يورو 2016.. نسخة باهتة وكريستيانو رونالدو أبرز الفائزين

اثنين, 2016-07-11 23:12

بفضل قدرتها على تجاوز الصعاب، توجت البرتغال بكأس أمم أوروبا في نسخة باهتة منها لم تشهد مباريات ممتعة سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهزيمة موجعة للفرنسيين أصحاب الأرض الذين كانت كل الرياح مواتية لأشرعة سفنهم.

خاضت فرنسا النهائي بصفوف متكاملة وبأسماء لامعة مثل أنطوان جريزمان وديميتري باييه وبول بوجبا، بينما فقدت البرتغال أهم أسلحتها على الإطلاق؛ كريستيانو رونالدو صاروخ ماديرا، وظن الجميع أن رفع الـ(بلوز) للكأس الأوروبية ليس سوى مسألة وقت.

لكن الرياح أتت بما لا تشتهيه سفن الرياضة الفرنسية على الإطلاق، فقد تقمص اللاعب البديل إيدير دور المنقذ للأسطول البرتغالي المتخبط المحبط بهدف قاتل في الوقت الإضافي، ليوجه الدفة البرتغالية نحو منصة التتويج في لحظة ملحمية.

لم تقدم فرنسا ذلك الأداء المبهر في يورو 2016، لم تقدم سوى روح قتالية أمام أيسلندا في ربع النهائي، وشوطا ثانيا جيدا أمام ألمانيا في نصف النهائي.

لكن تألق أنطوان جريزمان هداف البطولة بستة أهداف كان ما أضفى بريقا أخاذا على (الديوك)، رغم أن نجم مهاجم أتلتيكو مدريد الإسباني انطفأ بغتة في اللحظة الأهم ليخسر ثاني نهائي له في شهرين بعد السقوط في نهائي دوري الأبطال الأوروبي. وتنطبق نفس حالة الخسوف هذه على بول بوجبا الذي كان الحاضر الغائب في يورو 2016.

أثير الجدل حول نظام البطولة واعتبار أن 24 فريقا عدد مبالغ فيه، لكن الإخفاق كان من نصيب المنتخبات الكبرى وليس الصغرى، فقد فشلت إسبانيا وإنجلترا وبلجيكا وليس ألبانيا وأيسلندا وويلز.

وتعد هذه النسخة من البطولة فرصة مثالية للتأمل، لأنه حتى ألمانيا بطلة العالم ودعت البطولة القارية الأوروبية تلعق جراحها.

الأمر لا يتعلق بالنتائج فبلوغ نصف النهائي لا يعد فشلا، ولا أن فريق المدرب يواخيم لوف قدم أداء سيئا، لكنه فوق كل شيء كان يفتقر لهويته التي أبرزها خلال المونديال.



تعرض لوف للخذلان من الأعمدة الرئيسية التي كان يرتكز عليها المانشافت، بدءا من ماريو جوتزه في دور المهاجم الوهمي وحتى توماس مولر الذي بدا تائها ولم يسجل في 12 مباراة من كأس أمم أوروبا، رغم أنه أحرز 10 أهداف في 13 مواجهة بكأس العالم.

أضيف إلى ذلك إصابة المهاجم المخضرم ماريو جوميز ولاعب الوسط المميز سامي خضيرة، لتتجرد الماكينات من أهم أسلحتها، وجاءت ركلة الجزاء المشكوك في صحتها والتي تسبب فيها باستيان شفاينشتايجر وأحرز منها جريزمان هدف فرنسا قبل نهاية الشوط الأول، لتقضي على أي أمل للألمان.

ويغادر المانشافت أراضي بلاد الغال غير عالم بمصير نموذجه الذي قدمه مؤخرا، ولا حتى مصير مدربه الذي ترك الباب مواربا أمام عقده مع الاتحاد الألماني والذي يستمر حتى مونديال روسيا 2018.

وبنتيجة أسوأ عادت إيطاليا إلى قواعدها أكثر سعادة. فقد كانت التوقعات بشأنها متواضعة للغاية لا سيما بعد وقوعها في مجموعة الموت مع كل من بلجيكا والسويد وأيرلندا.



لكن الأداء القوي أمام إسبانيا والفوز 2-0 مهد لرفع سقف التوقعات الذي تهاوى تماما بعد الخروج أمام ألمانيا في ربع النهائي لكن بركلات الجزاء.

أما إسبانيا وإنجلترا، واللتين خاضتا البطولة بآمال أكبر، فقد ودعتا يورو 2016 من الباب الخلفي، ولا تزالان تبحثان عن أسباب الإخفاق الكارثي.

وجد أبطال أوروبا السابقون أنفسهم بعد مباراتين (أمام التشيك وكرواتيا)، مرشحين للقب وتسلحوا بالثقة أمام كرواتيا في مباراة تقدموا فيها بهدف متأخر لكن الكروات في النهاية صرعوا الماتادور بهزيمة أجبرته على مواجهة نارية أمام إيطاليا ظهر خلالها واضحا أنه لم يتم الاستعداد لها جيدا.

ووضعت استقالة فيسنتي ديل بوسكي من تدريب (لا روخا) والمصالحة مع الحارس المخضرم إيكر كاسياس، الرتوش الأخيرة على نهاية الحقبة الذهبية في تاريخ منتخب إسبانيا.



ومن الجزر البريطانية وبفضل وجود جيل جديد من اللاعبين المفعمين بحماسة الشباب والمواهب الواعدة، انطلق المنتخب الإنجليزي بآمال كبيرة صوب الأراضي الفرنسية. لكن وكما هي عادة (الأسود الثلاثة) أصيب كل شيء بشلل مبهم.

فقد اختفى الشباب فجأة وعجز واين روني عن تولي القيادة داخل الملعب بينما غابت الحلول تماما عن ذهن المدرب روي هودجسون. بعد دقائق معدودة من السقوط المدوي أمام أيسلندا، تقدم هودجسون باستقالته.

ومنذ ذلك الحين لا يزال الاتحاد الإنجليزي يبحث عن بديل لهودجسون من بين مرشحين أقربهم جاريث ساوثجيت وبرندان رودجرز.

كانت يورو 2016 بطولة المغمورين. انتزعت أيسلندا عشق مشجعي كرة القدم من كل أنحاء العالم سواء بفضل الجمهور الودود أو الأجواء الجديدة التي أضفتها مشاركتها في البطولة والروح القتالية للاعبيها.

كذلك خطفت ويلز القلوب، بعد أن كان هذا المنتخب يحتل المركز الـ117 قبل خمسة أعوام، لكنه بلغ نصف نهائي البطولة نتيجة تألق آرون رامسي والظهور الرائع لجاريث بيل.

أخفق رجال المدرب كريس كولمان في مباراة وحيدة وخلال ثلاث دقائق فحسب أمام البرتغال بهدفين سجل أحدهما كريستيانو رونالدو وصنع الآخر لزميله ناني، لينهيا مسيرة رائعة للبريطانيين ويضعا (برازيل أوروبا) في النهائي.

ويعد كريستيانو رونالدو هو الفائز الأبرز في هذه البطولة، فقد حقق أخيرا حلم الفوز ببطولة مع منتخب بلاده، وعاد مجددا لفرض نفسه ضمن المرشحين لنيل جائزة الكرة الذهبية.