اضطراب الشخصية النرجسية.. أنا أولا وأولا وأولا

أربعاء, 15/05/2019 - 02:12

"الشخصية النرجسية" هي اضطراب يتميز بتضخم ذات صاحبها، فالنرجسي إنسان محب لذاته ومعجب بها حدّ الهيام والولع.

فالشخص النرجسي يحب الظهور، ويتمحور حول ذاته، ويفرط في الإعجاب بنفسه على حساب الآخرين.

وأتى مصطلح "نرجسي" (Narcissism) من الأساطير اليونانية التي تحدثت عن شخص اسمه نرسيس كان شديد الإعجاب بجماله، ودائم النظر إلى وجهه في صفحة ماء بحيرة، إلى أن غرق فيها ومات.

ويعاني النرجسي من اضطراب يتميز بنمط العظَمة الطويل الأمد والحاجة الماسة للإعجاب، حيث تجده دائم الاهتمام بمظهره وحضوره أمام الآخرين.

ووفقا لنظرية عالم النفس سيغموند فرويد عن اضطراب الشخصية النرجسية التي أوضحها في أطروحته التي نشرت عام 1914 بعنوان "مقدمة إلى مفهوم النرجسية"، فإن النرجسي يتميز بالغيرة من الآخرين والعجرفة عليهم.

كما أنه يعاني من فرط الحساسية تجاه آراء الآخرين وعدم تقبلها والسخرية منها، ويعتقد أنه فريد متميز عن غيره، إذ يمتلك شعورا متضخما بأهميته ويستحوذ عليه وهم النجاح والتألق والانشغال في المبالغة بإنجازاته.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يعتمد على الآخرين للحصول على قيمته الذاتية، ويعتقد أنه شخص أساسي وذو أهمية قصوى في حياة من حوله، ولا يقوى أحد على الاستغناء عنه.

وخلف هذه الشخصية التي تبدو واثقة من نفسها حدّ التمرد، تقبع شخصية أخرى -مختلفة تماما- متمركزة حول ذاتها ومعجبة بنفسها حد التضخم، متفننة في اللعب على مشاعر الآخرين وعقولهم.

وعلى عكس ما يظهره هؤلاء من الجرأة والدبلوماسية والاستقرار، فإنهم يفتقرون إلى الاستقرار النفسي والسلام الداخلي، حيث يعانون من القلق المستمر ويلحظ عليهم الانفعال من النقد الموجه لهم ويرفضون سماع الرأي المخالف لرأيهم.

ووفقا لاستشاري الطب النفسي الدكتور وليد سرحان، فإن أصحاب الشخصية النرجسية تبدو عليهم مظاهر العظمة وعدم التعاطف مع الآخرين والحاجة الملحة للإعجاب والإطراء، ويراهم الناس متعجرفين ومتمركزين حول ذواتهم ومتلاعبين، كما أنهم كثيرو الطلبات ويعتقدون أنهم متفوقون وموهوبون، في حين أن داخلهم هشّ.

وهؤلاء لا يتحملون النقد أو الهزيمة أو الرفض، ويريدون فرض عظمتهم بأي ثمن، وتقديرهم للناس يكون بقدر ما يعطونهم من إعجاب وإطراء، وهذا يوقعهم فريسة المحتالين بسهولة.

وتشير الدراسات إلى أن النرجسية أكثر شيوعا لدى الرجال مقارنة بالنساء، وهناك عدة تفسيرات لهذا الفرق بينهما، مثل أن طبيعة الهرمونات في جسم المرأة تدفعها للتصرف بتفانٍ أكثر.

عوامل
ووفقا لدراسات وخبراء، فإن هناك عوامل تربوية قد تزيد من خطر تطوير الطفل شخصية نرجسية، منها:

أولا: تقييم الطفل وتعظيمه أكثر من الواقع (overvaluing)، فالآباء الذين يخبرون أطفالهم بأنهم أكثر تميزا أو يستحقون أكثر من غيرهم قد يلعبون دورا في تطوير النرجسية.

ومع أن الوالدين قد يبالغان في تقدير إنجازات طفلهما بهدف تعزيز احترامه لذاته، فإن ذلك قد يؤدي إلى تعزيز صفات نرجسية ولا يتوقف عند شعور الطفل بالثقة بنفسه.

ثانيا: مدح ذكاء الطفل وليس إنجازاته، إذ إن المدح المفرط للذكاء والقدرات الفطرية الأخرى، يمكن أن يؤدي إلى شخصية نرجسية.

في المقابل، يؤدي الثناء على عمل الطفل الجاد وجهوده إلى تعزيز دوافع القيام بعمل أفضل.

ثالثا: الحب المشروط، إذ ينشأ بعض الأطفال في بيئة يحصلون فيها على الحب فقط إذا حققوا شيئا، مثل نجاح دراسي أو رياضي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ضعف الشعور بالهوية.

وتكمن هذه المشكلة في أن الأب لا يكون مهتما بطفله أو بما يجعله سعيدا، بل كل ما يهمه هو أن تبدو العائلة جيدة للبيئة المحيطة، مما سوف يشعر الطفل بالأمان فقط إذا كان "الأفضل"، مما يؤدي إلى الميول النرجسية.

هذا التقدير المتدني للذات سيؤدي إلى شعور الطفل كما لو أنه يضطر إلى إخماد الآخرين من حوله، حتى يشعر بالرضا عن نفسه.

رابعا: الإهمال، إذ قد يؤدي إهمال الوالدين للطفل إلى تطويره مفهوما غير واقعي عن نفسه، مع شعور مضخم بالذات كآلية لمواجهة إهماله واحتقاره من قبل الأهل، فيصبح نرجسيا.

تصفح أيضا...