قمة انواكشوط العربية... نجحت قبل أن تنعقد / أحمد المصطفى

أحد, 2016-06-12 13:26

في موريتانيا الصائمة القائمة ، منارة العلم ورباط المعرفة ، البوابة الغربية للوطن العربي الكبير ، لا صوت يعلو هذه الأيام على إيقاع تحضيرات القمة العربية العادية الـ 27 ، قمة الأمل التي تحتضنها انواكشوط يومي 25 و 26 يوليو 2016.

كل مسارات التحضيرات المؤدية لعقد قمة ناجحة باتت سالكة داخليا وخارجيا ، فالأوراش الداخلية تتناغم والعقول تتزاحم والإرادات تتشابك بوتائر تبشر بأن موريتانيا باتت في الموعد على كافة مستويات احتضان قمة عربية ناجحة.

ومؤشرات نجاح القمة لا تخطئها البصيرة على أكثر من صعيد ، فالقرار الشجاع الذي اتخذه الرئيس محمد ولد عبد العزيز باحتضان قمة كانت دورية انعقادها العادية حسب الترتيب الأبجدي تمنح موريتانيا فرصة للتحضير لغاية منتصف 2017 في الحالة العادية هو قرار شجاع أنقذ دورية القمم العربية من الارتباك في ظرف عربي حساس ودقيق للغاية ، من منطلق أن الأهم هو أن يلتقي الأشقاء العرب على أعلى مستوى وكل ما كان هنالك لقاء تزاحمت العقول وتشابكت الارادات وخرج الصواب.

ارتكز القرار الموريتاني على نظرة ثاقبة للجانب المليان من كوب العمل العربي المشترك ومثل جنوحا مبررا للتأسيس عليه لتدبر الموجود واستشراف الموعود.

فما فائدة القمم إذا لم تعقد في أوقات الأزمات؟ وما جدواءيتها  إذا تحولت إلي كرنفال لوجستيكي لا يلامس جوهر المعاناة العربية التي وصلت المستوى الحدي للتقبل؟

مثل قرار احتضان القمة النجاح الأول ومثل التجاوب الداخلي المنقطع النظير لكل أوساط الشعب الموريتاني المرحب بانعقاد القمة رافعة حقيقية لاحتضان حدث عربي رائد أصبح شأنا وطنيا وقوميا مجمعا عليه النجاح الثاني ، ومثلت المواقف العربية الأخوية الداعمة للقمة وترحيب معظم القادة العرب بالمشاركة فيها نجاحا كبيرا خلق ديناميكية هائلة لتفعيل العمل العربي المشترك والارتقاء به نحو بر أمان جديد ، كما عكس هذا التلقي المكانة العربية البارزة التي تحظى بها موريتانيا كدولة مجمع عليها رغم تأجج الخلافات البينة.

من مؤشرات النجاح المبكر لقمة انواكشوط قمة الأمل اقرار وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الأخير في القاهرة لجدول أعمالها مسبقا بإجماع سريع عكس جنوحا عربيا حقيقيا لولوج مرحلة جديدة يتطلع إليها أبناء الأمة من المحيط إلي الخليج.

يعكس كل هذا الحراك العربي الإيجابي نحو قمة انواكشوط إرادة عربية صادقة لحقن الدماء ولم الشمل وتفعيل العمل العربي المشترك في جوانبه المتعلقة باخماد الصراعات ومواجهة التطرف والغلو وتصدير الطائفية وتجفيف منابع الفكر المأزوم والقضاء على البؤر الارهابية ، كذلك يتوقع لقمة انواكشوط أن تكون مناسبة لتعزيز الأمن القومي تأسيسا على المستجدات والمتغيرات التي يشهدها العالم العربي في إدارته للصراعات التي تستهدف الأمن القومي ، فالقرارات الشجاعة التي اتخذتها دول عربية كالسعودية لصيانة الأمن القومي في محيطها الإقليمي بوسائل ذاتية وقومية مجمع عليها مثلت نقلة نوعية في حماية الأمن القومي العربي يمكن تعزيزها والقياس عليها لمواجهة بؤر تظهر هنا وهناك.

كذلك يتوقع أن تقيم قمة انواكشوط  وتحين مبادرات السلام العربية والدولية ومستجدات الصراع العربي الاسرائيلي وتخرج بآليات جديدة تضمن الحق العربي وتصون كرامة الشعب الفلسطيني المكافح وتكرس حقه في دولته وفي مقدساته التي لا تنازل عنها.

كذلك يتوقع أن تسفر قمة انواكشوط عن اعتماد استراتيجية اعلامية عربية لمواجهة الارهاب والغلو والتطرف وكل مظاهر الفكر المأزوم داخليا وخارجيا ، ولا يستبعد أن تؤسس قمة انواكشوط لفتح مسارات تكامل أمني مع القارة السمراء التي تواجه دولها نفس المخاطر وتسعى لرفع نفس التحديات ، فالعرب يعتبرون موريتانيا أقصر طريق إلي افريقيا والأفارقة يعتبرونها بوابة العالم العربي وموريتانيا كانت دائما رائدة في توطيد اللحمة العربية الافريقية في الأوقات الصعبة ودورها كان فاعلا عام 1973  في تحفيز وتاطير مقاطعة الدول الافريقية لإسرائيل تضامنا مع القضية العربية وهي مؤهلة اليوم لأن تشكل رأس قاطرة التعاون والتكامل العربي الافريقي في مواجهة الارهاب والغلو والتطرف  وكل مظاهر الاجرام العابر للحدود.

نجاحات أخرى متوقعة

على الرغم من أن القمم العربية منذ 1946 إلي اليوم عقدت بمن حضر فإن المتوقع أن تشهد قمة انواكشوط حضورا مكثفا للقادة العرب من الصف الأول والثاني ولصناع القرار ولقادة الرأي ولمسؤولي المنظمات والهيئات الدولية والاقليمية ولمجموعات مؤثرة من المراقبين والمتابعين ، وتشير كل التوقعات إلي أن أزيد من 4 آلاف شخص من مختلف المستويات سيحضرون وقائع قمة انواكشوط قمة الأمل التي نجحت داخليا وخارجيا قبل أن تعقد والتي يؤمل أن تمثل مخرجاتها نقلة نوعية للعمل العربي المشترك على كل الأصعدة وسيمثل الارتقاء بهذا العمل خلال رئاسة موريتانيا التي تمتد سنة نجاحا آخر يراهن الموريتانيون والعرب على تحقيقه بإذن الله.

بقلم: احمد مصطفى