مقابلة مع الروائي بول ميسون

جمعة, 12/07/2019 - 11:42

رشيد فيلالي - الجزائر  المصدر

مقابلة مع الروائي بول ميسون

"الرواية أكثر تعبيرية"

 

الروائي بول بيري ميسون (Paul Péret-Meyssan) أحد أبرز الأسماء الروائية الفرنسية. نشر حتى الآن روايتين هما "الليلة السحرية لشجرة عيد الفصح" و"سناجب طفولتي". وتصدر له قريبا رواية ثالثة بعنوان "أجنحة ممدودة". يميز نصوص هذا الروائي عموما نجاحه في تحويل حوادث التاريخ ووقائعه إلى منبع إلهام وإبداع وحتى مطية لمطارحات زخمة بين الأنا والآخر.

 

رشيد فيلالي طرح مجموعة من الأسئلة على الروائي الفرنسي، وترجم الإجابات أدناه.

 

رشيد فيلالير ف: سؤال كلاسيكي، كيف أصبحت كاتبا؟ ولماذا تكتب؟

 

ب م : لقد أصبحت كاتبا قبل كل شيء لأنني أحب مداعبة اللغة الفرنسية، وهي في تصوري أفضل أداة لتصوير ومناقشة القضايا التي تعتبر مهمة بالنسبة لي، وكذا نقل رسالة، إشراك الآخرين في أحاسيس ومشاعر ودعوة القارئ لمعالجة انشغالات عامة أو فردية وحتى اجتماعية، وفي الأخير فإن محاولة إيصال المتعة للآخر تبدو لي مسعى أساسيا يستحق العناء.

 

ب م: روايتك الأولى "الليلة السحرية لشجرة عيد الفصح" هي رحلة عبر الزمن، في اتجاه الماضي، وهي فضلا عن ذلك صرخة استنجاد بالعظماء الذين رحلوا عنا منذ سنين. هل فقدت الأمل في المستقبل وفي رجاله؟

 

بول بيري ميسونب م: كتابي الأول ليس رحلة عبر الزمن ولا عودة إلى الماضي، رغم صحة أن أسماء عظماء ممن صنعوا التاريخ استحضروا ضمن هذه الرواية لزيارة عصرنا. لقد حاولت من خلال هذه الرواية إظهار أننا لسنا —في القرن الواحد والعشرين— الوحيدين الذين يملكون التفكير المنطقي السليم والفكر السياسي والحس العملي، أي بالمختصر أن الذكاء البشري هو القدرة المستدامة الموجودة عبر قرون من الزمن. وكما هي الحال اليوم، إذ في الوقت الذي ترانا نلجأ فيه أحيانا إلى خبراء معاصرين في ميادين معينة، فإننا بحاجة أيضا إلى رجال الماضي طلبا للمشورة والاستفادة من ذكائهم، ولم لا إلقاء نظرة كذلك على تجربتهم. إنا فقدان الثقة في المستقبل يعني أيضا رفض النظر في تراث الماضي، فجذورنا تحمل على نحو جيد رصيدا ضروريا لتنميتنا، وكتابي على هذا الأساس يعتبر كتابَ تفاؤل وأمل في المستقبل.

 

ر ف: تمكنت من نسج علاقة شفافة ومرهفة ما بين الأدب والتاريخ، هل في مقدورك أن تعطينا إضاءة بشأن الحدود الفاصلة بين الواقعي والمتخيل في نصوصك؟

 

ب م: إن وظيفة الرواية هي زرع المتخيل في الواقعي. وبالنسبة لي شخصيا ، فإنني عندما أريد كتابة هذا النوع من النصوص، أضع في حسباني مسبقا المفهوم التالي: على جدار واقعي، موصول بالتاريخ، أعلق لوحات لشخصيات خيالية أو وهمية وأحيانا تتقاطع مع شخصيات حية وموجودة في الواقع.

 

ر ف: أرى أن كل كتاباتك تكشف أنك "مهووس" فعلا بالتاريخ، كيف تفسر هذا الاهتمام غير العادي بكل ما هو ماض؟ وما هو الدافع وراء اختيار كتابة رواية تاريخية؟ بكلمات أخرى، لماذا اخترت أن تكون أديبا وليس مؤرخا؟

 

ب م: أنا بالفعل أحب التاريخ ولذلك أهوى توظيفه ضمن رواياتي، لكن ليس فيها جميعا. اقرأ مثلا روايتي "سناجب طفولتي". وللعودة إلى الرواية التاريخية فهذا بالنسبة لي محاولة مني لإعادة إحياء الماضي، إعادة خلق أجواء مرحلة تاريخية انقضت. من هنا فالروائي ضمن هذا السياق يمنح للقارئ فضاء رومانسيا متجذرا في التاريخ وفي هذا الفضاء تتداخل الشخصيات الخيالية مع الشخصيات الحقيقية، والكل يتحرك ضمن إطار مبني بإتقان شديد. الأماكن الخلابة، نبض الأشياء العتيقة، سحرية المشهد. يضاف إلى كل ذلك استحضار الصراعات السياسية والعسكرية والهياكل الاجتماعية والمواجهات الإيديولوجية التي طبعت عصرا بأكمله.

 

ر ف: هل فكرت من قبل في قرض الشعر ،أو الكتابة للمسرح ،أو بسؤال آخر أكثر تلقائية، أم تعتبر كتابة الرواية "رياضتك المفضلة"؟

 

ب م: لقد جانبت الصواب باعتقادك أن الكتابة رياضة. للإجابة على سؤالك، أؤكد لك أنني في شبابي دبجت بعض القصائد الشعرية، غير أنني اليوم أعتبر الرواية أكثر تعبيرية، فهي بالنسبة لي أسهل وسيلة للتواصل مع الآخرين، وتعد لدي بمثابة الرمز والأداة المثلى لحرية التعبير، فإذا ألهمت رواياتي المسرح أو السينما فسيكون ذلك شرفا عظيما لي.

 

ر ف: قلت من قبل إن كل مشاكل العالم مصدرها الأحكام المسبقة، وربما أنت تعالج ذلك في رواياتك. هل في تصورك أن على الكتاب أن يكونوا في نصوصهم وعاظا ومرشدين أخلاقيين؟

 

ب م: لكي أكون بسيطا في ردي على سؤالك، فإن الكاتب يشعل القنديل، وللقارئ خيار أن يستعين بهذا القنديل أو لا يستعين به في إضاءة وجدانه ودربه.

 

تصفح أيضا...