ضحية سابق يتذكر 12.12.1984/ الإعلامي الشيخ بكاي

ثلاثاء, 2016-12-13 00:09

كنت خارجا من السجن قبل أقل من أسبوع.. كنا ثلاثة قرر هيداله الافراج عنا: الكوري ولد حميتي، حمود ولد عبدي، وأنا، في بداية عملية تلغي السلطات بموجبها متابعة الناصريين، وهي العملية التي أكملها معاوية المنقلب على زميله هيداله، وشملت عفوا عن كل المعتقلين السياسيين.
لماذا تم الافراج عنا أولا وتوالت بعد ذلك عمليات إفراج قطعها الإنقلاب لتستكمل فيما بعد..
في كتاب "زوابع مارس" (الناصريون الموريتانيون- نظرة من الداخل) الذي أرغمت على عدم نشره بسبب ضغوط من "رفاق الدرب" يعتقدون أن وقته لم يحن بعد؛ يوجد الرد على هذا السؤال، وعلى سؤال طرحته على الدركي الذي جاء يبلغي بالافراج:
- "وبدبده؟" سألت الدركي وأنا أستنكر أن يفرج عني ويبقى الطفل"بدبده"...
يبدأ الكتاب هكذا:
الاثنين 26 مارس 1984:

دفع بي الرقيب سيدي محمد إلي الداخل بعنف حتى سقطت علي تلة من القمامة والرمل المالح يبدو أنهم جمعوها للاحتفاء بي في هذه الغرفة الضيقة المسقوفة بالصفيح المتآكل... وقبل أن يغلق الرقيب الغرفة قال في حقد ظاهر: " لقد انتهت وظيفة المدير التي أنت منتفخ بها، وهذه الثياب أيضا سنزيل انتفاخها".

لملمت أشلاء كبريائي وأدرت البصر بين " التلة" والأرضية العارية إلا من أتربة حمراء مالحة ، لأختار مكانا للجلوس...شغلت نفسي لبعض الوقت بأعمدة دخان السجائر تمتزج بأشعة الشمس الساقطة من خلال ثقوب في السقف. ضربت الباب مرات... فتح مرة ... وكان أمامه شرطي أسود، طويل القامة، مدجج بالسلاح... قال مصوبا رشاشه إلي نحري:

" ماذا تريد؟".

قلت: " هل تتكرم بالبحث لي عن جريدة أقتل بها الوقت؟".

نظر إلي وقال في هدوء: " أيها السيد ..! لا جرائد هنا... يبدو أنك لا تستوعب الموقف. وسأنصحك : توقع الأسوأ، واعمل المستحيل من أجل أن تصون كرامتك". ثم أقفل الباب... كان اسمه عبد ول جي ...

عن الكتاب:

يتناول الكتاب جذور "التنظيم الوحدوي الناصري " الموريتاني ويستعرض أبرز مراحل تطوره، مرورا باعتقالات 1984، وانتهاء بالعشرية الموالية.

ينطلق الكتاب من مذكرات سجلتها داخل المعتقل عام 1984 واستخدمت فيه أسلوب الإسترجاع والإستباق لرواية الأحداث.

يضم الكتاب معلومات لم تنشر من قبل، بل غير معروفة إلا في دوائر محدودة من قادة التنظيم.

كتاب يتناول أحداثا لم تصبح بعد من التاريخ، أبطالها مناضلون وسياسيون وشرطيون وجواسيس ورؤساء دولة وضباط سامون، وأطفال ...

يصور الكتاب مواقف محزنة يتحول فيها الإنسان إلي وحش كاسر يأكل جسد الإنسان بالسوط والكهرباء والفلفل الحارق (...)، لكنه لم يخل من لقطات خفيفة ، مثل هذا العسكري الطيب الذي يحرس معتقلين في حامية الهندسة العسكرية ويحدثهم عن اعتقال " عصابة غنية يرأسها الكوري ولد حميتي" ( كوبانية راص مالها امسند شيخها ولد حميتي). وزميله الذي جاء إلي المعتقلين يسأل عن رجال من قبيلة كنته عذبهم رجل من أهل بارك الله ( عيل من كنته باطهم حرطاني من أهل بارك الله). في إشارة إلي مسؤول أمني كبير

الشيخ بكاي