الوطنية لا تتجزأ ../ السفير عبد القادر ولد أحمدو

جمعة, 2017-03-17 19:47


في البداية كانت الانطلاقة من ساعة الصفر . أمن البعض بشروط الاستقلال لدولة حديثة نشأت من رحم الاستعمار و رفض آخرون تلك الشروط باعتبارها محاولة لتكريس الاستعمار الجديد .. وللأمانة كان جيل النهضة سباقا في المطالبة بالاستقلال و لا ينبغي ان يزايد عليه احد . فلم يكتب التاريخ ان احد القادة التاريخيين للنهضة الوطنية. عارض الاستقلال الوطني بل انه تم اتهامهم عبر مغالطات معروفة .
.... صحيح ان بعض الشخصيات المحسوبة علي حزبهم او المقربة منه لجأت الى الخارج و صارت تعد ضمن جمله المناهضين لاستقلال مورتانيا لكن العديد من تلك الشخصيات عاد الي الوطن في سياق مصالحة مع النظام الحاكم . و من ضمنهم الامير فال ولد عمير رحمه الله الذي لا يمكن لاحد التشكيك في أصالته الوطنية .. . و قد انتهي الامر حينها باقرار توافقي لحكمة الاستقلال الممنوح و التعامل مع الدولة التي تمخضت عنه .... و كانت انطلاقة لوطنية جمعتنا في ظل حكم الرئيس المختار رحمه الله تعالي الذي لا شك في ميزاته كرجل دولة نال إعجاب العديد من نظرائه و سخر علاقاته الدولية الممتازة في خدمة بلده ..
ثم جاءت حرب الصحراء المشؤومة و كانت في نظرنا كارثية بكل المقاييس و تمت في انتهاك سافر للشرعية و دون مراعاة لمصلحة بلدنا العليا .. لكنها كانت ايضا مأساة و طنية ادت الي سقوط أبطال جيشنا في ساحة الشرف و قد قدموا دماءهم الزكية لحماية أرواحنا وممتلكاتنا داخل حدود بلادنا المعترف بها دوليا و من غير المنصف ان نرمي بهم في متاهات النسيان .. فالوطنية تقتضي تخليد ذكراهم و تمجيد إخلاصهم للوطن .. ولعل من أخطر أضرار تلك الحرب المشؤومة يكمن في إحداثها لشرخ في مجتمع رحال قسمت الحدود الموروثة من الاستعمار فضاءه الطبيعي .. و قد انحاز ..وللأسف ..العديد من المورتانيين حينها الي عدو الساعة ..التي كنا فيها..الي حد حمل السلاح ضد بلدهم في سلوك اقل ما يقال عنه انه مناهض للوطنية مهما كانت دوافعه العقائدية او العصبية ..
والحقيقة ان معارضة حكم الرئيس المختار رحمه الله في قضية الصحراء لا يمكن اطلاقا ان تبرر حمل السلاح ضد الوطن كما ان معارضة الرئيس محمد خونه ولد هيداله من بعده لا تبرر ابدا تدبير عملية من الخارج كالتي وقعت في السادس عشر من مارس 1981 رغم انه لا احد ينكر الحس الوطني الذي تحلي به قادتها الشجعان رحمهم الله ابان حرب الصحراء .. و من نفس المنظور لا يمكن ابدا القبول بوطنية مغامرة الضباط الذين حاولوا سنة 2004 الإطاحة بنظام الرييس معاوية ولد سيد احمد ولد الطايع بواسطة كتيبة مسلحة قادمة من خارج حدود البلد .. كما ان السخط علي الرئيس ولد الطايع او علي خلفه الحالي الرئيس محمد ولد عبد العزيز او معارضتهما المشروعة لا يمكنهما ابدا ان يبررا تفهم عمليات لمغيطي و الغلاوية و تورين و الرياض التي استهدفت الكيان الوطني انطلاقا من خارج حدوده
.. قد يقول قائل اننا لم نذكر في هذا السياق ما جري ابان أحداث ما يسميه البعض بسنوات الجمر و ما نجم عنه من ارث إنساني تعرضت له مجموعة من عناصر الجيش الوطني تنتمي الي شريحة اجتماعية معينة و قد يري آخرون ان الفئات الأكثر حرمانا من المجتمع الأهلي غير معنية بتصفية الحسابات السلطوية ...والواقع انه لا ينبغي تجاهل جروح الوطن و لا ألام المظلومين من أبنائه لكن المراد من هذه الحروف هو التنبيه على ان النضال السياسي مهما كانت دوافعه يفقد شرعيته حين يتحول الي تمرد مسلح و يفقد مشروعيته الوطنية حين يكون مدعوما من جهات اجنبية حيث انه يكون بمثابة عدوان خارجي علي الوطن ...
و عليه فاما ان نسعي معا بمنطق الوطنية التي لا تتجزأ الى الدفاع عن مورتانبا في حدودها الوطنية و اما ان نعود الي منطق العصبيات التي لا حدود لها. الموروثة من عهد " الفركًان " و حينها ..لا قدر الله... سيكون مباحا لكل منا ان يتغني علي ليلاه ...