مكره "مستشارك" لا بطل/ سيدي محمد يونس

سبت, 2016-05-14 11:58
سيدي محمد ولد يونس

ما إن تراجعت أسعار الأسماء المستعارة في سوق التطاول على القدوات، حتى أدرك المستشار الرئاسي اسحاق ولد الداه ولد سيد ألمين (الكنتي نسبا البشمركي وطنا) أن الجحر بات مكشوفا ومقبلا على الانهيار، فقرر الخروج بشحمه ولحمه مرددا ما كان يلقنه للتائهين في ظلمات النفق.

 

كان هذه المرة شجاعا فلم يشترط على القناة التي استضافته إخفاء ملامحه، ولا تعريفه باسم مستعار كما كان يفعل دائما في الفضاء الأزرق وعبر المواقع الألكترونية، لكنه كان مكرها، فسوق بيع وتأجير الأسماء شهدت تراجعا كبيرا بسبب انهيار أسعار المقالات الموقعة بالنيابة نظرا للأزمة الاقتصادية التي يمر بها النظام بعد أن بدد عائدات سنوات الطفرة، وبعد أن ضاعت حسابات بنكية سرية كان يمكن أن تنعش سوق الأسماء المستعارة.

ورغم أن الصحفي المحاور للمستشار الرئاسي أراد التطرق إلى ملفات سياسية تشغل الرأي العام، إلا أن كبير أيتام القذافي ظل يمارس هواية الحقد الدفين على علماء الأمة وقادة الفكر والرأي، مستهزئا بعقول متابعيه بالقول إن العلامة الشيخ محمد الحسن الددو لا يفقه علما، وإن الأستاذ محمد جميل منصور لا يحمل ثقافة، وإن الإخوان المسلمين حركة علمانية ماسونية لا علاقة لها بالإسلام.

 

لم يفكر المستشار، منزوع القناع، في أن دعوته إلى حل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) ستنزع الشرعية عن برلمان ومجالس بلدية ولدا من رحم انتخابات غير توافقية، وهو ما يستدعي تنظيم انتخابات جديدة ستكون أحادية وغير مضمونة العواقب بفعل تجذر الأزمة السياسية التي صب الرئيس زيت خطابه على نارها.

 

ولم يدر بخلد المستشار، المسرع بقدوته الجديد نحو الهاوية، أن حل حزب تواصل واعتقال رموز التيار الإسلامي سيجعل الشباب المتطلع للحرية وكسر أغلال الدكتاتورية في حل من إكراهات الترخيص ومسايرة النظام الحزبي، وسيقلب الطاولة على الملتفين حول مائدة السلطان، وحينها لن تكون "مجاري المياه" مكانا آمنا من بطش ضحايا الظلم والدكتاتورية.

ولم يستشعر المستشار؛ المضطر للنزول إلى ساحة المعركة بعد انسحاب مقاتليه، أن دعوته لحل الجمعيات الخيرية وإغلاق مستوصف النور الصحي، المعروف شعبيا ب"طب الإصلاحيين"، سيكون كافيا لإقناع آلاف المواطنين الفقراء للدفاع بصدورهم العارية عن مكتسبات أسقطتها الدولة عن نفسها فتحملها الإسلاميون بطيب خاطر.

 

ولم يستوعب المستشار، المشبع بكراهية الخيرين، أن إغلاق منابر الدعوة التي تعودت على أن تكون مطية للطائفة الظاهرة على الحق غير الآبهة بمن خالفها، ستخرج الناس من بيوتها للدفاع عن دينها ومنابرها.

 

لكن، مع كل ذلك فالتيار الإسلامي مطالب برد الجميل للمستشار اليتيم.. فلو لم يرفع الصوت داعيا لحل الحزب، ويعلي النبرة بالتحريض والتشويه لعلماء التيار وساسته، لاتهموا في نواياهم، إذ أن الابتلاء دليل على انتهاج الحق.. فكيف ينجو الأتباع مما نال المتبوع (صلى الله عليه وسلم)؟.

بل إن كافة القوى السياسية والفعاليات النقابية، وحتى المواطنون البسطاء، بات للمستشار؛ الخارج للتو من جحره، عليهم دين لا يُنسى، بفعل استخدامه مختلف وسائل الإقناع للضغط على سيده من أجل اتخاذ قرار فوري بحل حزب "تواصل" الإسلامي واعتقال قادته وإغلاق هيئاته، وفي نهاية المطاف، ستثمر الجهود أزمة نفسية وحيرة مُربكة لسيد القصر الرمادي:

 

ـ هل يحل الحزب ويعتقل القادة، ويتحمل ما يترتب عن ذلك من تحديات تصرف النظر عن عد المليارات؟

 

ـ أم يتجاهل صراخ المستشار، ويستسلم للكوابيس التي زرعها في مخيلته عن كارثية ترك حبل "أعداء الوطن، الماسونيين، المتاجرين بالدين، المتربصين بالأمن..." على الغارب؟.. وحينها سيخيب المستشار ويخسر المستشير.

سيدي محمد ولد يونس