اليونسيف تنشر تقديرات عن التعرض لتلوّث الهواء وأثره على الصحة في البلدان

خميس, 2016-09-29 23:33

 ثمة نموذج جديد بشأن نوعية الهواء من إعداد منظمة الصحة العالمية (المنظمة) يؤكد أن نسبة 92% من سكان العالم تعيش في أماكن تتجاوز فيها مستويات نوعية الهواء الحدود التي تعينها المنظمة*، وهي معلومات تقدمها خرائط تفاعلية تبرز مناطق موجودة داخل البلدان تتجاوز الحدود التي تعينها المنظمة.

وتقول  الباحثة الدكتورة فلافيا بوستيرو المدير العام المساعد في المنظمة إن "النموذج الجديد الذي وضعته المنظمة يبيّن البلدان التي توجد فيها البؤر الخطيرة لتلوّث الهواء، ويرسي الأساس اللازم لرصد التقدم المحرز في مكافحتها."

ويعرض النموذج أيضاً أكثر البيانات الصحية تفصيلاً والمصنّفة بحسب البلد التي أبلغت عنها المنظمة أكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق بتلوّث الهواء في الأماكن المفتوحة (أو الأماكن المحيطة). ويستند النموذج إلى بيانات مستمدة من قياسات السواتل ونماذج النقل الجوي ومحطات الرصد الأرضية في أكثر من 3000 موقع من المواقع الريفية والحضرية على حد سواء، وهو من إعداد المنظمة بالتعاون مع جامعة باث في المملكة المتحدة.

أثر تلوّث الهواء على صحة الإنسان

يتسبب التعرض لتلوّث الهواء بالمناطق المفتوحة في وقوع نحو 3 ملايين وفاة سنوياً، ويمكن أن يُوقع تلوّث الهواء بالأماكن المغلقة وفيات بالعدد نفسه تماماً، إذ أشارت التقديرات في عام 2012 إلى أن تلوّث الهواء في الأماكن المغلقة وتلك المفتوحة معاً تسبب في وقوع 6.5 مليون وفاة (11.6% من مجموع الوفيات في العالم).

وتُبتلى البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل بنسبة 90% تقريباً من الوفيات الناجمة عن تلوّث الهواء، بواقع يقارب وفاتين من أصل ثلاث وفيات في إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ التابعين للمنظمة.

وتُعزى نسبة أربع وتسعين في المائة من الوفيات إلى الأمراض غير السارية - وخصوصاً منها أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة، ويزيد أيضاً تلوّث الهواء من مخاطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة.

وتضيف الدكتورة بوستيرو بالقول إن "تلوّث الهواء لا يزال يخلّف آثاره على صحة أكثر فئات السكان ضعفاً – من نساء وأطفال ومسنّين، ولكي ينعم الناس بالصحة، فإن عليهم أن يستنشقوا هواءً نقياً من المهد إلى اللحد."

وتشمل المصادر الرئيسية لتلوّث الهواء وسائط النقل غير الكفوءة وحرق الوقود والنفايات في المنازل ومحطات توليد الطاقة العاملة بالفحم والأنشطة الصناعية، على أن نشاط الإنسان لا يتسبب في كل أشكال تلوّث الهواء، حيث يمكن أيضاً أن تتأثر نوعية الهواء بالعواصف الترابية، ولاسيما في المناطق القريبة من الصحارى.

تحسين البيانات المتعلقة بتلوّث الهواء

دقّق النموذج في معايرة البيانات المستمدة من السواتل والمحطات الأرضية لتعظيم موثوقيتها، وحُلِّلت فيه معدلات التعرض لتلوّث الهواء على الصعيد الوطني بالاستناد إلى فئات السكان ومستويات تلوّث الهواء بواقع استبانة شبكية مساحتها 10 كم × 10 كم تقريباً.

وتحدّثت الدكتورة ماريا نيرا مديرة إدارة شؤون الصحة العمومية والمحددات البيئية والاجتماعية للصحة في المنظمة، قائلةً إن "هذا النموذج الجديد هو خطوة كبيرة إلى الأمام على طريق إجراء تقديرات أكثر موثوقية كذلك عن العبء العالمي الجسيم للوفيات التي يتجاوز عددها 6 ملايين وفاة – بواقع وفاة واحدة من مجموع وفيات العالم البالغ تسع وفيات – من جراء التعرض لتلوّث الهواء في الأماكن المغلقة وتلك المفتوحة. ويوجد الآن المزيد والمزيد من المدن التي تتولى رصد معدلات تلوّث الهواء، وتتسم البيانات المستمدة من السواتل بطابع أكثر شمولية، ونحن عاكفون على تحسين عملية تنقيح التقديرات الصحية ذات الصلة."

الخرائط التفاعلية

تقدم الخرائط التفاعلية معلومات عن المعدلات المُرجّحة لتعرض السكان للمواد الجسيمية الديناميكية المنتشرة في الجو التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر بالنسبة إلى البلدان كافة، كما تبيّن الخرائط البيانات المستمدة من محطات الرصد فيما يتعلق بقيم الجسيمات التي يتراوح قطرها بين 10 و2.5 ميكرومتر في حوالي 3000 مدينة وبلدة.

وتضيف الدكتورة نيرا بالقول إن "الإسراع في العمل بشأن معالجة تلوّث الهواء لن يحدث في أجل قريب بما فيه الكفاية، وثمة حلول متوفرة بشأن وسائط النقل المستدام في المدن وإدارة النفايات الصلبة وسبل الحصول على الأنواع النظيفة من الوقود المنزلي وعلى مواقد الطهي، فضلاً عن الوصول إلى الأنواع المتجددة من الطاقة وخفض الانبعاثات الصناعية."

ملاحظات موجهة إلى المحررين:

حدّد زعماء العالم في أيلول/ سبتمبر 2015 غاية ضمن أهداف التنمية المستدامة بشأن الحد بدرجة كبيرة من عدد الوفيات والأمراض الناجمة عن تلوّث الهواء بحلول عام 2030.

وأقرّت المنظمة في أيار/ مايو 2016 "خريطة طريق" جديدة بشأن الإسراع بالعمل في مكافحة تلوّث الهواء وأسبابه، وهي خريطة تدعو قطاع الصحة إلى رفع مستوى رصد تلوّث الهواء على الصعيد المحلي وتقييم آثاره على الصحة والاضطلاع بدور قيادي أكبر في ميدان وضع السياسات الوطنية المؤثرة في مجال مكافحة تلوّث الهواء.

* المبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن نوعية الهواء المحيط

يؤكد نموذج منظمة الصحة العالمية بشأن نوعية الهواء أن نسبة 92% من سكان العالم تعيش في أماكن تتجاوز فيها مستويات نوعية الهواء متوسط القيم المسموح بها سنوياً بالنسبة إلى المواد الجسيمية في المبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن نوعية الهواء المحيط، والمحدّد قطرها بأقل من 2.5 ميكرومتر. وتفيد المبادئ التوجيهية المذكورة بأن الحدود المعينة للمواد الجسيمية البالغ قطرها 2.5 ميكرومتر في المتوسط هي بمقدار 10 ميكروغرامات في المتوسط سنوياً.

وتضم المواد الجسيمية البالغ قطرها 2.5 ميكرومتر ملوثات من قبيل الكبريتات والنترات والكربون الأسود التي تتغلغل في أعماق الرئتين والقلب والأوعية الدموية، وتشكّل كبرى المخاطر المُحيقة بصحة الإنسان.

حملة BreatheLife لمكافحة تلوّث الهواء

تستهل المنظمة في خريف هذا العام تنفيذ حملة BreatheLife، وهي عبارة عن حملة اتصالات عالمية لإذكاء الوعي العام بمشكلة تلوّث الهواء بوصفه خطراً كبيراً يهدّد الصحة والمناخ. وتقود المنظمة حملة BreatheLife بالتشارك مع التحالف الذي يستضيفه برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمعني بالمناخ والهواء النقي للحد من ملوثات المناخ القصيرة العمر. وتشدّد الحملة على كل من تدابير السياسة العملية التي يمكن أن تتخذها المدن (مثل تحسين نظم الإسكان والنقل وإدارة النفايات وتوفير الطاقة) والتدابير التي يمكن أن يتخذها الناس، سواء كمجتمعات أم أفراد، (مثل وقف عمليات حرق النفايات والترويج لزرع المساحات الخضراء وتشييد الطرق المخصّصة للمشي/ ركوب الدراجات الهوائية) لتحسين نوعية الهواء الذي نتنفسه.