قصة رجل لم يرَ ولده بعدما سلبته غوانتانامو 13 سنة من عمره! (بورتريه)

خميس, 2015-10-29 16:45
المعتقل أحمد ولد عبد العزيز وهو يسير بين أقاربه اليوم في عاصمة بلاده.

خاص - مراسلون  :

ما بين '' اندومري '' و '' غوانتنامو'' مسافة طويلة لم يتوقع الفتى أحمد ولد عبد العزيز أن يقطعها يوما و لربما خاطب الجزيرة الكوبية التي تبسط عليها الولايات المتحدة سيطرتها منذ عقود بقول ابن عمه الشاعر محمذن ولد السالم الحسني

نزيلك فأمنى أبدا أذاه * نزيل غير مرهوب المصال
ضعيف لايخاف البطش منه * عفيف لايسب على النوال
قراه إذا ألم بأرض قوم * مفاكهة اللبيب من الرجال

لكن ولد عبد العزيز لم يجد من مفاكهة هناك إلا حلقات التعذيب وسياط الجلادين.

مرت كل هذه السنين الثلاث عشرة و الرجل لا يدري فِيمَ سجن بعد أن فاجأه صباح ''باكستاني''  في شهر يونيو من عام 2002 بالمخابرات الباكستانية المذعورة من الغضب '' البوشوي '' و هي تعتقله دون جريرة يعلمها لكن طمع "مرتزقة بيع المسلمين العرب" يومها لا يكاد يسلم منه عربي في تلك الربوع ليسلمه الباكستانيون إلى الولايات المتحدة بعد أسبوعين .

كانت الصدمة قوية و الذهول سيد الموقف  فضاقت الدنيا  بما رحبت على  تلك السيدة الهندية المحافظة التي كانت تعد الأيام ليرى النور وليدها الشنقيطي و لتسافر إلى صحراء كثيرا ما حدثها أحمد عنها  و روى لها عن طيبة أهلها و عشقهم للشعر و الجمال و السلام .

وفي يوم 28 أكتوبر 2002 أصبح أحمد ولد عبد العزيز نزيل  سجن غوانتنامو الرهيب .

كان الفتى الحسني يدرس العربية الفصحى التي ظل من ''أشد العالمين بها انتفاعا '' لأبناء الأفغان في مدينة قندهار لينزح بعد الحرب المدمرة إلى باكستان حيث اعتقل .

و حسب المحامي جون هولاند  فإن المعتقل ولد عبد العزيز تمتد اهتماماته '' من الأدب إلى الفيزياء مروراً بالفكر الإسلامي والفضاء والسياسة وعلوم الطبيعة '' كما يذكر عنه أنه ''ذو حس فكاهي عال و ملفت الذكاء و شديد الولع بالقراءة ''.

  • كما يذكر عنه محاميه أنه رجل جم التواضع مشبع  بالقيم، فعلى ما لاقاه من ويلات في السجن، كان يؤثر  السجين الموريتاني محمد الأمين سيدي محمد بأن ينال الاهتمام و هو السجين الذي أطلق سراحه بالفعل فيما بعد

و كان يكرر في أحيان كثيرة أن كل معاناته  إنما هي  بسبب ذنوبه و معاصيه .

نشأ أحمد ولد عبد العزيز في مدينة أطار شمال البلاد إذ كان يشغل والده النجيب ولد عبد العزيز منصب مدير الأمن في الولاية أواخر السبعينيات و أوائل الثمانينيات بينما تنحدر والدة المعتقل من بيت فني عريق ( أهل أحمد ديه ) و أخوالها أهل انغيميش العريقون في حي كنوال .

نسج  ضابط الشرطة حبال الود  مع المدينة و لم تكن تلك الجبال و الأودية غريبة عليه فوالدته سليلة أهل شعبان أصيلي الانتماء إلى حي قرن القصبة .

 أحب  ''الأندومري''  المدينة و أحبته و نشأ الأبناء أذكياء مهذبين فأخذوا من المدينة و أخذت منهم - ستصبح فيما بعد كريمة المفوض و أخت المعتقل زوجة السفير شيخنا ولد النني ذي الأصول الآدرارية الشريفة  -.

بدأ المعتقل المظلوم  حياته مدرس لغة فرنسية ثم مال إلى تجارة السيارات و من خلالها أتقن الإنجليزية.

بالإضافة إلى ذلك يعتبر أحمد ولد عبد العزيز أحد التلامذة النجباء للعلامة الإمام  بداه ولد البوصيري رحمه الله .

اليوم يعود ذلك المرمي به في غيابات غوانتنامو ثلاثة عشر عاما إلى صحراء موريتانيا التي طالما اشتاقت إليه .

فما أغزر الدموع لحظة اللقيا و ما أسخنها !

سيرى أحمد ابنه '' الشاب '' لأول مرة و لربما سيذاكره في روائع أولاد بنعمر الحسنيين فيا لسعادته حين ينشده قصائد  ولد السالم و ولد احمد دامو و ربما شعر أديب موريتانيا المعاصر ابن القرية التقي ولد الشيخ .

الفرحة لم تكتمل بعد فما زال ولد صلاحي يئن من قيوده و معاناة إسحاق على حالها .

الحكومة قالت اليوم على لسان ناطقها الرسمي إنها تتابع القضيتين بتوجيهات من الرئيس .

تطمينات يحتاجها الأهل و ينتظرون ثمارها على أحر من الجمر .

مراسلون