تماما كما فعل أحمد ولد داداه في مهرجان التكتل الأخير؛ فاجأ الرئيس مسعود ولد بلخير الرأي العام الموريتاني، فأثبت أن له كاريزما لم تؤثر فيها محاولات سحب البساط من تحته، ولم ينل منها دخول مناضلين آخرين على خط "قضية لحراطين".
قدرة الرجل الكبيرة على حشد الجماهير ليست هي كل ما فاجأ الإعلاميين هذا المساء، بل كان خطابه الذي امتزجت فيه العاطفة بالواقعية والحجاج العقلي بالشعبوية مفاجئا كذلك..
فرغم أن المهرجان عُقد تحت الشعار الذي جعله عنوانا لمبادرته القديمة "موريتانيا أولا"، إلا أن أحدا لم يتوقع كثيرا مما ورد في خطاب مسعود..
الانقطاع الطويل للسياسي المخضرم عن المهرجانات الشعبية؛ ربما يسوغ طولَ خطابه الذي استغرق قريبا من ساعة..
كان مسعود على وعي تام بأن الرأي العام ينتظر الإجابة على أسئلة كثيرة فرضتها التجاذبات التي شهدها حزب التحالف، والصراع المحتدم بين المعارضة والنظام، وعلاقته الغامضة بالنظام..
نحن في التحالف أصوليون..
في البداية شكر مسعود الجماهير التي أثبتت أن التحالف ورئيسه مسعود يستطيع أن يحشد مثل هذا الجمع..
مضيفا: كثيرا ما قيل إن التحالف ورئيسه وضعتهما السلطة في جيبها.. وكثيرا ما قيل إن التحالف ورئيسه لم يعد لهما وجود.. جزاكم الله خيرا لأنكم كذبتم تلك الادعاءات المغرضة.
مسعود شكر على الخصوص ناشطي صفحة الفيسبوك الشهيرة "النخلة والتيدومة" وهما، يقول مسعود، رمزان وطنيان أصيلان.. مردفا: نحن في التحالف أصوليون؛ لأننا مرتبطون بالأرض وبالشعب..
وفيما يعتبر ردا على من شككوا، في وقت سابق، في ريادة مسعود لحركة "الحر"؛ قال: التحالف محطة من المحطات العظيمة التي مر بها رئيسه مسعود ولد بولخير..
واستطرد: أول إطار عُرف من خلاله مؤسس التحالف هو إنشاء حركة "الحر" في 5 مارس 1978 في أكواخ بالمقاطعة الخامسة، على يد 12 حرطانيا يافعين..
وشدد مسعود على أنهم لم ينشؤوا حركة الحر على أسس عنصرية وليس لغرض الانتقام أو المطالبة بتعويض الظلم الذي مورس في الماضي على شريحتهم..
أخطأ الناس في فهمنا..
وربما لأول مرة؛ رد مسعود على اتهامات محددة طالما رُمي بها، حين قال: أخطأ الناس في فهمنا، واتهمتنا السلطة بأننا نرمي إلى التحالف مع الزنوج من أجل تصفية الحسابات مع البيظان... مردفا: ما قلته هو أن لحراطين مظلومون، ويجب أن يرتفع عنهم الظلم.. ولو قام الجميع بالتكاتف من أجل رفع الظلم فنحن لا نريد أكثر من ذلك..
لكن مسعود حمل المسؤولية الأكبر في هذا الصدد للحراطين أنفسهم قائلا: إذا لم يثق لحراطين بأنفسهم فلن يثق بهم الغير.. قبل أن يتقدم برجاء إلى الجميع بالحرص على تحقيق العدالة والمساواة بين الجميع.. مشددا على أن ظلم لحراطين لا يمكن أن يستمر..
لحراطين عرب، لكنهم ليسوا بيظانا..
وحول سؤال الهوية قال مسعود إن لحراطين عرب بألسنتهم وثقافتهم ونمط عيشهم.. يركبون الإبل ويعيشون تحت الخيمة..
لكنه استدرك: لست بيظانيا وليس لحراطين بيظانا، بل نحن عرب وحسانيون..
وتساءل: لماذا التشكيك في عروبة لحراطين؟ قبل أن يطالب بالتوقف عن معاملة لحراطين كأنهم أطفال، يُمْلَى عليهم ما يريدونه ويرغبون فيه..
لم يبق لي من المناصب إلا الرئاسة وسأنالها..
وحول بعض الإشاعات التي نالت منه قال: أوجعتني الاتهامات التي شككت في حرطانية مسعود، وقالت إنه تخلى عن لحراطين بعد أن نال المال والوظائف..
واستطرد: نحن لا نبحث عن الوظائف لأنها تستعبد أصحابها.. نحن نبحث عن العدالة والمساواة والتعليم والصحة وتكافؤ الفرص..
قبل أن يضيف: توليت جميع المناصب، ولم يبق لي منها إلا الرئاسة وسأنالها..
التحالف سيحاور، ومسعود سيحاور..
أخيرا وصل الرئيس مسعود إلى موضوع الحوار الذي انتظر الإعلاميون بلهفة حديثه عنه منذ البداية، فقال: إننا دعاة حوار، نسعى إلى حياة سياسية هادئة.. استطعنا خلال الحوار الماضي أن نقضي على الانقلابات دستوريا، ونعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم، بعد أن رأينا ما أحدثته الثورات في البلدان القريبة منا..
وأضاف: في اجتماع المجلس التنفيذي الأخير قررنا بالإجماع المضي إلى الحوار..
وختم مسعود قائلا: التحالف سيحاور، ومسعود سيحاور.. أدعو الرئيس أحمد ولد داداه، وسأذهب إليه ثانية.. لا أريده أن يتغيب عن موريتانيا الجديدة التي نطمح إليها.. وسأذهب إلى الزعماء السياسيين الآخرين.. "موريتانيا أولا" هي شعارنا..