توضيح فيما يجوز التحلل منه من الأيمان/ محمد يحيى ولد احريمو

أربعاء, 2016-04-13 21:02

سأل بعض الأحبة عن الفرق بين اليمين التي يجوز التحلل منها وتنفع فيها الكفارة واليمين التي لا يملك الحالف التكفير عنها ؟
والجواب ان اليمين على ضربين :
1- يمين شخصي – إن صح التعبير- وهي اليمين التي لا يتعلق بها حق للغير فهذه يجوز للحالف التكفير عنها والتحلل منها كما قال صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر وليأت الذي هو خير"؛ فهذا حكم اليمين الشخصية ما لم تكن غموسا والغموس عند المالكية الحلف على ما يعلم الحالف خلافه، فتشمل اليمين الكاذبة ونحوها.
2- يمين يتعلق بها حق للغير، فهي على نية المستحلف، والحالفُ معزول عن النظر فيها فلا يسوغ له أن يتحلل منها بالكفارة، و تنفعه لا التورية ولا التخصيص بالنية ؛ وذلك مثل يمين الطلاق والعتق واليمين عند القاضي وكل يمين تعلق بها حق للغير في الماضي او المستقبل ، فلا يملتلك الحالف التحلل منها عنها ولا صرفها عن وجهها بنيته، ومتى خالف مقتضاها أثم وعصى؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: " يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك"، رواه مسلم في صحيحه، وعبر الفقهاء عن ذلك بقولهم: " اليمين على نية المستحلف" وهو رواية في الحديث السابق قال خليل: " وخصصت نية الحالف ... إلا لمرافعة وبينة أو إقرار في طلاق وعتق فقط أو استحلف مطلقا في وثيقة حق". والمراد بوثيقة الحق التوثق وقطع النزاع.
قال في التوضيح: مثال اليمين الذي على وثيقة حق كما لو استحلف من عنده وديعة وأنكرها وحلف ما له عندي وديعة ونوى حاضرة معه، ... ونحوه البيع والإجارة وسائر العقود، وكذا من له دين على غريم فطالبه فطلب الغريم التأخير وحلف ليقضينه إلى أجل فاليمين على نية الطالب لا على نية الغريم، وحكى صاحب المقدمات وابن زرقون الإجماع على أن النية لا تنفع إذا اقتطع بها حق الغير للحديث الصحيح «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار قالوا: وإن كان يسيرا يا رسول الله قال: وإن كان قضيبا من أراك، وإن كان قضيبا من أراك، وإن كان قضيبا من أراك قالها ثلاث مرات» (شرح الحطاب على المختصر 3\283، وأصل الكلام لخليل في التوضيح). ولا يخفى أن اليمين القانونية التي يؤديها الموظفون اليوم من قبيل اليمين التي لا كفارة لها.
وقال القرطبي في تفسيره: " قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ لِطَالِبِهِ فِي حَقٍّ لَهُ عَلَيْهِ، وَاسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ، أَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ أَوْ شَفَتَيْهِ، أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ، لَمْ يَنْفَعْهُ اسْتِثْنَاؤُهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ النِّيَّةَ نِيَّةُ الْمَحْلُوفِ لَهُ، لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ لَهُ، وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى حَسَبِ مَا يَسْتَوْفِيهِ لَهُ الْحَاكِمُ لَا عَلَى اخْتِيَارِ الْحَالِفِ، لِأَنَّهَا مُسْتَوْفَاةٌ مِنْهُ. هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ. " وقد اقتضى كلام ابن رشد في بداية المجتهد أن كون اليمين المتلعق بها حق للغير لا تدخلها الكفارة متفق عليه بين الشافعي ومالك رغم اختلافهم في تعريف اليمين الغموس، وذلك لأن الإثم لازم لها والأصل ألا تجتمع الكفارة مع الإثم لأنها الكفارة وضعت للتحلل والجبر.
فالحاصل أم اليمين على نية المستحلف فيما له فيه حق، وأنه لا كفارة فيها عند المالكية ومن وافقهم، بل هي ملحقة باليمين الغموس، وإن قيل بالكفارة عنها لم ترفع الحنث ولم تجبر بل تكون على سبييل الزجر والعقاب.

محمد يحيى ولد احريمو