ولد مسعود.. حين يغادر أبرز مدراء التعليم بموريتانيا دون اهتمام (مقال)

أحد, 2016-09-25 22:56
مدير ثانوية الامتياز بمدينة انواذيبو محمد الأمين ولد مسعود، تقاعد بعد خدمة 35 سنة لم يحظ فيها بأي تكريم.

غادر مدير ثانوية الامتياز بمدينة انواذيبو محمد الأمين ولد مسعود قطاع التعليم بعد خدمة 35 سنة، قدم فيها الرجل نموذجا فريدا في الأداء والعطاء، وكان بذلك الموظف المثالي والإداري الناجح والمدير بحق.

بدأت مسيرة مدير ثانوية الامتياز في العام 1981، حين قرر الالتحاق بمدرسة تكوين الأساتذة بعد تخرجه من سوريا كأستاذ لمادة التاريخ، ليدرس بذلك 6 سنوات ويعين مراقبا ومن ثم مديرا..

يمتلك المدير الوقور تجربة فريدة في ميدان التأطير وتسيير الأشخاص، ويوصف بكونه الأنظف في التسيير، ومن أحسن مدراء المؤسسات التربوية حاليا، وقد ظلمه التاريخ والوزارة، نشط لا يجامل، منضبط وصبور ولا يستحق أن يخرج صفر اليدين.

تجول المدير بين مختلف ثانويات الوطن من كيهيدي في الجنوب، إلى ازويرات وآدرار في الشمال، إلى انواذيبو على مدى ثلاثة عقود ونصف، كان فيها المدير نموذجا نادرا في المواظبة والتفاني في الخدمة.

ما يثير الاستغراب هو أن يغادر المدير الوظيفة العمومية، رغم كونه من أقدم الأطر والكفاءات الوطنية، دون أبسط تكريم كاعتراف للرجل بخدمة عقود في تربية وصناعة الأجيال.

يتوفر المدير على ميزات قَلَّ أن تجتمع في مدير، منها: حرصه الدائم، ومثاليته النادرة، ورفضه المطلق لكسر القواعد المهنية، أو الخضوع للضغوط أو الابتزاز، مهما كان أصحابها.

يمتاز المدير بكونه استفاد من تكوينات إدارية في فرنسا وبعض الدول العربية؛ منحته خبرة إضافية وعززت من أدائه في إدارة المؤسسات التربوية التي تولاها طيلة مساره الدراسي.

عُيِّن كثير من العاملين مع المدير سابقا بعضهم أمناء عامين والآخرون مدراء جهويين، غير أنه لم يتجاوز عتبة إدارة الثانوية، ربما في لغز لم تفك طلاسمه، ليبقي السؤال محيرا.

ولد مسعود من أكثر أطر الدولة الموريتانية العارفين بالتربية والتعليم، والمواكبين لها منذ أزيد من 3 عقود من الزمن بفاعلية قل نظيرها، وقناعة تامة بالمهنة، لم يزج المدير طيلة مشواره المهني بنفسه في أتون السياسة، وظل يقف على مسافة من كل الأنظمة، ويعتبر أنه كمربٍّ ومدير معني بالدرجة الأولي بمؤسسته وتطويرها، وهو ما أكسبه هيبة كبيرة وصنع له شهرة واسعة في أوساط المهتمين بالشأن التربوي بموريتانيا.

أثنى الوزير السابق للتهذيب با عثمان على المدير قائلا: إنه من أبرز مدرائه الموجودين في القطاع، واصفا إياه بـ"الممتاز"، ورغم ذلك لم يتم تكريمه بعد أن ربي أجيالا لعقود، لا يزال المدير الوقور حاضرا في أذهانها بجديته وعطائه.

أدار المدير ثانوية انواذيبو سنوات عديدة قبل أن ينتقل عنها، ويعود إليها مديرا لثانوية امتيازها الجديدة.

في الغالب ما تحقق المؤسسات التعليمية التي أدارها تفوقا ملحوظا، حيث احتلت ثانوية الامتياز 2015 الرتبة الثانية في البكالوريا وفي شعبة الرياضيات، وقبلها معظم الثانويات التى أدارها.

ولم يعرف لحد الساعة كيف تفرط الدولة الموريتانية في مثل هذا النوع من المدراء، وتتركه في الشارع حتى أنها بخلت عليه من أن تمنحه الفصل الأول رغم أن تقاعده رسميا في ديسمبر 2016.

سيدي ابراهيم ولد الداه/ كاتب صحفي.