المفتش ول ابياه .. أقالوه وأي فتى أقالوا / باركلل ولد عبد الله ولد دداه

أحد, 2016-08-21 22:22
باركلل ولد عبد الله ولد دداه

شكل قرار إقالة المفتش السيد احمد سالك ول ابياه، في رأي الكثير من المطلعين من داخل النظام وخارجه، خسارة كبيرة للجهاز الرقابي للدولة وللنظام الموريتاني ككل. ولم يصاحب قرار الإقالة توضيح رسمي لملابساته فأطلق العنان للشائعات وفتح الباب على مصراعيه أمام التحليلات والتأويلات. ومن المفارقة المتوقعة لمن يعرف المفتش المقال أن تلك التحليلات طرحت الكثير من الاحتمالات ولم يتطرق أي منها لإمكانية الطعن في نزاهة ومصداقية وكفاءة السيد ول ابياه، فقد ظهرت كمحل إجماع بين المتتبعين للشأن العام من داخل النظام ومن خارجه.

  • ول ابياه .. إطار متعدد الكفاءات:

خريج مدرسة عليا للتسيير بفرنسا، يجمع إلى الذكاء المتقد وخبرة أزيد من 20 سنة في وظائف سامية في مجالي المحاسبة والتسيير بين القطاعين الخاص والعام.

أدار المفتش أحمد سالك ول ابياه العديد من الملفات الحساسة سياسيا واجتماعيا كالحملة الإعلامية التي كرست لوصول النظام الحالي. وكانت لعلاقاته الاجتماعية الواسعة وخطابه السياسي المقنع الفضل في تكريس فكرة محاربة الفساد وتجديد الطبقة السياسية وغيرها من المشاريع التي تبناها النظام وبنى عليها استراتيجيات وسياسات وطنية ثم تولى مهمة التفتيش في المفتشية العامة للدولة.

من أهم ما يميز شخصية ول ابياه مما لا يمكن أن يخطئه بصر أو بصيرة كل من يلقاه، تلك الموسوعية العلمية والثقافية بحيث تستوي لديه عويصات الفقه الخليلي بشوارد لغة موليير. ولم تشغله الرواية والدراية الأدبية والموسيقية المزدوجة عن إتقان آخر نظريات الاقتصاد وتقنيات المحاسبة.

إلى ذلك، تميز بمعرفة واسعة لكل مكونات الشعب الموريتاني وتاريخ الدولة الموريتانية. ما خوله نضجا فائقا في خطابه السياسي ونجاحا باهرا في كل مهمة يقوم بها من أجل النظام وفي خدمة قناعاته.

 

  • ول ابياه .. رجل المهمات الصعبة:

المهنية في الممارسة التي تتجلى في تقاريره التي أصبحت مرجعا للكثير من زملائه في المفتشية وفي أجهزة رقابية أخرى، والنزاهة في التسيير المعروفة عنه من جميع من عرفه عن قرب، والحزم في القرار حيث لا يلين للضغوط ولا يحجم في إظهار قناعته بالحقيقة واتخاذ الإجراءات مهما كانت عواقبها وضد من كانت. كل تلك المسائل كانت من بين عوامل جعلت من المفتش أحمد سالك ول ابياه مرجعا يلجأ إليه النظام في قضايا كانت من أعقد الملفات التي تصدت لها الدولة في محاربتها للفساد. لم يكن أولها ملف الخزينة العامة الذي يضم شخصيات وازنة ومؤسسات بكاملها، وملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصفقة البنك الدولي لشبكات الألياف البصرية.

 وكان آخرها تلك المهمات الصعبة التي دأب على تحملها بنزاهة وكفاءة عالية مهمة قيادة التحقيق الموسع فيما بات يعرف بفضيحة الأسمدة في سونيمكس.

لا شك أن تولي التحقيق في ملف يتشابك فيه البعد الأمني والاجتماعي ويختلط فيه الاقتصادي بالسياسي لا يمكن أن يختار له إلا من يوثق في كفاءته ونزاهته ولا يمكن أن يقبل التكليف به إلا من لديه الخبرة والحزم للتصدي لهكذا مهمات.

بعيد تقديمه لتقريره النهائي تفاجأ زملاؤه برسالة من الوزارة الأولى تحمل قرار إقالته، كان السؤال الأول الذي طرحه المفتش العام للدولة على زميله المقال: هل تم استدعاءكم لمهمات أخرى؟ وكان الجواب: لا ليس لي علم لا بالإقالة ولا باستدعاء لمهمات أخرى.

هي إذن مجرد أياد خفية سعت به كما فعلت مرارا وتكرارا في كل تحقيق يوكل إليه، ونجحت هذه المرة في إقناع دوائر القرار في الوزارة الأولى بإصدار قرار إقالته ليترك للمتتبعين أسئلة مفتوحة تبحث عن جواب.

 

  • الأسئلة المفتوحة:

يتطلع الرأي العام الوطني لإظهار ملابسات قرار الإقالة هذا، فقد كثر فيه القيل والقال ونشرت فيه الصحف الصفراء وتلك الإلكترونية تحليلات كثيره. فقد ترك الباب مفتوحا لمجموعة من الأسئلة لم تجد توضيحا.

هل أن السيد احمد سالك ول ابياه كان ضحية صراع مجموعة قبلية وازنة أراد أحد طرفيه استخدام قضية سونيمكس ضد الطرف الآخر؟ فقد سعت إليه مجموعات من الطرفين للضغط عليه أكثر من مرة عن طريق محيطه العائلي وأصدقائه وكان جوابه في كل مرة: لن أرضخ لضغط من أي كان من أجل إلصاق التهمة بأي طرف بريء ولن أبرئ منها من ثبتت عليه.

هل تكون الأطراف المتضررة من التحقيق في قضية سونيمكس أثرت على التقارير الأمنية التي كانت تعدها أجهزة الأمن خلال مهمة التفتيش من أجل توجيه مسار القضية؟ أم أن العاملين تضافرا أم غير ذلك؟       

المؤكد أن قرار الإقالة هو خسارة لا تعوض للجهاز الرقابي وللنظام وللوطن الموريتاني ككل. ويجب ألا يقبل النظام أن تعصف ملفات الفساد بالمفتشين الذين يتولون إدارتها فيخسر بذلك في كل مرة كفاءات قل أن تتكرر.

يجب ألا يخسر النظام كفاءة نادرة كالمفتش ول ابياه، هذا ما يطالبه به شخصيات كبرى من داخل النظام ومجموعات قبلية من كل أنحاء الوطن كما يطالب به زملاؤه في المفتشية وفي الهيئات الرقابية والتنفيذية والحزبية في الدولة.

بقلم : باركلل ول عبد الله ول دداه