موقع : يستنطق ذكريات أشهر مراسل ل "ال بي بي سي" في موريتانيا

جمعة, 2016-05-06 12:02
الشيخ بكاي

الحرية نت : ليس الشيخ بكاي من محبي الشهرة والأضواء  رغم أنه من أبرز المراسلين الدوليين في البلاد، حيث ذاع صيته عبر  الإذاعة الأعرق في العالم لمدة 24 سنة متواصلة، كما عمل 17 عاما في وكالة الاسوسيشد برس وصحيفة الحياة اللندنية.

يتحدث الإعلامي عن ذكريات العمل مراسلا لإذاعة البي بي سي BBC في نواكشوط ، و مساهماته في تمرير صورة البلاد من خلال الإعلام الغربي على نطاق واسع، و إكراهات المهنة، وعن اشكال تحريري مع الإعلامي الكبير سامي حداد.

كما يروي للحرية قصة بداياته الصحفية، وسبب اختياره لمهنة المتاعب، من بوابة جريدة الشعب وحتى الانتقال لفضاء اوسع من خلال العمل في وكالات إخبارية عالمية شهيرة.

يقول الشيخ بكاي:"..بعد نجاحي في الثانوية العامة كانت أمامي في استمارة طلب المنحة ثلاثة خيارات علي أن أملأها بتخصصات أرغب في دراستها. وقد وضعت الصحافة في الخانات الثلاث .. وتعلقي بالصحافة كان عائدا إلى تعلقي بشخص اتخذته قدوة لي هو محمد محمود ودادي الذي لا يحتاج إلى تعريف.

التحقت بالإذاعة الوطنية وعمرى 16 عاما عبر مسابقة أشرف عليها المدير الحالي لإذاعة التنوير الاستاذ الحسن ولد مولاي علي الذي كان مديرا للبرامج.. لكن عمري لم يسمح باكتتابي..

ويضيف:"..عملت لفترة قصيرة متعاونا تحت إشراف الاستاذ كابر هاشم ثم انصرفت إلى الدراسة . أعتقد أني من حيث الخبرة كنت محظوظا بالعمل في كل المنصات: الاذاعة، التلفزيون الصحافة ووكالات الانباء مع الاستفادة من عدد كبير من الدورات التدريبية في كل هذه الوسائل. في العام 1982 ،بعد التخرج في الجامعة بفترة قليلة عينت مديرا لتحرير الوكالة الموريتانية للانباء..

كنت أحمل شهادة عليا في الاعلام (إذاعة وتلفزيون) وبتقدير (جيد جدا) لكنني لم أكن أعرف عن الصحافة إلا النظريات.. كان الصراع على أشده بين حملة الشهادات والصحفيين الذين لا يحملون شهادات وكانوا الغالبية.. قررت الانحياز إلى الذين لا يحملون شهادات لأنهم في نظري أصحاب الخبرة. وقررت إغلاق مكتبي أكثر الوقت و الالتحاق بقاعة التحرير أتعلم من الذين أنا مديرهم، أحرر معهم، أترجم معهم.. وكنت أحيانا أذهب في الريبورتاجات مع فرق التغطية.. من الوكالة عينت مديرا للجريدة (الشعب بطبعتيها العربية والفرنسية)، وحرصت هنا على أن أتدرب جيدا على الاخراج الصحفي الذي لم أكن أعرف عنه إلا معلومات نظرية..

وكنت مثل غيري من الصحفيين أكتب التحقيقات من داخل البلاد وأشارك في التغطية في نواكشوط مع ركن يومي في الصفحة الأولى. وفي إدارة الاذعة بهيئة الاذاعة والتلفزة الموريتانية حافظت على ما أمكن من هذا التقليد مع أني كنت وقتها مثقلا: أراسل وكالة "آسوشيتد بريس" و"بي بي سي" وجريدة "الحياة" وهي منصات مختلفة لكل منها أسلوبها التحريري انضافت إليها فيما بعد مجلة "الوسط" وتلفزيون "الحياة- ال بي سي" وهو شراكة بين جريدة "الحياة" والقناة اللبنانية استفاد منها مراسلو "الحياة" دورات تدريبية مهمة في المجال التلفزيزني، وخبرة ميدانية استمرت أربعة أعوام (بالنسبة إلي). أمضيت مع كل من "الحياة" و"آسوشيتد بريس" 17 عاما، ومع الـ"بي بي سي" 24 عاما منتظمة وسنوات أخر متعاونا غير منتظم.

ويؤكد المراسل العريق أن من حسنات الاعلام الدولي أنه يهتم بالعاملين فيه تدريبا وحقوقا، ويضيف:".. هذا ما استفدت منه كثيرا.. ثم إنه لا مجاملة في العمل: عمل جيد يقال لك إنه جيد والعمل الردئ يرمى ويبرر لك لماذا.. أحداث ومحطات: أتذكر أنه خلال أحداث 1989 بين موريتانيا والسنغال قطع رئيسي وقتها الاستاذ سامي حداد جزء من تقرير حول الاحداث متعللا بأنه لم يكن موضوعيا ورد علي حينما سألت لماذا" يبدو أنك تنحاز إلى بلدك".. قلت له إنه على بي بي سي أن تبحث من الآن عن من يغطي لها الأحداث فأنا واثق من مهنيتي وأعتبر أن هذه إهانة...

ويواصل:"..تم إيفاد المراسلة اليزابيت بلنت من أبيدجان فأرسلت تقريرا به ما لم أسمح لنفسي بقوله من فظاعات تعرض لها الموريتانيون في السنغال.. جاءني اعتذار وانتهى المشكل... وظللت مع ال بي بي سي وغيرها محط ثقة. وقع مرة إشكال مع وكالة "آسوشيتد بريس" تم التغلب عليه بصعوبة. فقد راج أن أعضاء السفارة الاسرائيلية هربوا من نواكشوط وأنها مغلقة.. كانت الاحتجاجات تعم الشارع... طلب مني محرر في مكتب آبيدجان أن أذهب إلى السفارة لأتأكد قلت له إنني أقاطع إسرائيل ولن أذهب.. أعطاني مديرة المكتب وسألتني مستنكرة.. قلت لها سيدتي أنا مواطن عربي لا أعترف بإسرائيل و أعارض وجود سفارة لها في بلدي وهذا رأيي ولي الحق فيه وغيره ظلم لي... وأردفت سائلا: هل فهمت..؟ صمتت طويلا ثم قالت:" لم أفهم، لكنني سمعت.. أوكي".

ويتحدث الشيخ بكاي عن قصص أخرى لكن مع الحكومة الموريتانية حيث يقول:"..بداية محاكمة للبعثيين في العام 1988 (أعتقد) استدعانا الامين العام لوزارة الاعلام أتذكر من الحاضرين حدمين سادي مراسل وكالة الانباء الفرنسية وسيللا ابراهيما مراسل رويترز.. قال الامين العام إنه علينا أن نقدم إليه تقاريرنا ليقرأها قبل إرسالها... قلت له – وكنت يومها مديرا لقطاع الإذاعة- لن يقرأ أي مسؤول تقاريري قبل إرسالها، لكن يمكن أن أخفف عليكم بعدم تغطية المحاكمة... اتصلت بالذين أعمل معهم وقلت إن مرض أحد أعضاء أسرتي اضطرني لسفر عاجل.. أرسلت ال "بي بي سي" مراسلة من أبيدجان أعدت عن اليوم ما قبل المحاكمة تقريرا مشهورا هنا تحدثت فيه قليلا عن البعثيين لتتدرج إلى العرب "قمحيي الألوان" الذين يستعبدون سكان الضفة الافارقة السود.

بعد إذاعة التقرير اتصل بي الامين العام طالبا أن أغطي مؤكدا أنه تم التراجع عن قراءة التقارير،  أبلغت عندها وسائل الاعلام المعنية بأني عائد يوم المحاكمة،  ولي مع السلطات تجارب مريرة وصلت حد الكتابة إلى بي بي سي والحياة أني ممنوع من العمل في موريتانيا...ومنها أن مديرا للوكالة الموريتانية للانباء اتصل بوكالة ( أ ب) عارضا أن توقع معها وكالته اتفاق تعاون معربا عن أمله في أن تقبل آسوشيتد بريس اعتماد مراسل غيري.. أبلغتني وكالتي بذلك مع قرار بإعطائي راتبا مقطوعا بدل التعاون بالقطعة.

وينفي الشيخ بكاي وجوده خارج نواكشوط إبان انقلاب 2003 حيث يقول:".. هذه المعلومة غير صحيحة...".. ويتساءل:"..كيف أغطي محاولة انقلاب من تكانت..؟.. محاولة 2003 حدثت وأنا في نواكشوط.. نزلت إلى الشارع ليلة الانقلاب وأرسلت عدة تقارير وفي الصباح كنت في منطقة اوتيل مرحبا – الاذاعة- البنك المركزي، أي المنطقة الخطرة... تميزت تغطياتي.. كنت أول من قال إن ولد الطايع في مكان آمن يدير المواجهة مع الانقلابيين.. وهي معلومة حصلت عليها من رئيس السلطة العليا للصحافة الحالي حمود ولد امحمد الذي كان وزيرا للاتصال وظللت على صلة به عبر الهاتف... اتجه كل المراسلين إلى ربط المحاولة باعتقالات الاسلاميين، والبعثيين أحيانا؛ والتزمت وحدي بالتأكيد أنهم مجموعة من الضباط الذين لهم أحلام متقاربة ومن أعمار متقاربة معظمهم من المناطق الشرقية ولا علاقة لهم بالإسلاميين. ووجدت مشاكل في إقناع غرف التحرير التي أعمل لها بهذه الحقيقة لكن كانوا يثقون بي، رغم أن "الحياة" أحيانا تضيف إلى تقاريري جملا مثل ": وتقول قناة الجزيرة الفضائية...." لأن الكل يقول ما تقول الجزيرة إلا مراسلا واحدا هو أنا... انقلاب 2005 علمت به فجرا وأنا أدخل مدينة النبيكة في تكانت في طريقي إلى الرشيد .. عدت إلى نواكشوط وظلت ال بي بي سي معي في التحليلات وما شابهها إلى أن وصلت... الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله غطيته من نواكشوط رغم أنه حدث وأنا في تكانت لكنني بادرت بالعودة..

كما سألته الحرية كيف كنت تقدم صورة موريتانيا من خلال الإذاعة الأعرق في العالم؟

حيث اجاب:"..ما أنا واثق منه هو أني لم أخدم نظاما ولا معارضة، ولم أسع إلى إغضابهما أو إرضائهما.. أما خدمة موريتانيا فأقول شيئا واحدا هو أني جعلتها تتصدر النشرات والبرامج الاخبارية والصفحة الأولى في جريدة الحياة... وفي صحف أميركية مهمة عبر "أ ب".. يمكنك أن تكتب اسمي هكذا : Sheikh Bekaye على غوغل ستجد قصصا في صحف أميركية كبيرة وهي قصص من النوع المصنف: Top stories غطيت موريتانيا سياسيا لكن أيضا ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.. قد لا يكون البلد مسرحا لأحداث كبيرة ومحوريا في العالم، لكن المراسل الجيد يستطيع "تسويقه" بالمادة الجيدة.. اقرأ مثلا ما رد به علي رئيس مكتب "أب" في باريس حينما كتبت مقترحا أن أعمل للوكالة من نواكشوط: " يؤسفني أن أقول لك إنه من الصعب أن تعيش من أخبار موريتانيا التي لا تحتل حيزا مهما في السياسة الدولية.. أهلا بك ضمن متعاونينا في إفريقيا.. لا نهتم بزيارات الرؤساء العادية ولا الوزراء.. .. مثلا يمكنك أن تكتب عن حادث مات فيه كثير من الموريتانيين أو بعض الغربيين...و الجراد...و...". لكن "أب" نشرت الكثير من القصص عن موريتانيا ليست عن الجراد أو الكوارث.. يمكن قراءة بعضها في "أرشيف صحفي" على مورينيوز.. ويمكن الاطلاع على بعضها في الصحف الاميركية.,

المصدر :  الحرية نت

..............................................................