السجين إبراهيم ولدبلال يكتب : لحراطين من الإهانة إلي الكرامة

خميس, 2016-05-12 10:25

مرة أخري يعبر الجنرال عن إحتقاره للحراطين و إنكاره لجهودهم في بناء هذا الوطن !

مرة أخري نسمع خطابا مقززا و مهينا لأكثر من نصف المجتمع الموريتاني , قبل أشهر في انواذيبو خرج علينا الرجل بسؤال تهكمي : من هم لحراطين ؟ و لو كان للرجل علم بالمنطق "البرهان بالخلف" لوجد الجواب من خلال التساؤل المقابل : من هم البيظان؟

فلحراطين هم ؤلئك الذين يتكلمون الحسانية و يلبسون الدراعة و الملحفة و ليسوا بيظان!كما أن البيظان ليسوا احراطين , و لا يريدون أن يكزنو كذلك !

إنها علاقة المستغل و المستغل .

 ليعلم الرئيس بأن الفيئات و الإسميات و القوميات و الشرائح كلها ظواهر تاريخية . يعني أن ثمة ظروف تاريخية و وقائع عرفها الزمن هي التي أنتجت هذه الفئة أو تلك القومية. مثلا : ظاهرة العبودية و تجارة الرقيق التي كانت - قبل ظهور الميثاق السياسي - هي السلعة الوحيدة المتداولة في بلاد شنقيط .

فإنتشار العبودية و تداول فقه النخاسة و تحولات الزمن كلها عوامل أدت إلي ظهور لحراطين ( العبيد و العبيد السابقين و الخظارة ) إلا أن عوامل سياسية دعت إلي ضرورة تقزيم هذه الظاهرة(لحراطين) و تذويبها في فئة البيظان حتي تكون بذلك الأخيرة أغلبية تستحق - حسب منطق الغبن - أن تستأثر بالمال و السلطة و الدين علي حساب مكونات المجتمع الأخري ( البلار و الولوف و السونيكي ) لكن المفارقة هي في كون لحراطين - إذا سلمنا جدلا بأنهم جزء من المجتمع الحساني - فهم أغلبية الأغلبية عدديا و مع ذلك - وفي الواقع - فهم الأقل إستفادة مما حظيت به الأغلبية من سلطة و ثروة و غيرهما ؟!

إن علاقة لحراطين بالبيظان تشبه علاقة الأمريكين البيض بالسود , فهم يتكلمون نفس اللغة و يلبسون نفس الأثواب مع إختلاف كل منهما بخصوصياته لكنهم ليسوا كلهم "إنصاره" . و لأن ؤلئك القوم يحترمون القواعد بدءا باللغوية : فالبياض و السواد لونان بينهما تضاد فالبيظان تعبير عن إسم صفة من البياض الغالب , فعبارة مثل "بيظان بيظ" هي من باب تحصيل حاصل و "البيظان الكحل أو الخظر" فهو تعبير متناقض , و لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق قاعدة التداخل علي الإثنين و إلا كانت البغلية هي الناتج.

قديما قال ماركس كارفي إن الباعث الحقيقي علي تغلب المستغل علي المستغل هو غباء الأخير و غروره و جهله بالطبيعة البشرية التي تعاف الإهانة .

فهل يعتقد الجنرال أن الآلاف التي إستمعت إلي خطابه في النعمة و التي جيئ بها في مؤخرات السيارات لم تفهم تجاهله و إحتقاره لها . ألم يقل ولد الطايع يوما أن عبيد الأمس و خدام المنازل أصبحوا "يفتو..... يفتو"ألا يدرك الجنرال أن الحراطين الواقفين أمامه في النعمة في ثياب رثة و بطون جائعة و الذين يمثلون أكثر من 80 في المائة من الحاضرين لا يستفيدون من الدولة مثقال ذرة فلا منتخب و لا وزير و لا جنرال و لا رجل أعمال من لحراطين من الحوض الشرقي.و مع ذلك - وفي تناقض صارخ- يعيب عليهم الرئيس كثرة نسلهم , بدل أن يمكنهم من وسائل الإنتاج و يفتح لهم المدارس و الجامعات و المنشآت الإقتصادية؟!

هذا الجنرال بعد نفيه لوجود العبودية و بعد تجاهله لمكونة لحراطين ,إن من آثار الإسترقاق الأكثر فداحة في مجتمعنا ما أسماه " فوضوية النسل " و عدم تناسبه مع الدخل" ... إن ذلك أخطر بكثير من الإستعباد و هاجم مناهضي العبودية - علي عادته- أنهم أناس يشوهون سمعة البلد و يبحثون عن منافع شخصية! فعن أي سمعة يتحدث الرئيس ؟ و العالم الحر لا يعرف موريتانيا إلا من خلال تصدرها للدول الإستعبادية !أما كون فوضوية النسل أخطر من الإستعباد فمضحك لأمثاله و مبكي لأمثالنا فليعلم أن أسوؤ ما يمكن أن يوصف به شخص هو الإستعباد كما قال بذلك الرئيس الأمريكي الأسبق - محرر العبيد -  آبراهام لينكون فالفقر مع الكرامة خير من الغني مع العبودية .

 لم يقل رئيس الوزراء الفرنسي الحالي "فالس"إن سبب إنخراط الفرنسيين من أصول مقاربية بجماعات الإرهاب هو فوضوية النسل لديهم و سرعة التكاثر , بل قال بالحرف الواحد إن سبب الرئيسي هو ما تعيشه تلك الأحياء الباريزية من ميز عنصري(لابارتاي) ! فهل يريد رئيس الوزراء الفرنسي تشويه سمعة بلده ؟ بل إن قول الحق مبدأ غربي و عار بل جرم في موريتانيا المسلمة ؟

من منا سيصدق و جود إرادة رسمية لدي النظام الموريتاني القائم في محاربة العبودية و أخواتها ما دام الرئيس يتمنع وراء الإنكار و مع ذلك "يطور" القوانين و ينشأ المحاكم الخاصة بجرائم الإستعباد و قد دشن إحدي هذه المحاكم قبيل خطابه المسيئ  فأي منطق هذا ؟

نفي الرئيس وجود أي سجين الرأي في بلده ! فإلي أي فئة من السجناء أنتمي أنا و رفيقي الرئيس بيرام الداه اعبيد ؟!

فهل سرقنا شيئ؟ أم تشاجرنا مع أحد ؟ أم أن لنا علاقة بشيئ ما ممنوع تعاطيناه أو بعناه.........؟

ثم لماذا و- الحالة هذه - تعاملنا الدولة بطريقة خاصة (إجابية) في المسكن و الزيارات و وسائل الإتصال و حرمان بقية السجناء من ذلك ؟ أليس ذلك دليلا واضحا علي شعور الدولة بالدعم الذي نحظي به من لدن العالم الحر إلي جانب الضغط المستمر الذي تواصله جماهير إيرا الوفية ؟ ثم لماذا ينتهز الجنرال كل الفرص للرد علي آرائنا  و تقزيم نضالنا و تشويه سمعتنا ؟و لماذا يعرض علينا صفقات من أجل شراء صمتنا ؟ و لماذا يعرض علينا الخروج من السجن بطلب حرية مؤقتة و نحن من رفض علي غير عادة السجناء المذنبين؟

لقد واصل الجنرال في خطابه المسيئ اللعب علي الذقون حين تحدث عن العدالة و وصفها بالمستقلة !فعن أي عدالة يتحدث الرئيس فالكل يعرف أن إطلاق سراحنا كما هو حال توقيفنا أصلا و الحكم علينا و تحويلنا الظالم إلي سجن ألاك , ثم إلي سجن انو اكشوط  كل ذلك بأوامر مباشرة من محمد عبد العزيزو هو الذي سوف يقرر غدا لحاجة في نفسه إطلاق سراحنا.

بقلم ابراهيم بلال رمظان

نائب رئيس إيرا سجين رأي