سناء العاجي: "حذار من بعبع الجنس"

ثلاثاء, 2017-02-14 21:45

مواضيع خفيفة لا تنشر في الرئيسية

قرأت خبرا عن ندوة للمخرجة إيناس الدغيدي عرفت ضجة بسبب تطرقها لموضوع الجنس خارج الزواج.
لماذا يثير موضوع الجنس، وباستمرار، حفيظة الكثيرين؟

 لماذا لا ننفعل بنفس القدر حين نسمع عن زوج قتل زوجته، وعن رجل اغتصب طفلا، وعن الرشوة، وعن الخيانة...؟
لماذا نربط الأخلاق حصريا بالجنس؟ 

لماذا، كلما تحدث فاعل ثقافي أو جمعوي عن الجسد وعن الجنس، تقوم الدنيا ولا تقعد ونوجه له الاتهامات ونصدر الفتاوى لقتله، لكننا لا نثور في وجه مئات الشيوخ الذين يصدرون فتاوى متخلفة علميا وأخلاقيا بشكل يعتدي على الدين ويشوه المجتمع بشكل بشع؟

حين يقول شيخ معروف: "لأن تزني بأختك خير من تسمح لها بممارسة الرياضة" وآخر: "لأن تزني بأمك خير من أن تفوتك صلاة الفجر"، وآخر قال: "أن تقبل بأن تدخل ابنتك كلية الطب فأنت ديوث"... هو ببساطة قمة العهر الفكري والإنساني والقيمي... لكن، ولأنه يتحدث باسم الدين، فسنصمت... وسننتفض فقط في وجه مخرج أو باحثة تحدثا عن الحريات الجنسية الرضائية بين طرفين راشدين.

لنلاحظ أيضا أن المدافعين عن الحريات الجنسية يتحدثون عن اختيارات الفرد نفسه إزاء نفسه، وليس عن أخته وأمه؛ ويتحدثون عن حرية فردية وليس عن استعمال جسد الأم والأخت للتكفير عن ما يعتبر ذنبا أو خطيئة.

أنت لا تتفق؟ من حقك... ترفض شخصيا فكرة العلاقات الجنسية قبل الزواج؟ من حقك أيضا...ويمكنك أن تطبق هذا الموضوع على نفسك ومن حقك النقاش والمحاججة. لكن الذي ليس من حقك هو أن تتهم وتهين من يدافع عن تصور مجتمعي مختلف لا يفرضه عليك.

ولنتذكر جميعا...أن الأخلاق ليست جنسا فقط. نظرة موضوعية لمجتمعنا تفضح هذه الحقيقة...

لنتذكر أيضا أن المجتمع يتحول، يتغير على جميع المستويات. فإما أن نناقش تحولاته وتغيراته بنضج لكي نستوعبها... وإما أن نستمر في حالة الهذيان التي نعيشها اليوم. وحينها، سنستيقظ ونحن لا نشبه هذا المجتمع الذي نفترض وجوده. لا نشبه أنفسنا. لا نشبه شيئا.

سناء العاجي

سناء العاجي، صحفية مغربية عملت ولا تزال تعمل في العديد من المنابر والمواقع الإخبارية في المغرب وخارجه باللغتين العربية والفرنسية. حاصلة على الجائزة الثالثة للتحقيق الصحافي من المنظمة الهولندية "Press Now". ساهمت في كتاب مشترك تحت عنوان "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي"، ونشرت لها رواية " مجنونة يوسف" سنة 2003 عن دار "أركانة" للنشر (مراكش)