ياقوم.. اسمعوا وأنصتوا.
لقد جئتكم بنبإٍ يقين.. جئكم من هناك.. من مقبرة الأحلام في صحراء إنشيري الشاسعة.. حيث ينقب عشرات الألوف من الشباب والشيوخ والنساء عن الوهم!!
حيث تدفن مليارات الأوقية وتبعثر في جَوقة أقرب إلى هستيريا المجانبن منها إلى تصرفات العقلاء " المصونة عن العبث"..
فبعد عشرة أيام من اللهث وراء السراب عدت.. والعود أحمد..
عدت لأروي القصة بكل صدق وتجرد..
فترقبوا تدوينات تكشف المستور.. وتنشر الحقيقة المرة على بساط المودة.. فبيان الحق دين في عنق كل مسلم لأخيه المسلم.
لم أقتنع يوما بالمشاركة في مهزلة الذهب، لكنني فعلت على مضض بعدما كثر حوله الصخب .. وبعدما رغَّب القريب والبعيد في المسارعة إلى الفردوس المنشود.. حتى غدا القاعد عنها معدودا في المُخلفين، موسوما ب "النفشة".
وإن كان بعض الأقارب المتخصصين في التعدين نصحني - مشكورا - بعدم المغامرة..
لكنني أزمعت الذهاب مُكرها بعد أسابيع من الأخذ والرد.. فطفقت وشركائي نعد عدة السفر.. فحصلنا على جهاز كاشف للمعادن مجمرك بمبلغ مليونين ومائتي ألف أوقية "نقدا" وحصلنا بعد جُهد جهيد على رخصة للتنقيب في الفيافي بمائة ألف أوقية دفعناها نقدا "لخزينة الفساد".. الله وحده يعلم في أي جيب من جيوب "العصابة" وقعت.
وأنفقنا في باقي التجهزات والمُؤن ما يقارب الثلاثمائة ألف أوقية..
كل ذلك حشرناه في سيارة رباعية الدفع من نوع (hilux nouveau modele) من حسن الحظ أنها كانت عندنا مسبقا..
ثم بتنا على أهبة السفر..
#رحلتي_خلف #سراب_الذهب
انطلقت رحلتنا نحو "المجهول" في الساعة الخامسة فجرا..
لم نجد في الطريق عوائق تذكر من قبل السلطات، فوصلنا لمدينة "الأشباح" الشامي في حدود التاسعة صباحا.. كانت الطوابير على محطة البنزين مدهشة للرائي مما جعل الشرطة تتولى مهمة تنظيم تلك الطوابير..
قمنا بالتسجيل عند فرقة الدرك هناك.. واصلنا المسير وصلنا في حدود الساعة الثانية عشر لسياج "إمبراطورية" كينروس تازيازت، رينا جماعات من المنقبين فظنناه مكان الفردوس الموعود.. أخرجنا جهاز التنقيب وبعد لحظات داهمتنا سيارة الدرك فاختطفوا الجهاز وحامله بدعوى أنه ليس المكان المسموح به للمنقبين.. وقد باءت كل محاولات استرجاع الجهاز بالفشل.. بعد ساعتين من الانتظار حضر قائد فرقة الدرك فأمر برد جميع الأجهزة على أن يبتعد المنقبون إلى جبل يتراءى من بعيد يدعونه " الدواس" أو " اندواس" حسب تصحيح أحد أصحاب الأرض..
كان اختطاف الجهاز بادئ الأمر منذرا بما ينتظرنا من مشقات وأكدار..
في حدود الساعة الثالثة ظهرا وصلنا ل " اندواس"..
يتواصل..
اطمئنوا ستكون التدوينة التالية هي الأخيرة بإذن الله..
#ختام_رحلتي_إلى #سراب_الذهب
وصلنا گلب اندواس فكان كأنه يوم عرفة.. فالجبل يكاد يكون مغطى بالبشر.. والخيام تمتد على جوانبه مد البصر.. ولما حل الظلام صار المكان بأضوائه كأنه مدينة من أكبر المدن..
كانت الأيام الثلاثة الأولى من وجودنا هناك مدمرة لللمعنويات رغم مواصلة الليل بالنهار والبحث الدؤوب بروح الفريق.. حيث لن نحصل على ذرة ذهب.. مما جعلنا نشك في سلامة جهازنا فاضطررنا للبحث عمن لديه حبيبات من الذهب لنعرف هل يكتشف جهازنا الذهب أم أنه مزور كما هي حال كثير من الأجهزة هناك..وحصلنا على مطلبنا فتبين أن الجهاز يتعرف على الذهب بفاعلية ولكنه لم يجده بعد..
بعد مرور الأيام الثلاثة الأولى تحولنا لمكان آخر قرب "الامبراطورية" كان أحسن قليلا حيث التقطنا يومنا ذلك ثلاث حبيبات لا تتجاوز أكبرهن غراما واحدا..
مكثنا على حالنا تلك بقية أيامنا نلتقط يوميا أربع حبيبات أو خمسا.. وكلما سمعنا هيعة أو رأينا تحركا لكمٍّ من السيارات في اتجاه معين بعثنا رائدا يتقصى الأخبار فربما انتقلنا وربما ثبتنا في مكاننا..
خلال عملية التنقيب قمنا بكل الوسائل المتداولة من مسح لمساحات شاسعة وحفر ونقل للتراب من مكان لآخر ممنا نتج عنه إعياء وتعب يفوق التصور..
بعد مرور عشرة أيام من الأعمال الشاقة ذكر لنا أن "وادي الشبكة" قد فتح (ولاه بعد فتح مكة) فهرعنا على عجل قاطعين مسافة تقارب 130 كلم وهناك كانت الصدمة الثانية حيث مسحنا مساحات شاسعة ولم نحصل سوى على ثلاث حبيبات صغيرة..
فبتنا هناك ليلة عاصفة الرياح في أرض بلقع ذكرتني بليلة الأحزاب.. وفي الصباح قمنا بجولة استطلاعية قررنا بعدها القفول إلى نواكشوط..
ليكون حصاد رحلتنا 34 غرام من الذهب.. لا تزيد قيمتها عن أربع مائة ألف..
2600000 – 400000 = 2200000
ولكم أن تقرروا بعد هذا ما إذا كنتم ستذهبون إلى هناك أم لا..
من صفحة المدون سيدي ولد أعمر على الفيس بوك