر لهن وتجاوز عنهن ولا حول ولاقوة الا بالله
ضحايا التدافع ضحايا ايضا للظلم والاهمال
نتقاسم جميعا كل من موقعه وان بتفاوت كبيرالمسؤولية عن فاجعة اليوم التى ازهقت ارواحا بريئة وتسببت فى جرح العشرات
الدولة تتحمل المسؤولية فلماذا اهملت هؤلاء الفقراء ولماذا لايوجد لديها جهاز حكومي للاهتمام بهم وجمع الزكاة والصدقات لتوزيعها بعدالة عليهم
رجال الاعمال يتحملون المسؤولية فلماذا لايتذكرون معاناة هؤلاء الفقراء الا فى مناسبات سنوية عابرة يصرفون عليهم ما لايكفى حتى لتعرقة النقل الى مكان التوزيع
ويتحمل الائمة والخطباء والدعاة امسؤولية فلماذا لاينخرطون طواعية فى حملة تآزر وطني لتضميد جراحات الفقراء والمعوزين والمرضى
تتحمل الاحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني باستثناءات بسيطة المسؤولية فلماذا نسيت هذا الثطاع العريض من المواطنين ولم تلتفت اليهم لتخفيف معاناتهم
يتحمل الصحفيون فى الاعلام الحكومي والخاص بمرئيه ومسموعه ومكتوبه دون تعميم طبعا المسؤولية فلماذا لا تكون هناك برامج تشد الانتباه لمعاناة هؤلاء المواطنين
يتحمل المدونون رغم لمساتهم الإنسانية أحيانا (وما أبرئ نفسي) المسؤولية فلماذا لاتكون قضية الفقراء والمرضى شغلهم الشاغل بدلا من التراشق السياسي العقيم
تتحمل اسر الضحايا المسؤولية فلماذا يترك الابن اباه الاعمى اوامه المقعدة دون رعاية اوعناية وهما يصارعانة للحصول على لقمة العيش لماذا يترك الابناء اباءهم المرضى والضعفاء يذرعون الشوارع بحثا عن فتات دون اي اهتمام او رعاية
ابدى اسفى لانه علي ان اقول لكم ان معظم الاسر لم تتذكر ضعفاءها ومسنيها ومرضاها وعميانها ومعوقيها الا اليوم بعد هذه الحادثة وفقط للبكاء عليهم ومواراتهم الثرى وسأصرخ فى وجوههم الحزينة اليوم أين كنتم قبل الآن ولماذا لم ترافقوهم أوتسندوهم أوتهدوهم أوتسألوا عن أحوالهم
أن يموت شخص أي شخص فهو امر طبيعي اقتضته سنة الحياة لكن أن نقتل جميعا شخصا ثم نمشى بحزن فى جنازته فذلك مالايمكن فهمه ولا تفهمه أبدا
سأسميهن '' شهيدات الزكاة '' و سيعرف الجميع أنها فضيحة الأوغاد من الأغنياء الذين قعدوا على عيون المال و حرموا عباده .. لو أن أغنياء البلد كانوا يوزعون زكواتهم ما احتشد كل هذا العدد من النساء عند توزيع زكاة رجل الأعمال هذا الذي لا يمكن إلا أن نشكره على إخراج زكاته .. نشكره على إخراج زكاته ! .. نعم نشكره لأننا في زمن الأنذال .. رحمة الله عليهن عشن جائعات و متن جائعات في مجتمع انتفخت أوداج بعض رجاله من السرقة و الشح و الحرام .. رحمة الله عليكن أيتها الطاهرات .. ارتقيتن إليه ... إلى رب كريم .. فأشرن إلى هؤلاء و قلن يرحمكن الله ( ما عندكم ينفد و ما عند الله باق ) .. دموع من القلب عليكن ....تعاز بطعم الإحباط و اليأس من هذا العالم إلى أبنائكن اليتامى .. دعوات بالشفاء لأخواتكن اللائي سيواصلن درب الفاقة لكن مع إعاقة .. اللهم إني أبرأ إليك من كل شرير .. حسبي الله و نعم الوكيل
ما فائدة الحديث عن امتلاكنا لاحتياطيات مالية بمئات المليارات، إذا كان فقراؤنا يموتون على أبواب الأغنياء بحثاً عما يُسكت به أحدهم ألم جوع أبناءه؟
هل كُتب علينا أن لا نجد لثرواتنا أثراً إلا على ألسنة الحكّام، أو نسمع عن أخبارها سرقات بالمليارات؟
لا يوجد شيئ في هذه الحياة أكثر ألما من موت فقير وهو في حالة تدافع لا إنساني من أجل كسب قوته. لطالما تملكني الإيمان أن رجال أعمالنا عليهم التحلي بروح الإخاء ونبذ الكم الزائد من الأنانية. على أثرياء هذا البلد التوجه للعمل الخيري المؤسس الذي سيخفف لاشك من وطأة الفقر وجحيمه. وليس من المروءة في شيء استغلال حاجة الناس لبناء دعاية سياسية أو صناعة مجد لا يقيم وزنا لأنسانية هؤلاء.
سيحل هذا المساء علي أولئك الأطفال وهو ينتظرون أمهاتهم الذين ذهبوا اليوم من أجل أن يعودوا إليهم بدراهم قد تسد لهم الرمق وقد لا تسدها وهم يعيشون في وطنهم تتطاير من خزينته المليارات اللهم ارحم أولئك الأمهات والطف بأطفالهم