قمة الأمل في قلب الدبلوماسية الموريتانية / د.محمدالخامس أبو المعالي

سبت, 2016-07-02 08:20

تستعد موريتانيا لاستضافة قمة جامعة الدول العربية آخر يوليو القادم، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ استقلال البلاد وتأسيس الجامعة..

استضافة القمة يأتي في وقت يتضح فيه أن الدبلوماسية الموريتانية ، بدأت منذ سنوات تركز على إستراتيجية تراعي امتداد البلاد في العالمين العربي والإفريقي والإسلامي أيضا.

فاستضافة القمة العربية لا تبدو غريبة على موريتانيا وهي التي خرجت للتو من قيادة القارة الإفريقية، وكان أداؤها فيها محمودا.

حادثان  : رئاسة الاتحاد الإفريقي واستضافة القمة العربية، يوحي كل منهما وحده بعدة معطيات منها:

  ــ أن موريتانيا بدأت تستفيد من واقعها الجغرافي المتميز وعمقها الاستراتيجي الهام.

ــ أن نواكشوط لم تعد تقبل بوضعية العضو الذي إذا غاب لا ينتظر وإذا حضر لا يستشار .

 ليس من الخفي على أحد أن الخارجية الموريتانية، ظل أداؤها يقتصر على حضور القمم الإقليمية والدولية ، دون أن يكون لها دور ذا بال في مجريات الأمور، كما ظل الأداء الدبلوماسي مبعثرا وغير مدروس، لذلك بقيت نواكشوط ولوقت طويل غير معنية بالهم الخارجي حتى القريب منه المؤثر على المصالح العامة .

فلم يكن لموريتانيا حضور في القارة الإفريقية بحيث يؤثر في منظماتها الإقليمية وتسمع صوتها من خلال تلك الهيئات، كما لم تتجه إلى المحضن العربي بالقدر المطلوب، بما يتيحه ذلك من فرص عديدة في مقدمتها الاستفادة من الوزن العربي الهام سياسيا فضلا، عن جلب الاستثمارات، وتشغيل اليد العاملة... ،.

سياسيا: لقد نجحت موريتانيا في قيادة الاتحاد الإفريقي، وتمكن الرئيس محمد ولد العزيز من حمل هموم الأفارقة إلى المحافل الدولية،فوقف أمام الجميع لافتا إلى ما تعانيه القارة من صراعات بينية وتخلف اقتصادي وعلمي .. متحدثا عن الدور الخارجي، لكن دون أن يتحامل على أي كان.

ميدانيا:لقد زار الرئيس الموريتاني مناطق من بعض دول القارة ، وقد ظل رؤساء تلك الدول  يتهيبون زيارتها، وهو ما كان له بالغ الأثر في تقريب وجهات النظر بين المتصارعين والتحرك بجدية نحو المفاوضات .

إن موريتانيا وهي تستعد لاستضافة القمة العربية (قمة الامل ) ، تضع في الحسبان ما تعانيه المنطقة العربية، للأسف من صراعات تهدد بعض الدول في وجودها( العراق وسوريا واليمن وليبيا الصومال.. )، من جهة، كما أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يدرك من جهة أخرى تجذر هذه المشاكل وتعمقها، لكن خبرة  رئيس الجمهورية السيد محمدولدعبد العزيز ، وحيوية الدبلوماسية الموريتانية النشطة والمرنة الجديدة والتي حققت نجاحات ديبلوماسية علي المستويين العربي والإقليمي؛وهو ما تعكسه المنجزات الحالية للخارجية الموريتانية المتجسدة في مسويات عديدة يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

 

  • تفعيل دور موريتانيا كعنصر دولي حيوي ومن ملامح ذلك حضور كفاءات موريتانية وازنة في هيئات الأمم المتحدة تلعب مهمام الوساطة الدولية؛
  • تعيين مسؤولين موريتانيين أكفاء في مراكز محورية في بعض اللجان المتخصصة في الأمم المتحدة( لجنة مناهضة التمييز العنصري ضد المرأة، ولجنة حقوق الانسان، منظمة الصحة العالمية...).
  • الانفتاح المشهود للخارجية الموريتانية على مختلف مستويات المنتظم الدولي؛ وهذا معطى دبلوماسيا استراتيجيا يوفر العديد من فرص التنمية والاستقرار ودعم الشركاء الماليين والفنيين؛
  • تقوية المناخ العام للاستثمار الأجنبي العابر للقارات؛
  • جو الارتياح السائد في أوساط الدبلوماسية الغربية والعربية والافريقية تجاه موريتانيا وتأهيلها للفعاليات الدولية والاقليمية ووضع الثقة في مسؤوليها وجدارتهم في إدارة هذه الفعاليات كما هو حال القمة العربية الحالية، ومن الوارد التأكيد على السر في هذه الثقة مادام تسيير شأن الدبلوماسية الحالي مُسنَدا لكفاءة متميزة قادرة على قيادة حقيبة الخارجية بحنكة وتمرس تماما مثل سابقتها من الوظائف السامية التى شغلها عبر مساره السياسي الفعال.

 وصفوة القول مما سبق إن القمة العربية الحالية تشكل منعطفا حاسما في التاريخ الديبلوماسي الموريتاني ثقة من المحفل العربي وتتويجا للفعالية المشهودة للقيادة بهذا الصدد.

ومن شأن هذا النجاح أن يساهم في بلورة رؤية موضوعية تأخذ في الحسبان الواقع والتحديات وتتطلع للوصول إلى  الحلول المناسبة.

فهذه القمة هي تدشين لموريتانيا الإيجابية المُشَاورة والمُنتظرة وتجاوز لحقبة السكون والكمون ، فموريتانيا بمسؤليتها الدبلوماسية الجديدة الحضارية والأخلاقية لم تعُد تقبل للأشقاء أن يقفوا مكتوفي الأيدي دون تحريك ساكن لمشاكل تبقى مهما تعاظمت قابلة للعلاج أو الحلحلة.