التقارب الفرنسي الموريتاني "الدلالات والسياق" (قراءة)

خميس, 2017-04-06 21:53

أخيرا رضخت الحكومة الاشتراكية بفرنسا  لرأي الخبراء الأمنيين و ما سماه أحد الساسة الموريتانيين سابقا لمراسلون بالدولة الفرنسية العميقة  الذين نصحوها بتبني خطة دول الساحل G5  و التي كانت فرنسا غاضبة من إخراج السينغال منها بسبب قول ولد عبد العزيز إنها ليست من دول الساحل وغير معنية بالأمر

و ها هو وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت يزور مقرها بنواكشوط في مستهل زيارته إلى المنطقة بعد لقاء مع الرئيس عزيز  نقل فيه دعوة من هولاند لزيارة باريس  خلال الأيام القادمة و  أسهب فيه بالثناء على موريتانيا و جاء ذلك في عديد النقاط حيث بالإمكان أن نقتطع فقرات من كلام الرجل :

1ـ   " لقد عبرت خلال اللقاء عن تقدير فرنسا الكبير للجهود التي تقوم بها موريتانيا لضمان الأمن والاستقرار ليس فقط على الصعيد الداخلي ولكن أيضا لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها."

2 ـ " كما عبرت عن تقديرنا لتصميم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ولدور موريتانيا الكبير في إنشاء مجموعة الخمس في الساحل التي سأقوم بعد قليل بزيارة لمقرها في نواكشوط، دون ان أنسى ارتياحنا الكبير لدور فخامة الرئيس في نزع فتيل الأزمة في غامبيا ونجاح الوساطة وما ترتب عليها من احترام نتائج الانتخابات هناك"

3 ـ"  ... و لا يسعني الا أن اعبر عن تقديرنا للدور البناء للدبلوماسية الموريتانية ودورها الاستباقي في مواجهة الأزمات وعن سعادتي للفرصة التي اتيحت لي للاستماع الى رؤية رئيس الجمهورية حول الملفات الكبرى على الصعيدين الاقليمي والدولي ونصائحه التي لا غنى عنها للتعاطي مع الملفات الاقليمية خصوصا في مالي وليبيا"

زيارة وزير الخارجية الفرنسي تأتي في ظل اهتمام غربي بالمنطقة حيث ينتظر أن يزور وزير الخارجية الألماني بعض الدول المعنية

و يأتي أيضا بعد تخوف أممي من تحول المقاتلين بالدولة الإسلامية في سوريا و العراق إلى منطقتي شمال مالي و ليبيا

و تحاول فرنسا أن تطبع العلاقات مع موريتانيا خاصة مع ذيوع ما تسميه سلطات نواكشوط نجاعة المقاربة الموريتانية التي لم تختصر حسبهم على الرد العسكري و الأسوار الأمنية و جمع المعلومات و إنما على المقاربة الفكرية التي روجت لها الحكومة خلال الأسابيع الماضية من خلال إنشائها خلية تعنى بمحاربة التطرف و الغلو يرأسها الإطار بوزارة الشؤون الإسلامية المعروف برزانته إسلمو ولد باباه

التقارب الفرنسي الذي سبقته فرنسا بتخفيف تصنيفها القاسي لموريتانيا  من الأحمر إلى البرتقالي لبعض المناطق السياحية و هو أمر لم يعره الرئيس الموريتاني أي اهتمام خلال سؤال لمراسلون بالمؤتمر الصحفي  بل وجه انتقادات ضمنية لباريس قائلا لا يفرحني أن يجعلوا خريطتنا خضراء و لم يخفني يوما أن جعلوها حمراء أنا أعرف أننا آمنون و هم يعرفون ذلك ...

أما المراقبون فينظرون إلى ماذا سيفضي إليه هذا التقارب بداية بالتعاون العسكري و الأمني : هل ستتم إعادة العسكريين الفرنسيين إلى أطار ؟

أم أنه سيتجاوز ذلك و تفعل وكالة التنمية الفرنسية دعمها لموريتانيا الذي تعطل لسنوات .. مع ما تعطل من دعم غربي لنظام ولد عبد العزيز الذي يواجه في الداخل أزمة سياسية متصاعدة ينظر المراقبون أيضا هل سيؤثر عليها هذا التقارب من دعم فرنسي للرجل أم تشجيعه على اتباع سياسة مرنة مع خصومه و هو أمر يقول إنهم لا يمكن أن يشيروا إليه إلا على استحياء ؟!!