مريم الأخرى و شاعر زاهد ...
الإبداع و ما يتبعه من مجد و شهرة صُنوان.. و .. لكن، أن تجد من يبعد نفسه عن الأضواء رغم عُلو شأنه و سُمُو حرفه، فهذه تعتبر (بدعة) و ليس (إبداع) لدى أخرون (يتلبطون) في الإبداع و هُم ليس منه في شئ و ليس لديهم منه أوفر الحظ و النصيب..!!
كثيراً ما حاولت إستدراجه لحوار يناقش مسيرته مع فنون الشعر و الغناء، إلا أن
المهندس ميكانيكي / محمد عبد الله شمو، الشاعر المترع أحاسيساً شفيفة و إبداعاً خلاقاً و يراعاً هفهافاً ،و الذي تجمعني به علاقة النسب. فهو زوج لإبنة عمي الكريم / القمر التوم نمر الموظف معاش بإدارة الجمارك .. أعرفه منذ سنوات طوال يأبى فيها أن يبحث عن أية بؤرة يتسلل منها ضؤ إلى ما شنف به أذان مستمعي فن الغناء سوى ما تم تلحينه و الغناء به أو ما هو غير ذلك.. و عند زيارة عائلية له و لأسرة عمي الكريم القمر التوم نمر و أبناء عمومتي (مهند و مصعب القمر التوم) حديثي الزواج و أسرهم الصغيرة، كان الحوار هادئاً كما الضيوف و الزمان وقتها..
كان لدي حينها نسخة مكتوبة من رائعته (مريم الأخرى) على جهاز الكمبيوتر الخاص بي في المنزل و قد زودني بها صديقي الأستاذ المحامي / عصام محمود سيد أحمد الذي يرى أن هذه الأغنية تمثل مفترق طرق في فن الغناء السوداني و أنها جعلت الناس يفكرون في ما وراء الكلمات و ما وراء العبارات. فأطلعت الأستاذ/ محمد شمو عليها. و بعد مطالعتها قال الأستاذ شمو أنها ليست كما قالها و سلمها للأستاذ الراحل/ مصطفى سيد أحمد، له الرحمة. مُضيفاً، عند إستفساري له، أنه هو فعلاً شاعرها ..؟ أقول هذا لأن هناك من (يدعي) أنه هو شاعرها لتطابق جزء من إسمه مع إسم شاعر الأغنية (الأصلي) و هو ضيفي الأستاذ محمد عبد الله شمو و يبدو لي أن الشخص الذي يدعي أنه هو شاعر الأغنية قد إستغل (زهد) الأستاذ محمد شمو في عدم التوثيق لنفسه و أحقيته أدبياً بأنه هو من صاغها شعراً. و من ثم شرّع الأستاذ محمد شمو في تنقيح النسخة التي بحوزتي من حيث المفردات و الإملاء إلى أن نقحها كاملة.
أحضرت بعدها أوراقي لإجراء حوار مُطوّل معه، إلا أنه تمنع كعهدي به..!! فالرجُل يمتنع و يذكر لي دوماً أن هذا عهداً ولى من حياته و تجربة لا يندم عليها و يدرك مدى ضخامة عطائها و مشوارها الأغر.. و للحق أقول، أن الرجُل يعيش زاهداً حتى في الدنيا بما حوت من زخرف و زخم و لا يتمسك بشئ منها سوى أداء الصلوات الخمس في المسجد و ذكر الله تعالى و تلاوة القرآن و الإنضمام إلى حلقات تحفيظه و على طريقه تسير أسرته الكريمة..
عموماً، حاورته بدون تدوين معلومات للتوثيق .. فذكر لي أنه لم يستمع ل(مريم الأخرى) كاملة و مُلحنة بصوت الراحل مصطفى سيد أحمد إلا من خلال شريط كاسيت للراحل مصطفى سيد أحمد، أهديته إياه قبل سنوات بعد أن طلب مني ذلك.. و أضاف أنه إتصلت به زوجة الراحل مصطفى سيد أحمد قبل بضعة سنوات، ذاكرة له أنه في طريقها لإصدار ألبوم غنائي للراحل مصطفى سيد أحمد بإسم (مريم الأخرى) و إستنطقته حول حقوقه الأدبية و المادية حول الألبوم المعني و قال أنه ذكر لها أنه لا يريد شيئاً و يكفيه أنه من صاغ تلك الأشعار التي جعلته في مصاف الشعراء الذين تغنى لهم الراحل مصطفى سيد أحمد، بجانب أنها ،(مريم الأخرى)، من بين أروع ما تغنى به الراحل، له الرحمة.. و قال الأستاذ / محمد شمو أنه لا يستمع للغناء إلا لماماً و مضيفاً أن ساحة فن الغناء السوداني تخلو من أشعار (ناطقة) و أداء غنائي خفاقٍ و خلاق..
تبقى أن أقول أن والدة الأستاذ الشاعر/ محمد شمو تسمى (مريم) لها الرحمة، كما أن صغرى بناته هي (مريم) أيضاً و ما بين مريم (الكبرى) التي أنجبته و مريم( الصُغرى) التي أنجبها، أنتج لنا مريم (الأخرى) التي سكّب فيها و نهّل منها كل هذا الإبداع.
و أشهد الله تعالى أنني أرسلت هذا المقال للأستاذ محمد شمو عبر بريده الإلكتروني قبل نشره هنا، فكان رده لي هو التالي:
أخى رشيد- الشكر الجزيل على هذا الكلام الجميل والرائع--فليكن هذا الأمر شأن بينى وبينك فقط وأن لا يتم بثة عبر أية منتدى أو صحيفة أو أى وسيلة أخري---
لك شكرى ---أخوك محمد شمو.
أخيراً.. أليس هذا رجُل جدير بالذكر أراد أم لم يريد تأدباً منه و تهذباً و فوق كل هذا و ذاك، تديناً..؟
للأستاذ الراحل مصطفى سيد أحمد الدعوات بالرحمة و للشاعر الأستاذ محمد عبد الله شمو المعزة و لجميع عشاق الراحل مصطفى المودة..
و دمتم
للقراءة من المصدر اضغط هذا الموقع