النسَاءُ الجَامعيًاتُ وَ الشًأْنُ العَامُ / المختار ولد داهي،سفير سابق

اثنين, 2017-02-06 08:32

لا خصامَ في أن تقدم و مستقبل الشعوب و الأمم و الحضارات يمكن قياسه بمستوي تعليم المرأة فكلما انخفضت نسب و مستويات تعلم المرأة كلما ارتفعت نسب الفقر و التخلف و الجهل و فُشُو ثقافة العنف الأعمي، لدي الجنسين الذكر و الأنثي ذلك أن النساء الأميات يُرضعن و يُورثن الرجال الجهالة و الخمول..

و في بلادنا عرفت العشريات  الماضية و السنوات الأخيرة يقظة لافتة في مجال ولوج النساء إلي التعليم مكنت من تحقيق مستويات قريبة من  التماثل ( La Parité)بين الجنسين بالنسبة للتعليم الابتدائي و الثانوي كما تمثل الطالبات الجامعيات نسبة %36.6 من عامة الطلبة و يبلغ عدد المنتسبات إلي كلية  العلوم و التقنيات و المعاهد الفنية المتخصصة  نسبة 29.7% من مجموع الطلاب.  

و لا يستبعد المراقبون و المتخصصون في التعليم و مقاربات النوع أن يتم تحقيق التماثل بين الجنسين في التعليم الجامعي خلال منتصف العشرية القادمة  كما أنه من الملاحظ إيجابا تنامي ظاهرة تفوق البنات و الطالبات في "الختاميات الوطنية "(Examens de fin d’année-Final Exams)حيث تم انتزاع المرتبة الأولي بالباكلوريا شعبتي العلوم الطبيعية و الرياضيات سنة 2016 من طرف تلميذات متميزات.

و في مجال ولوج النساء المتعلمات إلي الوظيفة العمومية تظهر الإحصائيات بسجلات مصالح الرواتب بالمديرية العامة للميزانية أن نسبة النساء المنتسبات إلي الوظيفة العمومية تقارب 11492 موظفة و هو ما يعادل نسبة 31.% من مجموع الموظفين و إن كان  ثلثا هذا العدد منتسب إلي قطاعي التعليم و الصحة و لا تمثل النساء المنتسبات إلي درجات قيادية أو اللائي يشغلن وظائف إدارية  قيادية إلا  أكثر بقليل من نسبة %10 من مجموع الوظائف الإدارية القيادية.. 

أما في ما يتعلق بولوج النساء إلي الوظائف الانتخابية فلا بد من ملاحظة المفارقة الموريتانية الحاصلة بين نسبة النساء الناخبات التي تقارب غالبا حاجز %60 من الأصوات المعبر عنها في الاستحقاقات الانتخابية المحلية و البلدية و النيابية و الرئاسية في حين لا يتجاوز عدد النساء المُنْتَخَبَات 20%  من نواب الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ و 30% من المستشارين البلديين مما يغذي شيئا من مرارة الانطباع "بالاستغلال الانتخابي للنساء" لدي بعض الفاعلات و المناضلات  في الحقل السياسي!!

و سبيلا إلي سلوك الطريق المؤدي إلي "التفعيل الكامل" للطاقات النسوية إشراكا و فعلا إيجابيا في الشأن الموريتاني العام الذي هو في " الزمن الموريتاني هذا" بأمس الحاجة إلي "التشغيل الأكمل" لكل الطاقات من أجل رفع التحديات و درء المخاطر الاجتماعية و " الحقوقية" و التنموية التي تتخطف البلد و المجتمع فإن النساء الجامعيات ( الطالبات و الحاصلات علي شهادات جامعية) مطالبات بالمزيد من التضحية و الفاعلية و المبادرة و "المغامرة" ابتغاء   تصحيح و تحسين و تسويق  و ترفيع  صورة المرأة الموريتانية كفاعل رئيس بالشهد السياسي و الإداري و التنموي.

و المقترحات الخمسة التالية يمكن أن تشكل إضاءات علي "جغرافيا الطريق" إلي  " التشغيل الأمثل" للطاقات النسوية الوطنية " شبه المعطلة" حتي الآن:-

أولا:تطوير "مبادرة الجامعيات" باللجنة الوطنية للنساء بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية إلي "خزان أفكار" (Think Tank) يضم الكفاءات النسوية المؤكدة و المجربة- و ما هن بقليل - من أجل مناصرة مزيد ولوج النساء المتعلمات و خصوصا المتميزات من المتعلمات علميا و مهنيا و أخلاقيا  إلي الشأن العام سياسيا و إداريا و ثقافيا و اجتماعيا و "ماليا-أعماليا".

 و يجدر أن يكون سَيدُ أهداف خزان الأفكار المنشود القضاء علي تلك الثقافة السائدة بأن النساء القياديات هن قياديات  منحا و تمييزا إيجابيا لا استحقاقا و غلابا و انتزاعا ذلك أنه لن يتغير ما يصيب النساء من نظرة استخفافية و غبن و تغييب  إلا إذا غيرن ما بأنفسهن من خلال تقديم و تصدر من يحق له منهن التقدم و التصدر و "إنما تقدم الكفاءة المتقدما"؛

ثانيا:إنشاء أو إحياء الجوائز الكبري المخصصة للنساء المتميزات بالمسابقات و الامتحانات الختامية و استحداث جوائز قيمة ماديا و معنويا لذوي المتفوقات علميا و مهنيا حتي يتنافس المتنافسون في تعليم البنات و إتقان تعليمهن ساعتها سيعلم الموريتانيون  إلي أي مآل حسن واعد صاعد سيؤولون.؛

ثالثا:تبني نادي الجامعيات  باللجنة الوطنية للنساء لفكرة استحداث " كُوتَا "بالوظائف الإدارية القيادية للنساء" علي غرار  الكُوتَا المفروض للنساء من مقاعد الجمعية الوطنية و المجالس البلدية و ذلك من خلال تحريض النقاش العام حول هذا الموضوع ابتغاء الضغط علي صناع القرار العام من أجل سن تشريع وطني يخصص "كوتا نسائي" بالمناصب الإدارية القيادية بالوظيفة العمومية العليا؛

رابعا:استحداث  فرع من نادي الجامعيات باللجنة الوطنية للنساء قد يدعي " جامعيات ضد رواسب  المظالم و الفوارق الاجتماعية" يسعي إلي رفع نسب تمدرس و تكوين النساء المنتميات إلي حواضن رواسب الاسترقاق بالمدن الكبري و الأرياف و لا مراء في أن أفضل الجامعيات- و كلهن فُضْلَيَاتٌ- هن من سينتسبن إلي هذا الفرع بالغ الأهمية الوطنية و المواطنية؛

خامسا: العمل من الآن فصاعدا علي الضغط من أجل إقناع الهيآت القاعدية الحزبية بالحرص كل الحرص علي ترشيح نساء متميزات علميا و مهنيا مجمع علي كفاءتهن و مهنيتهن و استقامتهن  للاستحقاقات التشريعية و البلدية و الجهوية المقبلة ضمانا لدرء كل الشبهات و الشائعات و الصالونيات التي تطعن في كفاءة و أهلية النساء للاضطلاع بالوظائف الانتخابية السامية.