جريدة بعثية : كان معاوية بسيطا و داداه متواضعا و هيدالة بدويا لكن الجشع التهمهم !

جمعة, 2016-10-07 17:02
غلاف العدد الجديد من الجريدة الذي أرسل إلى عدة مواقع موريتانية في إيميل مشترك

الحوار السياسي .. قفزة إلى الفراغ ᴉᴉ

عجيب أمر الحوار السياسي في موريتانيا .. ففي كل مرة يجري استنفار القوى السياسية الجدية و " الاصطناعية " لهذا اليوم الذي يتطلع إليه جميع الموريتانيين بلهفة ، فإنه ما إن يقترب اليوم المجموع له الناس ، حتى يتسرب حلم الحوار الجدي و ينقلب الأمل إلى ألم الفرقة و التجاذب لدرجة أشد حدة و أقل مسؤولية ؛فيضيع الشعب في تيه التصريحات و التصريحات المضادة ؛ فلا يهتدي المواطن إلى الحقيقة لكثرة ما يتردد على مسامعه من وجهات نظر متضاربة .إن شعبا – كالشعب الموريتاني الذي يطحنه الجوع و الجهل و الأزمات الاجتماعية و القحط الثقافي و الإفلاس الأخلاقي بنخبته ،- لهو أحق الشعوب بالشفقة و الرحمة . فالشعوب الأخرى – وخصوصا من الوطن العربي تعاني ويلات أكثر إيلاما في نتائجها المادية و البشرية ، ولكنها تحتفظ دائما بالأمل في توقف كوارثها ، لأن قسما من نخبها يظل يحتفظ بروح الوطنية و يتعالى على مسلكية الارتزاق بنخبيته ، بينما الشعب الموريتاني اليوم يقاسي أعلى درجات المعاناة في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الأمنية و التعليمية ، وليس له أمل في نخبة تقوده إلى بر الأمان ، على أي نحو كان . فالنخبة منقسمة على نفسها : إما نخبة جاثمة على السلطة راتعة كالبهائم في منافعها ، وإما نخبة تعمل جاهدة لانتزاع السلطة كليا من أيدي المتمسكين بها ، وإما نخبة تعمل بحكم ميزان القوة لتحصل على نصيب من الكعكة .و في أتون هذا الصراع يضيع أمل الشعب في نخبة لا تكترث بمشاكله و شقائه .و هذا هو ديدن القوى السياسية المتصارعة على السلطة دائما .غير أنما يميز هذا " الحوار" المنعقد الآن هو "بخل " القائمين عليه . و البخل المقصود هنا هو البخل السياسي .ففي المرات السابقة ، كان ثمة درجة من التعبئة السياسية و الإعلامية حول الحوار ، و كان القائمون عليه يعملون على إشراك أكثر من عنوان فيه ، بينما في هذا الحوار يحصل العكس .فالملاحظ يستنتج أن ثمة توجها نحو المحاصصة في السلطة .و إذا صح أن المحاصصة هي ما تتوجه إليه نتائج هذا "الحوار " ، فإن ذلك يؤشر على دنو انفجار سياسي و اجتماعي ، قد يتحكم أصحاب السلطة اليوم بفتح البوابة إليه ، ولكن لن يستطيعوا إغلاقها، أبدا. وما يخشاه البعثيون المقصيون من المشهد السياسي منذ أكثر من عقدين هو أن يستبد اليأس بأصحاب القرار في استدراج القوى المضادة لحوار عديم المعنى متداعي المبنى ؛ فيعوضون عن ذلك بقرارات ناتجة عن الحوار الجاري بين أطراف ما يوحدها على الطاولة و تحت الطاولة أكثر مما يفرقها ، مستصحبين معهم جرعة من الضعف قادرة على القضاء على الحوار و النظام السياسي نفسه و على البلاد برمتها . فتكرار النماذج الفاشلة من قبل ليس من الحكمة ، وفرض أجندتها لن يكون بمقدوره الصمود طويلا . إن آخر ما يشتهي الموريتانيون تذوقه هو الديكتاتورية و طعمها المرير ، لفرط ما عانوا منها على مدى أربعين عاما .ف ( لقد كان ولد الطايع شخصا بسيطا و عاديا و كان ولد داداه رجلا منزو و متواضع كما كان ولد هيدالة بدويا يهرب من المدينة و السلطة ولكن الجشع التهمهم .فكان الثلاثة وحوشا في نهاية أنظمتهم : معاندين ، غير مكترثين ، صم عن النصائح ، عصيين على أي شكل من أشكال التشاور ، واثقين من عصمتهم ، و راغبين في الخلود في السلطة . وكان الثلاثة مهوسين بالتصفيق و المديح )، فكانت عاقبتهم ما يعرفه جميع الناس ᴉᴉ

المصدر جريدة الدرب العدد 30