هل أصبح الطب بالعالم العربي صناعة مربحة؟

اثنين, 2016-03-14 23:59
مع ما يصفه الكثيرون بتقهقر الخدمات الصحية المقدمة في كثير من الدول العربية مثل مصر والعراق وسوريا، وبروز نمط ربحي من الطب الموجه إلى الأغنياء كما في الأردن ولبنان، نطرح هنا السؤال "هل أصبح الطب بالعالم العربي صناعة مربحة وللأثرياء فقط؟" عبر استعراض نتائج دراسة* تناولت واقع الصحة العامة في الوطن العربي وطرحت معطيات لافتة.

أجرى الدراسة باحثون في فرنسا ولبنان، ونشرت على موقع منظمة المجتمع العلمي العربي "أرسكو" في 2014 نقلا عن مجلة المستقبل العربي، وقد توصلت لنتائج ما زالت تنطبق حتى الآن ويبدو أنها ستستمر في ذلك حتى المستقبل القريب.

وتتّبعت الدراسة تطور ونشأة سياسات الصحة العامة في الوطن العربي، مسلطة الضوء على عدة فترات، شملت مرحلة الاستعمار ثم الاستقلال، ثم مرحلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وما بعدها.

ووفقا للدراسة فإن الاستعمار الغربي للمنطقة العربية كان وفق سياسات القوى الاستعمارية، وقد كانت السياسات الاجتماعية والصحية تحددها قبل كل شيء مصالح المستعمرين، الذين تَمثَّلت أولوياتهم بالتجارة وتصدير المنتجات الزراعية، وقد نُفِّذت هذه السياسات بطرق استبدادية، وأصبح تعزيز الصحة العامة وسيلة للسيطرة على شعب اعتبر متخلفًا وجاهلًا وخطرًا. وتضيف الدراسة أن الظروف الصحية للشعوب العربية المقهورة كانت بائسة.

أما خلال العقود الأولى من الاستقلال فقد أصبحت الصحة حقًّا مكفولا من قِبَل الدولة، وتحقق تقدم مهم في هذا الشأن، وكانت هناك تحسينات ملحوظة في صحة السكان في كل المنطقة بين عامي ١٩٥٠ و١٩٨٠، فمن بداية الستينيات إلى بداية الثمانينيات من القرن العشرين مثلا ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة في المغرب من ٤٨ إلى ٥٩ عاما، وتناقص معدل وفيات الرضع من ١٤٥ إلى ٩٠ لكل ١٠٠٠ ولادة حية.

وفي الجزائر ازداد متوسط العمر المتوقع من ٤٨ إلى ٦١ عاما، وتراجع معدل وفيات الرضع من ١٥٩ إلى ٨٤. وفي مصر ارتفع متوسط العمر المتوقع بتسع سنوات من ٤٧ إلى ٥٦ سنة، وتراجع معدل وفيات الرضع من 179 في كل ألف إلى 108 لكل ألف.